عاجل
الخميس 23 يناير 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي
ضرورة معالجة الخطاب الديني

ضرورة معالجة الخطاب الديني

بقلم : د .عبد الله المغازى

العنوان هام وجميل والجميع ينتظر منه نتائج ملموسه على اﻷرض فى أقرب  وقت ممكن، وتجديد الخطاب الديني أو تحديث الخطاب الديني ﻻ يقل أهمية من وجهة نظري عن أى مشروع قومى مثل قناة السويس الجديدة أو الشبكه القومية للطرق وغيرها من المشروعات الهامه ﻷن بناء اﻷوطان الحقيقى يبداء من بناء اﻷنسان بناءاً حقيقياً وقبل  التفكير في أى بناء للمشروعات الاقتصادية و اﻷستثمارية .



وأعتقد بثقافتى الدينيه  المحدودة أن التجديد يحتاج الي أمرين : اﻷول يجب أن يكون هناك تجديد في تناول المنهج مع عدم المساس بالثوابت واﻷصول العقائدية للدين ، والثانى اﻷختيارالصحيح  للاشخاص الذين سوف يتولوا عملية التجديد والتطوير ، بما يحقق المستهدف من عملية التجديد ذاتها ، وﻻ أرى أن التجديد يكون بعقد المؤتمرات والندوات واللقاءات فقط وإنما بوضع إستيراتيجية موحده واضحه ومعلنه ويا حبذا لو كان اﻷمر بعد دراسته جيدا ان يتم  تعميمه في الدول العربية والإسلامية مع إحترام الرأي والرأي الآخر وأن يكون لدينا ثقافة الاختلاف وآداب الاختلاف لكى نستفيد من بعضنا البعض.

لان قصية تقبل الاخر والاختلاف معه في الرأي أصبحت في الوقت الراهن من القضايا التي يستلزم علينا تجديدها لأهميتها البالبغه في مرحلة تجديد الخطاب الديني، فالأختلاف بين الناس فى الثقافة والفكر هى فطرة خلق الله  الأنسان عليها وهى أمر طبيعى لا يجب أن ننزعج منه مطلقا  ,لكن كثيرًا ما كان يقلقنى عند مناقشة أى موضوع ، أن يتحول النقاش فيه إلى جدل ثم محاولة مستميتة من الآخر لفرض الرأى ولو بالقوة، وكأن الله سبحانه وتعالى لم يخلقنا مختلفين فى معظم الأشياء، وهى حكمة إلهية عميقة لعل المراد منها أن نستفيد من هذا الأختلاف لإعمار الدنيا وليس للاقتتال الداخلى وتدمير المجتمع وتحويل الأمر من اختلاف إلى خلاف ثم لفرض الحلول ولو وصل الأمر إلى القتل والدمار.

ولا شك أن الاختلاف فى وجهات النظر الفكرى والبحثى، وتقدير الأشياء والحكم عليها هو أمر فطرى له علاقة بالفروق الفردية التى خلقنا الله بها، إذ يستحيل بناء الحياة، وقيام شبكة العلاقات الاجتماعية بين الناس أصحاب القدرات الواحدة والنمطية الواحدة، ذلك أن الأعمال الذهنية والعملية تتطلب مهارات متفاوتة، وكأن حكمة الله تعالى اقتضت أن يكون بين الناس هذه الفروق الفردية، سواء كانت خلقية أم مكتسبة، وبين الأعمال فى الحياة تواعد والتقاء، وكل ميسر لما خلق له، وعلى ذلك فالناس مختلفون والمؤمنون درجات، فمنهم الظالم لنفسه ومنهم المقتصد ومنهم السابق بالخيرات، يقول تعالى "ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين".

ومن خلاصة القول فى هذا: إن الاختلاف الفكرى بدلاً من أن يكون ظاهرة صحية تغنى العقل بخصوبة فى الرأي، والاطلاع على عدد من وجهات النظر، ورؤية الأمور من أبعادها وزواياها كلها، وإضافة فكر بحثى إلى عقل الأمة فإنه قد أدى إلى انقلاب الطريق عند الباحث والمنظر الفردى، ليصبح طريقًا للتخلف، وإلى وسيلة للتآكل المجتمعى الداخلى والإنهاك، وفرصة للاقتتال حتى كاد الأمر أن يصل ببعض المختلفين إلى حد التصفية الجسدية، وإلى الاستنصار والتقوى بأعداء الدين الوسطى من الشرق والغرب على سواء.ولقد وصلت حدة الاختلاف إلى مرحلة عظيمة خصوصًا عند بعض الفرق الإسلامية التى ترى أنها على الحق المحض أكثر من المسلم المخالف لها بوجهة النظر والاجتهاد حيث أصبح لا سبيل فى فكرها إلا بالتصفية الجسدية للمخالف.

وقد تنقلب الآراء الاجتهادية والمدارس الفقهية التى محلها أهل النظر والاجتهاد على أيدى المقلدين والأتباع إلى ضرب من التحزب الفكرى والتعصب السياسى والتخريب الاجتماعى تؤول على ضوئه آيات القرآن وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، فتصبح كل آية أو حديث لا توافق هذا اللون من التحزب الفكرى، إما مؤولة أو منسوخة، وقد يشتد التعصب ويشتد فتعود إلينا مقولة الجاهلية: "كذاب ربيعة أفضل من صادق مضر".

الخلاصة أنه يجب أن يكون لدينا ثقافة الاختلاف وآداب الاختلاف لكى نستفيد من بعضنا البعض، وأن يحكمنا فى أى نقاش الموضوعية وعدم التجريح فى بعضنا البعض، لأن التجريح هو وسيلة العاجز وحده، أما الواثق المثقف فلديه من الحجج ما يستطيع الدفاع بها عن رأيه عند الاختلاف...حمي الله مصر وشعبها

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز