

صبحى مجاهد
وضوء القلوب.. وطهارة النفس
كثيرا ما نسمع ان الوضوء شطر الإيمان، ولم يقف أحدنا على فهم هذا المعنى، وكيف يمكن أن يكون الوضوء شطر الإيمان، وفي الحقيقة فإن الوضوء يمثل بحق نصف الإيمان لأن الوضوء في ظاهره بداية هو التزام لطاعة الله بالطهارة الحسية والطهارة القلبية.
فعندما نتوجه للوضوء من أجل الصلاة فإن هذا الاتجاه وراءه دافع قلبي هدفه لقاء الله، والوقوف بين يديه، فيكون الإنسان قد حقق وضوءًا قلبيًا قبل صلاته، فيتحقق بهذا تأكيد حقيقي للإيمان وحب الطاعة، فيتوضأ القلب بحب لقاء الله، ودفع صاحبه لأن يكون طاهرًا عندما يقف بين يدي الله، فيسعى للوضوء بالماء كي يكون جاهزا للصلاة التي قال فيها سيدنا النبي- صلى الله عليه وسلم- "أرحنا بها يا بلال"، وكأن الصلاة هي راحة للنفس والقلب معًا، فيكتمل بها إيمان القلب الذي بدأ بالوضوء.
إن طهارة القلوب يأمرنا بها ديننا الحنيف في كل أمر من أمور العبادة، بل وأمور الحياة، فلم يجعل الله القبول لأي طاعة أو عمل إلا بالنية التي قيل عنها إن محلها القلب، وكأن القلب هو سر المؤمن الذي به ترفع درجات العباد، فالله ينظر إلى قلوب عباده فيطلع على ما فيها من طهر، ونقاء.
إن طهارة القلوب هي أهم صور التطهر التي ينبغي أن يلتزم بها المسلم حتى يتحقق له القرب من الله، فيتحقق بهذا القرب توفيق العمل، وحسن الطاعة والعبادة، وما أحوجنا في هذه الأيام من أن نصلح قلوبنا ونطهرها، وننزع ما فيها من أحقاد، وأطماع، فترقى النفوس، وتتحول النفوس من نفس عاصية إلى نفس لوامة طائعة.
وكلمة حق.. إن وضوء القلب متحقق لكل منا في كل صلاة نسعى إلى أدائها، وفي كل فعل خير نجتهد لفعله، وفي كل عمل نخلص في أدائه لله تعالى، فأحسنوا طهارة القلب حتى تنصلح أعمال الجسد، وتتحقق بالإيمان فنكون ممن يدافع الله عنه مصداقا لقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا}.