جمال عبدالصمد
شنط رمضان "للخير" وليست "للشير"
كل عام وأنتم بخير، شهر رمضان الكريم على الأبواب، وهو شهر الخير والعبادة والبركة والتقرب إلى الله، سواء كان ذلك بالصلاة وقراءة القرآن الكريم أو الدعاء والذكر أو مساعدة المحتاج أو الصيام و الزكاة وصلة الأرحام.
ينتظر أهل الخير شهر رمضان من كل عام من أجل دعم أهالينا الأكثر فقرا والأشد احتياجا ومساعدة، الأقربين والأسر المتعففة، من خلال توزيع المواد الغذائية الجافة عليهم قبل وأثناء الشهر العظيم "شنطة رمضان"، وهناك من يقوم بتوزيع الطعام المطهي في عبوات أو عن طريق إقامة موائد الرحمن، وهناك من يوفر كروتا بقسائم شرائية للمواد الغذائية تتيح للمستفيد منها حرية الاختيار فيما يرغب في الحصول عليه، وتمكنه من شراء ما يحتاجه من مواد غذائية بسهولة ويسر.
جهات مختلفة تقوم بمهمة توزيع المواد الغذائية، خلال شهر رمضان المبارك، منها مؤسسات وجمعيات أهلية، وشركات وأندية وأهالي.. ينقسم هؤلاء إلى فريقين؛ الفريق الأول هو من يفعل الخير لوجه الله تعالى دون أن ينتظر كلمة شكر أو مقابل، وغاية ما يتمناه هو إضفاء البهجة وإسعاد الأيتام والأرامل والغلابة، لأنه يتاجر مع الله، وذلك عن طريق جبر الخواطر ومراعاة مشاعر المحتاج، وتقديم يد العون للمحتاج ماديا ومعنويا دون الحاجة إلى الإشارة إليه، فكل مبتغاه هو رضا الله فقط، لأن التجارة مع الله أساسها الخفاء.
وهناك ما يعكر صفو هذه الصورة الإنسانية الرائعة، وهم من ينتمون إلى الفريق الثاني الذي يخفي نواياه
الحقيقية ويتاجر بالغلابة، وهؤلاء هم الذين يصممون على أن تظهر أعمالهم للعلن عن قصد، مما يصيب أهالينا البسطاء بالكسرة والمهانة بسبب الدعاية الإعلانية "بروباجندا"، التي تتم أثناء استلامهم الشنط الرمضانية في صورة غير إنسانية. إما عن طريق تصوير البسطاء عند استلامهم المواد الغذائية أو يجعلونهم يصطفون في طوابير أمام المارة، أو يقومون بطبع اسم المؤسسة على الكرتونة أو الكيس البلاستيك كنوع من الدعاية والتباهي دون مراعاة ما يسفر عن المجاهرة بعمل الخير، وما يقوم به من كسر الخواطر والنفس.
الفرق واضح وظاهر للجميع، بين من سخره الله لمساعدة أهالينا من خلال السعي لنيل رضا الله، وبين من يريد أن يشار إليه لما يفعله من خير للغلابة.
يا أهل الخير أجبروا الخواطر ولا تكسروها ولا تحرجوا أهلنا الطيبين أمام أنفسهم وأمام أولادهم وأمام المارة عندما تجعلونهم يقفون في الشارع لتفريغ المواد الغذائية في أكياس أخرى واحترموا خصوصياتهم، واستعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان.
في النهاية رسالتي لأهل البر والإحسان من مؤسسات حكومية واجتماعية أو أهالي لا داعي لتصوير أهالينا أثناء استلامهم شنط الخير.
أتمنى توزيع المواد الغذائية في أكياس معتمة وليست صناديق، مع مراعاة أن تكون الأكياس أو الصناديق صماء دون طباعة اسم المتبرع أو المؤسسة.
حافظوا على مشاعرهم ولا تحرجوهم، أجبروا الخواطر دون أن تتسببوا في كسرة نفس المحتاج، فهؤلاء هم الذين يمهدون طريقكم للفوز بالجنة، وقد يكونون السبب في دخولها.
لا بد أن يكون الخير والعطاء طوال العام وليس مرتبطا بيوم أو موسم.
واعلموا جيدا أن "شنطة رمضان للخير وليست للشير".