
" الأهمية الأستراتيجية للقوة البحرية "
12:00 ص - السبت 15 مارس 2014
بقلم : الفريق / أشرف محمد رفعت
تعتبر مصر طبقاً للمعايير والأسس الاستراتيجية دولة بحرية علماً ان هذا الأصطلاح برز فى أواخر القرن التاسع عشر وامتد للقرن العشرين حيث ازداد الخلاف بين الدول العظمى القارية و الدول العظمى البحرية و المقصود هنا بالدول القارية هى الدول التى ليس لديها سواحل طويلة ولا تطل على مناطق بحرية حاكمة وينطبق ذلك على المانيا على سبيل المثال اما الدول التى عملت على تكوين اسطول بحرى قوى فكانت الدول التى تقع على بحار او محيطات تجعلها تهتم اهتمام بالغ بالقوة البحرية وبالتالى اصبحت تعرف على انها دول بحرية و بالأنجليزية اطلق عليها الأصطلاح " SEA POWER " .
ويلاحظ ان بالنسبة لمصر لقد اكد محمد على باشا هذا المفهوم حيث موقع الدولة يطل على البحر المتوسط لمسافات طويلة ويمتد جنوباً فى البحر الأحمر لمسافات بعيدة ايضاً . وهى من العوامل التى تجعل الدولة تهتم بإنشاء وتنمية قواتها البحرية وقد قام محمد على خلال فترة حكمه بالأهتمام ببناء سفن حربية مصرية محلياً كما استعان بخبرات اجنبية بالنسبة للتسليح والأستخدام وبالتالى تمكن محمد على من تكوين اسطول بحرى قوى وتمكن من الاستيلاء على عدد من الجزر فى البحر المتوسط منها كريت و قبرص وامتدت نفوذ البحرية المصرية حتى سواحل اليونان .
بدأ الصراع الشديد بين خبراء الاستراتيجية العسكرية لتحديد ما هو الأهم للدولة القوة البرية ام القوة البحرية واشتد هذا الصراع بين المانيا وبريطانيا عند قيام الحرب العالمية الثانية حيث اثبتت بريطانيا ان التفوق كان للدولة البحرية وذلك لأسباب عديدة ومن أهمها ان الصراع اثناء الحرب العالمية الثانية كان يعتمد على الدعم الأمريكى للحلفاء الذى يأتى عبر المحيط الأطلس من أمريكا إلى بريطانيا وفى بعض الأحيان كانت تمتد خطوط المواصلات البحرية داخل بحر البلطيق لمعاونة الأتحاد السوفيتى . أما القيادة العسكرية الألمانية وبعد تدارس الموقف قد توصلت إلى نتيجة حتمية انها يجب ان تقطع خطوط المواصلات البحرية البريطانية فيما بين امريكا وبريطانيا حتى يمكن تحقيق النصر فى حربها داخل اوربا وقد اعتمدت المانيا على سلاح الغواصات لتحقيق هذه المهمة كما انها اعتمدت على الطيران لتحقيق مهامها العسكرية البرية .
وفى حقيقة الأمر كانت البحرية البريطانية مدركة ايضاً لأهمية تأمين النقل البحرى وقد اعطت هذا الموضوع اهتمام بالغ وحققت اساليب متقنة للدفاع عن قوافل النقل البحرى الذى كان يحمل كل ما هو تحتاجه الحرب فى اوربا ويمكن ذكر على سبيل المثال اسلوب القوافل " CONVOY SYSTEM " وكذا اسلوب تأمين هذه القوافل بواسطة سفن السطح وذلك بتكوين ستائر حراسة قريبة وقوات تغطية من المدمرات على مسافات أبعد بالأضافة إلى دوريات قنص وتدمير للبحث والتبليغ عن الغواصات أطلق عليها اسم " HUNTER KILLER GROUPS " وقد نجحت بريطانيا فى هذه المهمة واثبتت مدى اهمية القوة البحرية من وجهة النظر الاستراتيجية .
وفيما يلى سنبحث موضوع القوة البحرية بالنسبة لمصر التى تمتد سواحلها لألاف الأميال وتمتلك اهم شريان بحرى فى العالم الا و هو قناة السويس كما انها تسيطر على مضايق مثل مضيق شدوان ومضيق تيران وكما قامت القوات البحرية المصرية فى حرب اكتوبر 1973 بالسيطرة على مضيق باب المندب الذى يقع على مسافة اكثر من 1200 ميل من السويس علماً ان بتنفيذ هذه المهمة حققت القوات البحرية المصرية نجاح باهر فاجئ اسرائيل و العالم . حيث تمكنت من فرض حصار بحرى على الموانى الاسرائيلية فى البحر الأحمر و البحر المتوسط بامكانيات محدودة وبدون معاونة جوية .
ان التخطيط الأستراتيجى الذى اتبعته العمليات البحرية فى هذه الحرب كان تخطيط استراتيجى سليم وبدرجة عالية من الكفاءة مع الوضع فى الأعتبار حرمان اسرائيل من استخدام قوتها الجوية لصد هذه العمليات البحرية المصرية فى جميع المناطق سواء كانت تعمل فى البحر الأحمر او البحر المتوسط حيث كانت بعض مدمرات البحرية المصرية تعمل جنوب جزيرة مالطا وكانت غواصاتنا تعمل فى مناطق مختلفة فى البحر المتوسط و الجدير بالذكر ان تخطيط شعبة العمليات البحرية احدث تغيير كامل فى اسلوب استخدام القوات البحرية المصرية عما سبق . حيث كان النشاط البحرى المصرى مقصور على العمليات التكتيكية .
علماً ان هذا التصرف من شعبة العمليات البحرية جعل اسرائيل فى موقف حرج جداً اذ انها لم تسطيع ان تدخل ضد النشاط البحرى المصرى حيث ان جميع وحداتنا البحرية كانت تعمل خارج مدى الطيران الاسرائيلى فيما عدا الغواصات والوحدات الخفيفة وعمليات بث الالغام والعمليات الخاصة بواسطة الضفادع وكلها من الأعمال التى لا يمكن للطيران الاسرائيلى احباطها .
ويلاحظ ان هذا التصرف الاستراتيجى اربك اسرائيل وشكل صعوبات بالغة بسبب حرمانها من الامداد بالبترول الذى كان يصل لها عبر باب المندب و الجدير بالذكر ان هذه العملية نفذت فى نطاق القانون الدولى . هذا ويجب الأشارة ان هذا التطور فى استخدام القوة البحرية المصرية الذى نفذه رئيس شعبة العمليات ادى إلى تركيز النشاط البحرى فى العمق الاستراتيجى وليس النطاق التكتيكى فقط كما كان يحدث فى الصراعات السابقة مع اسرائيل .
إن عملية تأمين الملاحة البحرية فى البحر الأحمر وتحقيق السيطرة الاستراتيجة البحرية لهذا البحر يعتبر من المهام الرئيسية التى يجب الاعتناء بها لما لها من تأثير ليس فقط على مصر بل على الملاحة الدولية .
فى السنوات الأخيرة ظهر تهديد جديد ألا وهو اعمال القرصنة البحرية بالرغم من صغر حجم الوحدات التى تستخدم لهذا الغرض الا انها تشكل تهديد للنقل البحرى التجارى ولذلك فإن مقاومة هذا الخطر الجديد يعتمد على تحقيق تعاون كامل بين الدول العربية المطلة على البحر الأحمر وبالذات منطقة مضيق باب المندب . وهذا الأمر يتطلب تكوين قيادة بحرية مشتركة تمثل فيها الدول المطلة على البحر الأحمر حتى يمكن تأمين البحر الأحمر من أعمال القرصنة بل القضاء على هذه الظاهرة تماماً إذ ان هذه العملية ليست بصعبة الا انها تحتاج إلى تنسيق وتعاون مشترك خاصة فى تجميع المعلومات وتبادلها واعطاء الأنذارات وتوجيه الوحدات المخصصة للتأمين إلى المناطق التى يحدث بها تحديد من القرصنة .
الخلاصة مما سبق يتضح مدى أهمية اتباع مصر استراتيجة عسكرية تعتمد على حد كبير على قوة بحرية مناسبة لتحقيق المهام المطلوب تنفيذها علماً ان النجاح فى ذلك يحقق لمصر الأمن والاستقرار الأستراتيجى و المحافظة على ثرواتها وأهدافها الأقتصادية .
