عاجل
الخميس 23 يناير 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي
المشهد السياسى إلى أين؟

المشهد السياسى إلى أين؟

بقلم : د .عبد الله المغازى

يسيطر الآن على المشهد السياسى الحالى فى مصر حالة من الضبابية الشديدة والارتباك غير المبرر، سواء على مستوى الحكومة المصرية أو حتى  الأحزاب السياسية، مهما كان حجم تلك الأحزاب وخبرتها وقوتها فى الشارع المصرى، ولا أشعر بجدية من الأحزاب السياسية لمحاولة المشاركة فى بناء مستقبل مصر الحديثة، وإن حاولت بعض هذه الأحزاب جذب العديد من الشخصيات العامة التى لها تأثير فى دوائرها للنجاح فى الحصول على مقاعد فى البرلمان، وقد نجحت أغلبها فعلا وحصلت مقاعد لشخصيات عامة أغلبها من الحزب الوطنى المنحل، وذلك فى محاولة مستميتة حتى تظهر الأحزاب بشكل قوى لادعائها بأنها متصلة بالشارع المصرى على خلاف الحقيقة، دون النظر والبحث عن خلفيات تلك الشخصيات التى تنضم لتلك الأحزاب ومدى وطنيتها وانتمائها للأحزاب أو على الأقل انتمائها لمصلحة الوطن، وهذا لا يقلل من وطنية بعض هذه الشخصيات.
فالحكومة لا علاقة لها بالسياسة من قريب أو بعيد، ورئيس الوزراء بطىء للغاية، ولا أعرف ماذا يريد؟ وأتمنى أن يكون هو شخصيًا يعرف أين يريد أن يذهب بنا جميعا! لأن الأمر سياسيا واقتصاديا مقلق بعد توليه حقيقية، والمشهد السياسى المصرى يحتاج إلى مراجعة من كل الطوائف من أبناء الشعب المصرى، دون النظر للمصالح الشخصية والحزبية الضيقة، وبخاصة الأحزاب المصرية وهى المعول عليها لتخريج القيادات السياسية ذات الطابع السياسى، لأن مصر المستقبل التى نطمح إلى بنائها بأيدى أبنائها تحتاج إلى كتلة صلبة تنكسر عليها كل المؤامرات التى يمكن أن تحاك للدولة المصرية، وهذه الكتلة ممكن أن تتمثل فى ائتلاف قوى داخل مجلس النواب، وهو ضرورة للتأكيد على قدرة الدولة المصرية على إنشاء وتكوين مؤسساتها العريقة، وأيضا حكومة قوية واعية سريعة، وليست تائهة كالحكومة الحالية، بلا رؤية ولا برنامج، وهو ما جعل بعض الأجهزة السيادية تنصح المهندس شريف إسماعيل رئيس الوزراء بضرورة إجراء مقابلات خاصة مع نواب كل مجموعة من المحافظات وتلبية طلباتهم فورا تعويضا عن البرنامج الشكلى للحكومة.
لذلك فإن عدم قدرة البعض من أبناء التيار السياسى فى مصر على قراءة المشهد، بطريقة واضحة وصحيحة، سيجعل من القائمين على الأمر فى مأزق حقيقى، حيث إن ما تمر به مصر من ضعف شديد فى أداء الحكومة والأحزاب السياسية وعدم القدرة على تكوين كيانات سياسية قوية تجذب رجل الشارع البسيط ولذلك فإن الحديث عن السياسة يجب أن يكون من خلال أفراد لديهم مقدرة على دراسة الوضع السياسى فى البلاد ومعرفة كتالوج التحالفات السياسية وعن الانتخابات بصفة عامة.
ويتضح لنا أن ضعف الأحزاب والسبب الرئيسى فى مشاكلها يبدأ من صراعاتها الدائمة، سواء كانت صراعات داخل الحزب الواحد أو بين التحالفات الحزبية، وتبين ذلك بوضوح داخل أحد الأحزاب والتى تمثل أقدم الأحزاب تاريخيًا وتواجدًا فى الحياة السياسية، إلا أنه نتيجة للصراعات المتكررة أصبحت تلك الأحزاب مهددة بالمزيد من التخبط والفشل فى القيام بدورها فى ممارسة الحياة السياسية، رغم أن خبرة الكثير من أعضائها قد تمثل الأمل فى وجود ممثلين سياسيين حقيقيين، وتمثيل قطاعً مهمً من الشارع المصرى ويمكن أن يكون مرآة المجتمع حاليًا بكل مشاكله وإيجابياته، ولكن للأسف إن تقديم المصالح الشخصية لبعض القائمين على الأحزاب دون النظر لمصلحة الوطن هو ما يجعلنا جميعًا فى هذا الموقف الصعب.
 وتفتقد أغلب الأحزاب فى مصر اتصالها بالشارع، مكتفية بالغرف المغلقة، وعدم التواصل مع الناس لمعرفة ما يحتاجه الشارع، وعندما نتحدث عن التحالفات الحزبية فهى أكثر فشل وتخبط لأنه لم تكن تلك التحالفات قائمة على مصلحة الوطن وإنقاذها من انهيار الحياة السياسية، وإنما فى أغلبها على سياسة اقتسام الكعكة، والدليل على ذلك النتيجة التى وصلت إليها مصر الآن، وهو واضحً وجلىً، حتى داخل مجلس النواب نفسه، وهى فى الحقيقة جرس إنذار شديد لفشل جميع التحالفات التى تكونت فى مصر خلال الفترة الماضية، رغم أنها ضمت بعض الشخصيات العامة والتى تتمتع بسمعة طيبة، لكن لأن تلك التحالفات كان البعض منها يتحكم فيها المال والبعض يتحكم فيها المصالح الشخصية ممن ينتج عنه فشل واضح فى النتائج، لأن ممارسة الحياة السياسية والوصول للشارع فى مصر يحتاج إلى دراسة حقيقية وممارسة حزبية واعية وليست صورية، كما فى أغلب الأحزاب السياسية فى مصر الآن وبكل صراحة!
أين السياسة وأين الساسة؟ بل أين الممارسة السياسية فى مصر رغم المساحة الكبيرة من الحرية؟
حمى الله مصر وشعبها وجيشها، والله الموفق.



تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز