د. عصام البرام
متى نحترم الرأي الآخر؟!
لقد شكل الاختلاف في الرأي معضلة في الكثير من مجتمعاتنا العربية، التي كانت ولا تزال حادة الطباع في نقاشها وجدالها، ولم يلتفت الفرد العربي حتى يومنا هذا إلى أن تحضر الأمم والشعوب إنما يقاس بثقافتها وانفتاحها على الآخر، من خلال الحوار والنقاشات العامة داخل الأسرة والمجتمع ككل.
ويعني انغلاق العقول إن صح التعبير، ضعف القدرة على إقناع الطرف الآخر، فالعصبية والتعنت التي تحكم المستبد برأيه دائماً ما تذهب إلى نهايات بائسة، ويفقد المتعنت ما قد يفيده من أفكار الطرف الآخر، دون أن يدري، فاختلاف الآراء ازدهار ونضوج، واكتشاف أبعاد جديدة للفكرة الواحدة، ليجد جميع الأطراف أنفسهم أمام جملة واسعة وكبيرة من منافذ الوصول إلى الحل الأمثل.
وعبر التاريخ تفجر العديد من الأزمات السياسية والاجتماعية والعسكرية نتيجة لعدم احترام الآخر، وعدم فهم ثقافته وعقيدته والبيئة التي نشأ فيها، أو الموروث الاجتماعي، فالأحكام العشائرية والانتماءات القبلية والحمية والتعصب والتشدد، كثيراً ما تقودنا إلى نتائج سلبية بلا حل، وليس إلى نتائج توفيقية تقودنا نحو أطر للأفضل والأصوب.
وفي خضم الصراعات القائمة في عالمنا المعاصر، لا بد من عمل المدارس الفكرية المختلفة على إثراء ثقافة الاختلاف، باستخدام وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، ونشر الإعلانات التي تحث الإنسان على الفضائل، وكيف ينبغي على الفرد أن ينصت سعياً للفهم، والوصول إلى محتوى فكري متماسك وقادر على الحوار والإقناع، وبث روح التسامح والإخاء، ونبذ التعصب، والاقتراب من الآخر باحترام رأيه بشفافية عالية، رغم اختلاف الثقافة أو الدين أو البيئة، أو أي مسمى آخر.
ورغم ثورة الاتصالات وما تفرضه من تعدد الثقافات، ونمو وانتشار البحوث والدراسات الاجتماعية والفكرية والنفسية، وأيضاً الروايات الأدبية وغيرها من فنون تشكيل الوعي، إلا أن ثقافة احترام الرأي الآخر على وسائل التواصل الاجتماعي، لا ترتقي إلى أبسط فنون اللياقة واللباقة لدى الكثير من أفراد مجتمعنا، ما يفرغ القيمة العليا للتطور التكنولوجي من مضمونها، بدلاً من استغلالها في تفاعل مهذب يعكس عمق ثقافة ورقي المجتمع ووعيه الإنساني القادر على الوقوف أمام التيارات الفكرية التي تسعى إلى تخريب وهدم المجتمعات.
شاعر وكاتب ودبلوماسي