عاجل
السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
فن الدبلوماسية إتيكيت فن التعامل مع الناس

فن الدبلوماسية إتيكيت فن التعامل مع الناس

الإتيكيت هو آداب السلوك الفردي في مختلف المناسبات والأنشطة اليومية، والتي تعكس كاريزما وشخصية وثقافة وتربية الإنسان. والإتيكيت هو الفن الرفيع، والذوق والمشاعر الرقيقة التي تعبر عن أجمل ما في الروح وأحاسيس القلب، والتصرفات العقلانية المثالية التي تكون مرآة لشخصية الإنسان، سواء امرأة أو رجلا.



وفن الإتيكيت يوضح لنا طريقة التعامل المهذب مع الآخرين، الذي يبدأ من العائلة وصولًا إلى هرم الدولة، الذي يعتبر قدوة المجتمع والناس وقائدهم.

عن عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما- عن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: "أَلَا كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالْأَمِيرُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ، وَهُوَ مَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَهُوَ مَسْؤولٌ عَنْهُمْ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ، وَهِيَ مَسْؤولَةٌ عَنْهُمْ، وَالْعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَسْؤولٌ عَنْهُ، أَلَا فَكُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِه"ِ. متفق عليه، وهذا الحديث يعتبر مدرسة قَيمة في فن التعامل مع الناس من خلال الاهتمام بمهارات الاتصال والتواصل، فالأمير أو المسؤول الذي لا يعرف كيف يتعامل مع رعيته، تكون النتائج العكسية في انتظاره، وكذلك الرجل الذي يرعى أهل بيته إن فقد مفاهيم وأخلاقيات التعامل مع عائلته فإن التشتت والانفلات والتمزق يكون بانتظاره، ما يؤثر سلبًا على المجتمع.

والإتيكيت كما تعرفه المدارس الدبلوماسية، مجموعة القواعد التي يجب أن يتسلح بها الفرد مع المجتمع، سواء صغار العمر أم كبارهم، أو الذين يشغلون مناصب عليا أو ناس بسطاء. 

الإتيكيت بالدرجة الأولى يشمل مجموعة كبيرة من القواعد المكتوبة التي تعتمد كثيرًا على علم النفس الاجتماعي، والتي حورتها وطورتها المدارس الدبلوماسية، وجعلتها من صفات الدبلوماسي الناجح، وكذلك الإنسان البسيط.

تعتبر البساطة والتواضع من أغلى صفات فن الإتيكيت، لأنها أصل جمال الروح ومثالية العقل، حتى إن رسولنا الكريم هو قدوة لنا في كل شيء، ليس فقط في التواضع والبساطة.. روى أبو هريرة عن الرسول عليه الصلاة والسلام أنه قال: "ما نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِن مالٍ، وما زادَ اللَّهُ عَبْدًا بعَفْوٍ، إلَّا عِزًّا، وما تَواضَعَ أحَدٌ لِلَّهِ إلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ".. (صحيح مسلم).

ومن الأمور الجوهرية عند التحدث لشخص أو مجموعة أشخاص، أن نتعرف ليس على مستوى التعليم أو الشهادة فقط، بل على مستوى الثقافة والخلفية الاجتماعية التي عاش فيها، وهذه الجزئية ستعينك على فهم الآخرين.

وحسن استخدام وصياغة الكلمات المهذبة والراقية في المعنى وبنبرات صوتية مدهشة غير مرتفعة، تعتبر من أهم سمات إتيكيت التعامل مع الآخرين، لذلك علينا أن نتعامل مع الجميع بروح التعاون والوضوح والبساطة والمصداقية، كي يستفاد من خبراتك الجميع، لأن التكبر هو من السمات المنبوذه في المجتمع.

يجب أن يكون حديثك متجددًا دائمًا حتى تجذب آذان الآخرين، لذلك عليك بالموضوعية في الحديث من جميع جوانبه بحيادية تامة، وإبراز نقاط القوة والضعف في كل جانب، بعيدًا عن التعنت والأنانية بالأفكار والمبادئ التي تحملها، والاتصاف برحابة الصدر وحسن الاستماع والإنصات الرائع، وعدم وعدم مقاطعة المتحدث إلا بعد الانتهاء من طرح أفكاره.

من أهم أوليات فن إتيكيت التعامل مع الآخرين الابتعاد كل البعد عن النفاق ونقل الكلام بين الأشخاص، لأن ذلك سوف يشعل النار في الخشب، قال تعالى: إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا، «سورة النساء: الآية 145، لذلك على الشخص أن يتعامل مع الآخرين بكل معاني المحبة والشفافية والأخوة، ويقف معهم بالسراء والضراء، ولا يكون سيفًا على رقابهم حين الضعف. 

وعلى الشخص أن يتحكم في انفعالاته في التعامل مع الآخرين، ويظهرها بالقدر الذي يتناسب مع الموقف، وإذا انفعلت أثناء الحديث فاحرص على أن تتدارك الموقف سريعًا، ولا تجعل هذا الانفعال يبدو على سلوكك الخارجي، لأن استمراره يعني أنك في بداية ارتكاب الأخطاء التي يصعب إصلاحها فيما بعد.

ولذلك فإن المدارس الدبلوماسية تدرب موظفيها الدبلوماسيين على الصبر والمطاولة، وعدم الانفعال في أشد المواقف، وحتى رجال الأعمال والمسؤولين، عليهم عدم الانفعال أثناء المناقشات، لأنه قد يؤدي إلى خسائر مالية ليست في الحسبان. 

إن السلوك المهذب وجمال الذوق في الكلمة، وفن إدارة الحديث، ولغة الجسد، ومصداقية المعنى، واحترام وفسح المجال للآخر كي يتحدث بكل صراحة دون المساس بمشاعر الآخرين، يعتبر من سمات فن التعامل مع الآخرين. 

وفن الإتيكيت في التعامل مع المجتمع لا يعتمد على فن الكلمة وصدقها فقط، وإنما على لباقة وإدارة الحديث المتسلسل بالأفكار، والتي هي من أهم مرتكزات الحديث، بالإضافة إلى حسن المظهر المتواضع البسيط، وليس بالمجواهرات والماكياج الصارخ بالنسبة للنساء، بعيدًا عن النيات السيئة والمبيتة ضد الطرف الآخر، والتفنن في اختلاق الحجج الذي لا تمت بأي صلة إلى الأخلاق الحميدة، التي تعتبر من سمات التعامل مع الآخرين. 

وفي الختام فإن التعامل مع الآخرين يتلخص بالصدق وحسن المظهر البسيط ولباقة الحديث ذات الكلمة الرقيقة الراقية في المعنى، وحسن الاستماع والإنصات واحترام الرأي الآخر، وعدم التعننت في الأفكار وفرض الرأي على الطرف الآخر، واحترام الجميع من دون استثناء، وإبداء المساعدة قدر المستطاع، على تكون الابتسامة ورحابة الصدر هي عنوان اليوم وكل يوم.

 

دبلوماسي سابق 

كلية عُمان للإدارة والتكنولوجيا

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز