عاجل
الثلاثاء 14 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

حكاية جامع وضريح الشيخ التكروري بالقاهرة

د. إسماعيل حامد اسماعيل
د. إسماعيل حامد اسماعيل

يطلق اسم التكرور على السكان المحليين القاطنين في بلاد غرب إفريقيا خلال العصر الإسلامي، ولهذا عرفت هذه المنطقة الإفريقية الشاسعة باسم "بلاد التكرور" بحسب المصادر التاريخية القديمة. 



وقد ربطت العلاقات بين كل من مصر وسكان بلاد التكرور منذ القدم، لا سيما بعد أن اعتنق سكان هذه البلاد الإسلام، وصاروا يترددون على مصر في طريقهم للحج في بلاد الحرمين.

وقد أدى اهتمام شعب التكرور بمدينة القاهرة، وحرصهم على التردد والاستقرار بها بين الحين والآخر، سواء مع موكب الحج أو بهدف التجارة أو لطلب العلم، إلى أن تكونت لهم بالقاهرة جالية كبيرة. 

وقد تركز كثيرون منهم في أحد أحياء القاهرة، ومن ثم صار يُعرف بهم وهو: "حي التكاررة" أو "حي التكرور"، وهو الحي الذي صار يُعرف بعدئذ باسم "بولاق التكرور"، أو "بولاق الدكروري أو الدكرور". 

وتعود نسبة هذا الحي إلى أحد الشيوخ المعروفين بالقاهرة، ويدعى "يوسف التكروري" وكان في الأصل من سكان بلاد التكرور.

وكان الشيخ "التكروري" رجلًا صالحًا حسب الروايات، وكانت له كرامات حتى ذاعت شهرته بين عامة الناس، وكان يعيش بالقاهرة في أيام العصر الفاطمي، وتحديدًا خلال فترة حكم الخليفة العزيز بالله (نزار)، وهو ابن الخليفة المعز لدين الله الفاطمي (365– 386هـ). 

وقد تحدث عن حي (بولاق) التكرور بالقاهرة وعلاقته بالشيخ يوسف التكروري كثيرون من مؤرخي الخطط، مثل تقي الدين المقريزي، وعلي باشا مبارك، وغيرهما من المؤرخين. 

وعلى سبيل المثال يقول على مبارك: "بولاق التكرور قرية قريبة من الجيزة، وكانت تعرف بمنية بولاق، ثم عرفت ببولاق التكرور بسبب نزول الشيخ أبو محمد يوسف التكرور بها..". 

بينما يقول المؤرخ تقي الدين المقريزي عن هذا الشيخ التكروري: "وكان يُعتقد فيه (أي الشيخ التكروري) الخير، وجربت بركة دعائه، وحكيت عنه كرامات كثيرة..". 

ويحكي المؤرخون عن الشيخ التكروري الكثير من الكرامات والأمور الطيبة التي ارتبطت بذلك الرجل الصالح، بعضها ارتبط أيضًا بأهل التكرور الذين كانوا يعيشون في حي التكرور بمدينة القاهرة. 

ويذكر علي باشا مبارك أيضًا أنه حُكيت عن هذا الشيخ كرامات كثيرة، لعل منها أن امرأة خرجت من مدينة مصر (يقصد بها القاهرة) تريد البحر فأخذ السودان ابنها وساروا به في مركب، وفتحوا القلع، فجرت السفينة وتعلقت المرأة بالشيخ تستغيث به، فخرج من مكانه حتى وقف على شاطئ النيل، ودعا الله سبحانه وتعالى فسكن الريح، ووقفت السفينة عن السير، فنادى من في المركب يطلب منهم الصبي، فدفعوه إليه وناوله لأمه.    وحكي غير ذلك الكـثير عن كرامات الشيخ، ولما مات أقام له الناس مسجدًا يعـرف باسـمه في المكان الذي دفـن به، وأطلق عليه "جامع التكروري"، وعن هذا الشيخ يقـول علـي مبـارك: "ولما مات (الشيخ التكروري) بني عليه قبـة، وعمل بجانبـه جامع جدده ووسـعه الأمير محسن الشهابي، ثـم إن نهر النيل مال على ناحية بـولاق هـذه فيما بعـد وأخـذ منها قطـعة عظيمة كانت كلها مساكـن، فخاف أهل البلد أن يأخـذ ضريـح الشيخ والجامع فنقلـوهما إلى داخل البلد، وهـو باق إلى يومنا هـذا، ويسمى جامع التكروري..". 

وقام بتجـديد "جامـع التكرورى" الملك الناصر محمد بن قلاوون، وكانت تـلك القبة في حديقة الحريم بسراي بولاق التكرور للأمير ابن الأمير طوسون باشا، وقد اختلط التكـاررة في الحياة المصرية، ومنهم من طاب له المقام بأرض مصـر حتـى تمصر تمامًا. 

كما تحدثت المصادر التاريخية عن شيوخ آخرين من التكاررة، ولعل منهم الشيخ فاتح بن عثمان التكروري، ويلقب بالأسمر، إشارة إلى أنه كان من أصل سوداني، وجاء من مراكش، ثم استقر به الحال في دمياط. 

ومن جانب آخر انضم الكثيرون من أهل التكرور للخدمة في الجيش، ولعل من أبرزهم شخص ذكره المؤرخون باسم عنـبر التكـروري، وكـان يعيـش أيام عـدة سـلاطين مثل: جقمـق، وكذلك الأشـرف قايتباي آواخر عصر المماليك، وقد ترقـى عنبر التكروري حتى صار مقدمًا.

 

متخصص في التاريخ والتراث الإفريقي  

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز