
الثوب البدوي نموذج حي لتأصيل وتحديث التراث السيناوي

بوابة روزاليوسف
نظمت أكاديمية البحث العلمي مؤخرا المؤتمر الدولي لصون الطبيعة ومواردها، والذي عقد في شرم الشيخ بجنوب سيناء تحت رعاية: الدكتور خالد عبد الغفار وزير التعليم العالي والبحث العلمي، الدكتورة ياسمين فؤاد وزير البيئة، والدكتور محمود صقر رئيس أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا.
وأقيم تحت شعار "نحو تفعيل استراتيجية ٢٠٣٠ وما بعدها" ودور المرأة في المجتمعات المحلية لصون التراث الثقافي والحضاري في محافظات مصر الحدودية"، وذلك بحضور الدكتورة نيفين القباج وزيرة التضامن الاجتماعي، ونخبة من القيادات العلمية والوزارية.
وأكدت الدكتورة سهام عز الدين جبريل عضو المجلس القومي للمرأة ومقرر لجنة المحافظات بالمجلس، وعضو فرع أكاديمية البحث العلمي بشمال سيناء، ورئيس مجلس ادارة جمعية تنمية موارد المرأة المعيلة “بعد حضور المؤتمر” على استعراض المكون التراثي والبيئي لمنتجات المحافظات الحدودية، مشيرة إلى تناول التمكين الاقتصادي للمرأة في المحافظات الصحراوية، واستثمار المكون البيئي والتراثي والمنتج التراثي كأحد مكونات البييئة الصحراوية.
وكيف استطاعت المرأة في سيناء خاصة أن تقدم نموذجا عمليا وأن تحول الموروث الملبسي إلى منتج تسويقي، باعتباره إحدى الآليات العملية لترجمة محور التمكين الاقتصادي للمرأة على أرض الواقع.
وأوضحت أن المكون التراثي يمثل أحد المقومات الأساسية في البيئات الصحراوية “خاصة المناطق التي تتسم بالاعتماد الذاتي على قدرات ومهارات السكان المحليين والخبرات المحلية” التي استطاعت أن تحول مكونات البيئة الطبيعية إلى أشكال انتاجية وحرفية تساهم في استثمار المكون التراثي والبيئي لاقامة الصناعات الثقافية التي تميز البيئات المحلية، وإمكانية اقامة مشروعات صغيرة مدرة للدخل للسكان المحليين وتشجههم على استثمار مقومات البيئة والصناعات الثقافية المميزة للبيئات المحلية بأسلوب علمي، واستثمار ذلك في تحويله الى منتجات تسويقية.
أشارت إلى أن هذا النموذج نجده في محافظات مصر بشكل عام والمحافظات الصحراوية “خاصة الحدودية”، حيث ندرة كثير من الموارد في هذه البيئة والبعد عن العاصمة، ما جعل السكان يعتمدون اعتمادا ذاتيا على قدراتهم وابداعاتهم وفنونهم المحلية، ويتم تنمية وتطوير الصناعات الثقافية التي تجود بها بيئاتهم المحلية، وأن هذا نجده جليا في شبه جزيرة سيناء “خاصة محافظة شمال سيناء”، حيث المزيج المتنوع من البيئات المتداخلة في البيئة الصحراوية والبيئة الساحلية التي جمعت العديد من الحرف والمقومات التراثية التي ميزت المنتج التراثي البيئي والصناعات الثقافية المميزة لشبه جزيرة سيناء.
