عاجل
الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

حكاية الخريطة القطالونية التي كانت سببا في الاستعمار الأوروبي لإفريقيا

د. إسماعيل حامد
د. إسماعيل حامد

 اهتم المستعمرون الأوروبيون بالذهب الإفريقي منذ أقدم العصور، وصار الذهب الإفريقي غاية كبرى بالنسبة لهم، ومن ثم صاروا يقبلون على عمل الخرائط الجغرافية التي تكشف عن الذهب الإفريقي.



 

ولعله من المؤكد أن موكب السلطان "منسا موسى" (712-738ه) أحدث دويا هائلًا حيثما ذهب ذلك الموكب، رآه تجار البُندقية (أو البنادقة: نسبة لمدينة فينيسا أو البندقية في ايطاليا حاليًا) الذين كانوا يقومون بالنشاط التجاري في الأسواق المصرية، وقد انبهر البنادقة بهذا الثراء الذي شاهدوه، وهذا الموكب الذي صاحب منسا موسى لا يمكن تصوره من خلال هذا الكم الهائل من مثاقيل الذهب التي كان يحملها. 

 

ويعتقد أن التجار البنادقة الذين رأوا موكب ملك مالي ما لبثوا أن أرسلوا التقارير لبلادهم، يصفون فيها موكب سلطان مالي الذي لا مثيل له. وكان لهذه الأخبار صداها العريض في إثارة مطامع الأوروبيين في ذهب مالي. 

 

ولم يمر وقت طويل حتى تأسست جمعية جغرافية يهودية في ميورقة الأندلسية لرسم الخرائط، للتعرف على الطريق المؤدية إلى أرض الذهب التي يحكمها السلطان الإفريقي (السوداني) منسا موسى. 

 

ولعل من دواعي اهتمام الأوروبيين آنذاك بالذهب الإفريقي أنهم كانوا قد استنفدوا ما كان لديهم من احتياطى المعدن النفيس بسبب الحروب والصراعات الطويلة. ولعب اليهود دورًا كبيرًا في رسم خريطة مالي ومناجم الذهب بها، ومن أهم تلك الخرائط "الخريطة القطالونية". 

 

وتصور تلك الخريطة قلب الصحراء، ويظهر فيها رجل ملثم راكبًا جملًا، ويسير بخطى سريعة، ويمسك بإحدى يديه صولجان الحكم، وفي يده الأخرى قطعة كبيرة من الذهب، يقدمها الملك المهيب إلى ذلك الراكب الملثم الذي يبدو مهرولًا نحو ذلك الملك. 

 

وتطلق الخرائط على هذا الملك: "موسى مالي.. سيد زنوج غينية (**) ويكثر الذهب في بلاده.. حتى صار أغنى وأعظم ملك في جميع البلدان". هكذا كان للخريطة القطالونية وغيرها من الخرائط الأخرى، التي صممها الأوروبيون دور كبير في أن يسيل لعاب الأوروبيين نحو ذهب مالي. 

 

ثم بدأ المخطط للكشف عن المسالك التي تؤدي ل"طريق الذهب"، ومناجم الذهب في مالي. وكأن الذهب بدلًا من أن يصير نعمة لأهل مالي وما جاورها، صار عليهم نقمة ووبالًا، ما أدى إلى أن تصير تلك البلاد أرضًا للصراعات بهدف السيطرة على "أرض الذهب"، وتجارته عبر الصحراء.

 

متخصص في التاريخ والتراث الإفريقي

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز