

بقلم
أسامة سلامة
المواجهة العسكرية وحدها لا تكفى
12:00 ص - السبت 21 فبراير 2015
بقلم : أسامة سلامة
لم يكن هناك مفرٌ أمام مصر إلا توجيه ضربة قوية إلى تنظيم داعش الإرهابى، ويا ليت تتبع هذه الضربة ضربات أخرى مؤلمة وموجعة ومؤثّرة على هذا التنظيم اللا إنسانى.
وعلينا أن نوطّن أنفسنا أن الضربات التى نوجهها إلى الإرهاب فى داخل مصر وفى خارجها -إن اضطرّتنا الظروف- لن تقضى عليه سريعًا، وسيظل يحاربنا عدة سنوات قبل دحره، خصوصًا أن مصر مُحاصرة به من كل الجهات، فى الشرق يوجد الإرهابيون فى سيناء والذين يقومون بعمليات قذرة ضد الجيش هناك، وفى الغرب يحتل داعش جزءًا من ليبيا بالقرب من الحدود معنا، مما يزيد من خطره، وفى الجنوب كانت الحدود مع السودان وما زالت معبرًا لتهريب السلاح إلى الإرهابيين فى الداخل، وممرًّا لهم عندما يريدون الهروب من الملاحقات الأمنية.
يُضاف إلى كل ما سبق وجود دول وأجهزة مخابرات تدعم الإرهاب وتتبنَّى التنظيمات الإرهابية وتمدّها بالأسلحة والمعلومات، كما أن تغلغل هذه التنظيمات فى بعض دول المنطقة، مثل سوريا والعراق وليبيا، يجعل المعركة مع الإرهاب ليست سهلة، ويزيد من صعوبتها وجود إرهابيين داخل المحافظات والمدن المصرية يقومون بعمليات صغيرة، ولكنها مزعجة، مثل وضع قنبلة على قضبان السكك الحديدية أو محاولة حرق وإتلاف بعض المنشآت أو الهجوم على بعض أكمنة الشرطة ومحاولة قتل ضباطنا وجنودنا.
كل هذا يكشف أن أمامنا معركة طويلة وتحتاج إلى الصبر، ولكن المؤكد أيضًا أن الانتصار على الإرهاب لا يمكن أن يتم بالمواجهة المسلحة فقط رغم أهميتها، ولا بالوحدات العسكرية والأجهزة الأمنية وحدها، وإنما يستلزم الأمر تكاتف الجبهة الداخلية ووحدتها فى مواجهة هذا الخطر الذى سيحرق البلد بأكمله، وإذا كانت الجريمة الخسيسة التى قام بها الداعشيون فى ليبيا بذبحهم 21 مواطنًا مصريًّا قبطيًّا منذ أيام، قد وحَّدت المصريين وأثارت غضب جميع الأحزاب والتكتلات السياسية والتجمعات الثورية، فإن هذه المشاعر ستهدأ رويدًا رويدًا، وستخمد نار الغضب مع الأيام، وسيعود كل فصيل إلى معسكره.
ولهذا فإن الفرصة سانحة الآن أمام السيسى لكى يأخذ زمام المبادرة ويوحِّد الجبهة الداخلية ويستعيد كل مَن ابتعد عنه، على الرئيس أن ينظر إلى الصورة التى جمعته وممثلى القوى الشعبية والسياسية والهيئات المختلفة يوم 3 يوليو قبل الماضى، عندما استجاب إلى إرادة الشعب وأبعد محمد مرسى وجماعته عن الحكم، وأن يتأمَّل فيها جيدًا، ويعدِّد الأشخاص والقوى التى ابتعدت ولم تعد بجواره، وأن يجيب عن السؤال: ما الذى أغضب هؤلاء؟ ولماذا أصبحوا معارضين؟ وما الأسباب التى دفعتهم للابتعاد حيث اختفوا من الصورة التى كانت جامعة وشاملة؟ وأن يدقِّق فى الصورة ليعرف مَن بقى معه ولماذا استمر هؤلاء؟ وما أهدافهم؟.
وبعدها عليه أن يدرس كيف يستعيد التوافق الكبير الذى كان يحظى به وقتها؟ والشعبية الجارفة التى تأثَّرت كثيرًا، عليه أن يعرف أن الوحدة فى 30 يونيو كانت بسبب إحساس الجميع أن البلد فى خطر داهم، وأنه سقط فى يد جماعة لا تعرف الوطن ولا تحترم استقلاله، وأن مصالح الأهل والعشيرة فوق مصالح البلد الذى لا يرون غضاضة فى أن يحكمه غير مصرى أو أن يتنازلوا عن جزء منه أو يسرقوا ويسرّبوا وثائقه لمن يعطيها لأعدائه، الآن عاد الإحساس بالخطر الكبير الذى يواجه الوطن وعاد معه الالتفاف من كل الفئات.
فهل ينتهز السيسى الفرصة ويصلح ما أفسدته سياسته وحكومته، خصوصًا فى ما يتعلق بالتجاوزات والاعتداء على حقوق الإنسان، ويفرج عن المحبوسين على ذمة قضايا معارضة قانون المظاهرات، ويتم بحث حالات الطلاب المحبوسين على ذمة قضايا الإخوان رغم عدم انضمامهم إلى الجماعة؟ وأن يزيل الغموض الذى يكتنف عددًا من القضايا، مثل مقتل الشهيدة شيماء الصباغ، وأن يحيل قاتلها هو والمتسبب فى حادثة استاد الدفاع الجوى إلى المحاكمة وأن تعلن التفاصيل كافة، وأن يخضع ما ينشر عن وقائع التعذيب فى أقسام الشرطة والسجون لتحقيقات شفافة ومحايدة، إجراءات بسيطة لكنها كفيلة بإزالة الجفوة وعودة التلاحم الوطنى، الذى لن ننتصر على الإرهاب من دونه.
تابع بوابة روزا اليوسف علي