وأشارت إلى أن أهم الصناعات الثقافية والمنتجات البيئية والحرفية بسيناء: الصناعات الثقافية التي تمثل بمكوناتها الحرفية والبيئة احدى الركائز الأساسية للأنشطة الاقتصادية داخل سيناء بما تتيحه من امكانات غير محدودة لتنمبة المجتمع المحلى وتنمية موارد الأسرة وزيادة دخلها عن طريق: استغلال طافات وأوقات فراغ أفرادها باشتغالهم بصناعات ومشروعات بيئيئة وتراثية تسهم في زيادة الدخل للمجتمع المحلي، ومن أهمها: المشغولات اليدوية والتي تنقسم إلى: التطريز اليدوى بالابرة “تطريز الكنفاة أو التطريز البدوي” لتصنيع وانتاج “العبايات البدوية أو الثوب البدوي، الطرح، الايشارب، البلوزات، القمصان، الشيلان، الحقائب، والحافظات” إلى جانب تطريز السموكس لتصنيع وانتاج: “القمصان، البلوزات، البيجامات، وفساتين الأطفال”، وتطريز الابرة لتصنيع وانتاج “المفارش، الملايات، والبلوزات”، تطريز الماكينة لتصنيع وانتاج “المفارش، الملايات، والبلوزات”، والكروشيه لتصنيع وانتاج “المفارش، الشيلان، البلوفرات، الجيليهات، فساتين الأطفال، الكوفيات، والحقائب”، والتريكو لتصنيع وانتاج “البلوفرات، الجيليهات، فساتين الأطفال، والكوفيات”.
كما يتم استخدام خيوط شبك الصيد واللاسية لتصنيع وانتاج المفارش والحقائب، غزل الصوف والوبر لتصنيع وانتاج الكليم والسجاد البدوي والرجم، علاوة على: مشغولات الخرز التي تستخدم فيها: الخيوط والخرز وخرج النجف والكسر واللولي لتصنيع وانتاج: عقود الخرز، السلاسل، الانسيالات، ويتم تطعيم الملابس والطرح بشغل الخرز.
ومن المنتجات البيئية: منتجات النخيل باستخدام سعف وجريد النخيل في تصنيع وانتاج أطباق وسلال “من سعف النخيل”، وكراسي وترابيزات “من جريد النخيل”.
كذلك تصنيع التمور وتجفيف البلح من ثمار النخيل “البلح”، وصناعة العجوة من البلح الرطب “ثمار النخيل الناضجة”.
ويتم استخدام ثمار الزيتون الأخضر والأسود في انتاج زيت زيتون والزيتون المخلل.. بخلاف صناعة الصابون من الزيوت الطبيعية، وانتاج الأعشاب الطبية والنباتات العطرية من موارد البيئة الطبيعية في سيناء.
ومن جهة أخرى.. أشارت الى أن الثوب البدوي نموذج حي لتأصيل وتحديث التراث السيناوي.. حيث تنفرد شبه جزيرة سيناء بقسميها الشمالي والجنوبي بالعديد من المفردات التراثية التي تميزها عن باقى أقاليم جمهورية مصر العربية، ومن بينها: الثوب البدوي وغيره من المفردات التراثية.
وأوضحت الدكتورة سهام عز الدين جبريل في المؤتمر أن طبيعة سيناء أثرت على الماهية التراثية لسكانها.. حيث تشتهر بالعديد من الفنون التراثية التي تغلب عليها السمة البدوية.. اذ تشتهر بفنون التطريز البدوي الذي تتفنن المرأة السيناوية في اعداده، وتعتمد تقنيات هذا التطريز على ابرة الكانفاة وخيط التطريز القطن الذي يسمى (كتومبراليه) المتميز بألوانه المتعددة، وتتفنن المرأة السيناوية فى تنسيق الألوان وتتقن نمط الرسومات التي تصممها.. اما منقولة من مشغولات سابقة أو من وحي خيالها وابداعها الشخصي، وهنا تبدو قمة المهارة اليدوية.. أما الغرزة المستخدمة في التطريز فهي غرزة الكانفاه أو الكروس، وهى تكون على شكل حرف x.
وأشارت الى أنه من أجمل الألوان التي تفضلها المرأة فى التطريز: اللون الأحمر الناري والأحمر النبيتي واللونان الأزرق والأصفر بدرجاتهما المختلفة خاصة البرتقالي الى جانب الأخضر.. حيث تحمل هذه الألوان رموزا ومعاني لدى المرأة (خاصة ابنة الصحراء) فالأخضر يحمل معنى النماء والخيرات، والأزرق يعني السماء ومياه البحر، والأصفر بدرجاته يحمل رمز الصحراء بألوانها الصحراوية المختلفة من رمال وجبال ووديان ومرتفعات، والأحمر يعني البهجة والسعادة والحياة، وتجسد نماذج لبعض فنون التراث السيناوي.