تعتبر مصر طبقاً للمعايير والأسس الاستراتيجية دولة بحرية علماً ان هذا الأصطلاح برز فى أواخر القرن التاسع عشر وامتد للقرن العشرين حيث ازداد الخلاف بين الدول العظمى القارية و الدول العظمى البحرية و المقصود هنا بالدول القارية هى الدول التى ليس لديها سواحل طويلة ولا تطل على مناطق بحرية حاكمة وينطبق ذلك على المانيا على سبيل المثال اما الدول التى عملت على تكوين اسطول بحرى قوى فكانت الدول التى تقع على بحار او محيطات تجعلها تهتم اهتمام بالغ بالقوة البحرية وبالتالى اصبحت تعرف على انها دول بحرية و بالأنجليزية اطلق عليها الأصطلاح " SEA POWER " .
ويلاحظ ان بالنسبة لمصر لقد اكد محمد على باشا هذا المفهوم حيث موقع الدولة يطل على البحر المتوسط لمسافات طويلة ويمتد جنوباً فى البحر الأحمر لمسافات بعيدة ايضاً . وهى من العوامل التى تجعل الدولة تهتم بإنشاء وتنمية قواتها البحرية وقد قام محمد على خلال فترة حكمه بالأهتمام ببناء سفن حربية مصرية محلياً كما استعان بخبرات اجنبية بالنسبة للتسليح والأستخدام وبالتالى تمكن محمد على من تكوين اسطول بحرى قوى وتمكن من الاستيلاء على عدد من الجزر فى البحر المتوسط منها كريت و قبرص وامتدت نفوذ البحرية المصرية حتى سواحل اليونان .
بدأ الصراع الشديد بين خبراء الاستراتيجية العسكرية لتحديد ما هو الأهم للدولة القوة البرية ام القوة البحرية واشتد هذا الصراع بين المانيا وبريطانيا عند قيام الحرب العالمية الثانية حيث اثبتت بريطانيا ان التفوق كان للدولة البحرية وذلك لأسباب عديدة ومن أهمها ان الصراع اثناء الحرب العالمية الثانية كان يعتمد على الدعم الأمريكى للحلفاء الذى يأتى عبر المحيط الأطلس من أمريكا إلى بريطانيا وفى بعض الأحيان كانت تمتد خطوط المواصلات البحرية داخل بحر البلطيق لمعاونة الأتحاد السوفيتى . أما القيادة العسكرية الألمانية وبعد تدارس الموقف قد توصلت إلى نتيجة حتمية انها يجب ان تقطع خطوط المواصلات البحرية البريطانية فيما بين امريكا وبريطانيا حتى يمكن تحقيق النصر فى حربها داخل اوربا وقد اعتمدت المانيا على سلاح الغواصات لتحقيق هذه المهمة كما انها اعتمدت على الطيران لتحقيق مهامها العسكرية البرية .
وفى حقيقة الأمر كانت البحرية البريطانية مدركة ايضاً لأهمية تأمين النقل البحرى وقد اعطت هذا الموضوع اهتمام بالغ وحققت اساليب متقنة للدفاع عن قوافل النقل البحرى الذى كان يحمل كل ما هو تحتاجه الحرب فى اوربا ويمكن ذكر على سبيل المثال اسلوب القوافل " CONVOY SYSTEM " وكذا اسلوب تأمين هذه القوافل بواسطة سفن السطح وذلك بتكوين ستائر حراسة قريبة وقوات تغطية من المدمرات على مسافات أبعد بالأضافة إلى دوريات قنص وتدمير للبحث والتبليغ عن الغواصات أطلق عليها اسم " HUNTER KILLER GROUPS " وقد نجحت بريطانيا فى هذه المهمة واثبتت مدى اهمية القوة البحرية من وجهة النظر الاستراتيجية .
وفيما يلى سنبحث موضوع القوة البحرية بالنسبة لمصر التى تمتد سواحلها لألاف الأميال وتمتلك اهم شريان بحرى فى العالم الا و هو قناة السويس كما انها تسيطر على مضايق مثل مضيق شدوان ومضيق تيران وكما قامت القوات البحرية المصرية فى حرب اكتوبر 1973 بالسيطرة على مضيق باب المندب الذى يقع على مسافة اكثر من 1200 ميل من السويس علماً ان بتنفيذ هذه المهمة حققت القوات البحرية المصرية نجاح باهر فاجئ اسرائيل و العالم . حيث تمكنت من فرض حصار بحرى على الموانى الاسرائيلية فى البحر الأحمر و البحر المتوسط بامكانيات محدودة وبدون معاونة جوية .