ويعتبر التوب البدوي هو قمة الابداع في فنون التطريز.. حيث يصمم بأشكال وموديلات بسيطة متعددة النماذج والقصات المبدعة في الأشكال.. حيث تتنوع الوحدات المطرزة ما بين أشكال هندسية منسقة مثل: مثلثات ومربعات وأشكال سداسية أو ثمانية أو رسومات لبعض الصور المستوحاة من البيئة المحلية كأشكال الطيور أو النباتات الطبيعية مثل أشكال الزهور المختلفة أو أغصان الأشجار أو أوراقها المتعددة الأحجام مثل تصميم عرق الجميز والنخل وأوراق الشجر.. كما أن هناك التميمات المستوحاة من الخيال مثل تصميم السد العالي وغيره، ويمكن أيضا استخدام خيوط الصوف الرفيع جدا بدلا من خيوط القطن المصري الذي يستعمل فى عمل الموتيفة أو الشكل المكون من الوحدة أو مجموعة الوحدات الأساسية المكونة لشكل التطريز التي يمكن أن تتكرر بألوان أخرى وبشكل متداخل.
وفي الحقيقة أن الثوب البدوى أو العباية كما يقال عنها فى بعض الأحيان خاصة بعد تطويرها بأذواق تتناسب ومتطلبات المرأة العصرية.. ما جعله يساير الأذواق الحديثة وخطوط الموضة الشرقية.. بل ان الملاحظ أن كثيرا من بيوت الموضة العالمية تستوحى بعض موديلاتها من هذه اللمحات الشرقية العربية الأصيلة التي تعبر عن البداوة والأصالة التي يبحث عنها الكثيرون ممن يستهويهم سحر الشرق.
كما قدمت برنامجا أعدته لجنة المحافظات بالمجلس القومي للمرأة لاستثمار المنتج التراثي والبيئي كأحد مداخل التمكين الاقتصادى للمرأة فى المجتمعات الصحراوية، ويهدف البرنامج الى توثيق المكون التراثى والبيئي لمنتجات المحافظات الحدودية، وحث المرأة على استثمار المنتج التراثى والبيئي كأحد مداخل التمكين الاقتصادي للمرأة ودعمها لإقامة الصناعات الصغيرة والمشروعات الانتاجية والمشاركة فى معارض لمنتجات المرأة االبيئية والتراثية فى المجتمعات الصحراوية.
وأشارت الى منتجات سيناء تعد نموذجا لمنتجات محافظات مصر الصحراوية، وأنه يجب التركيز على أهمية عرض منتجات المجتمعات الصحراوية وما تلقاه من جهود مكثفة تقوم بها الدولة من خلال أكاديمية البحث العلمي، وذلك من منطلق تحقيق مجموعة أهداف عامة تتمثل في: تنمية موارد المجتمعات والبيئات الصحراوية، استثمار الموارد البيئية والتراثية فى اقامة مشروعات صغيرة، رفع قدرات المجتمعات الصحراوية فى مجال استثمار المنتجات التي تجود بها البيئات المحلية من منتجات طبيعية وبيئية والمشغولات اليدوية والتراثية والحرفية، استثمار المنتج التراثى فى اقامة صناعات صغيرة تتناسب ومعطيات العصر ، تفعيل وتنشيط الدور الاقتصادى لسكان المجتمعات المحلية للمساهمة فى زيادة دخلوهم، وتوثيق المنتجات الحرفية والتراثية التي تجود بها بيئة شبه جزيرة سيناء والحفاظ عليها من خلال التوثيق الكتابى والتسويقى الذي يحمل البراند المصري.
وأضافت أنه سيقام معرض لتسوق منتجات البيئة السيناوية، ومن أهمها: المشغولات اليدوية التراثية المتمثلة في: الثوب السيناوى والعبايات والبلوزات والمفارش والشيلان والحقائب والتكايات.. الخ.. علاوة على: الكليم اليدوى المصنوع من الصوف الطبيعى (وبر الماعز– وبر الجمال)، منتجات الخرز كالعقود والانسيالات والميداليات والبوكات والحقائب وغيرها.. بخلاف منتجات زيت الزيتون والأعشاب الطبيعية والنباتات الطبية.