ان التخطيط الأستراتيجى الذى اتبعته العمليات البحرية فى هذه الحرب كان تخطيط استراتيجى سليم وبدرجة عالية من الكفاءة مع الوضع فى الأعتبار حرمان اسرائيل من استخدام قوتها الجوية لصد هذه العمليات البحرية المصرية فى جميع المناطق سواء كانت تعمل فى البحر الأحمر او البحر المتوسط حيث كانت بعض مدمرات البحرية المصرية تعمل جنوب جزيرة مالطا وكانت غواصاتنا تعمل فى مناطق مختلفة فى البحر المتوسط و الجدير بالذكر ان تخطيط شعبة العمليات البحرية احدث تغيير كامل فى اسلوب استخدام القوات البحرية المصرية عما سبق . حيث كان النشاط البحرى المصرى مقصور على العمليات التكتيكية .
علماً ان هذا التصرف من شعبة العمليات البحرية جعل اسرائيل فى موقف حرج جداً اذ انها لم تسطيع ان تدخل ضد النشاط البحرى المصرى حيث ان جميع وحداتنا البحرية كانت تعمل خارج مدى الطيران الاسرائيلى فيما عدا الغواصات والوحدات الخفيفة وعمليات بث الالغام والعمليات الخاصة بواسطة الضفادع وكلها من الأعمال التى لا يمكن للطيران الاسرائيلى احباطها .
ويلاحظ ان هذا التصرف الاستراتيجى اربك اسرائيل وشكل صعوبات بالغة بسبب حرمانها من الامداد بالبترول الذى كان يصل لها عبر باب المندب و الجدير بالذكر ان هذه العملية نفذت فى نطاق القانون الدولى . هذا ويجب الأشارة ان هذا التطور فى استخدام القوة البحرية المصرية الذى نفذه رئيس شعبة العمليات ادى إلى تركيز النشاط البحرى فى العمق الاستراتيجى وليس النطاق التكتيكى فقط كما كان يحدث فى الصراعات السابقة مع اسرائيل .
إن عملية تأمين الملاحة البحرية فى البحر الأحمر وتحقيق السيطرة الاستراتيجة البحرية لهذا البحر يعتبر من المهام الرئيسية التى يجب الاعتناء بها لما لها من تأثير ليس فقط على مصر بل على الملاحة الدولية .
فى السنوات الأخيرة ظهر تهديد جديد ألا وهو اعمال القرصنة البحرية بالرغم من صغر حجم الوحدات التى تستخدم لهذا الغرض الا انها تشكل تهديد للنقل البحرى التجارى ولذلك فإن مقاومة هذا الخطر الجديد يعتمد على تحقيق تعاون كامل بين الدول العربية المطلة على البحر الأحمر وبالذات منطقة مضيق باب المندب . وهذا الأمر يتطلب تكوين قيادة بحرية مشتركة تمثل فيها الدول المطلة على البحر الأحمر حتى يمكن تأمين البحر الأحمر من أعمال القرصنة بل القضاء على هذه الظاهرة تماماً إذ ان هذه العملية ليست بصعبة الا انها تحتاج إلى تنسيق وتعاون مشترك خاصة فى تجميع المعلومات وتبادلها واعطاء الأنذارات وتوجيه الوحدات المخصصة للتأمين إلى المناطق التى يحدث بها تحديد من القرصنة .
الخلاصة مما سبق يتضح مدى أهمية اتباع مصر استراتيجة عسكرية تعتمد على حد كبير على قوة بحرية مناسبة لتحقيق المهام المطلوب تنفيذها علماً ان النجاح فى ذلك يحقق لمصر الأمن والاستقرار الأستراتيجى و المحافظة على ثرواتها وأهدافها الأقتصادية .
*قائد القوات البحرية الأسبق
ورئيس شعبة العمليات البحرية فى حرب أكتوبر 1973
ومحاضر فى معهد الدراسات البحرية العليا
تابع بوابة روزا اليوسف علي