عاجل
الجمعة 31 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

قبائل الموشى

مراسم الزواج عند قبائل جنوب السودان
مراسم الزواج عند قبائل جنوب السودان

"الموشى" هي إحدى القبائل السودانية الوثنية التي استوطنت جنوب مدينة تنبكت عند منعطف نهر النيجر، وأقامت مملكة قوية في إقليم ياتنجا Yatenga))، ورغم أنها لم تكن سوى مملكة صغيرة إلا أنها كانت منظمة بما يكفي لدرجة جعلتها تتحدى قوة مملكة مالي، ثم مملكة صنغي، وخاضت ضدهما عدة حروب كانت هي البادئة بالهجوم أحيانًا، مما يفسر جرأتها وقوتها الحربية، ففي عام (738ه/1337م) قامت قبائل الموشي بمهاجمة مدينة تنبكت، حيث قتلوا عددًا كبيرًا من السكان فضلًا على قتلهم حامية المدينة من الماندنجو.



 

وترجع المصادر التاريخية أصل الموشيين إلى ابنة ملك كابنغ، التي أسست ولاية الموشيين، وقد ولد للملك 3 أولاد "ذكرين وبنتًا" ولما توفي استولى أحدهم على الملك خليفة عنه، وهذه القبائل تمتهن حرفة الزراعة وذلك بسبب طبيعة بلادهم الجغرافية، وهم يدينون بالوثنية ويقدسون الأسلاف وعبادة الشمس والقمر، وقد امتازوا في حروبهم بالصلابة والقوة.

 

 

وتقع مملكة موشى الوثنية (موسى Mossi) في منحنى نهر النيجر، وكانت مملكة قوية مجاورة للممالك الكبرى التي عاشت في هذه البقاع (غانة ومالي وصنغي)، واستطاعت أن تحافظ على استقلالها وعلى وثنيتها فترة طويلة، وظلت كذلك طيلة عهد مملكة مالي، مع أن مالي استطاعت بقوتها أن تُخْضِع صنغي وكثيرًا من الأراضي المجاورة، فلما استردت صنغي حريتها كان ذلك إيذانًا بحركة توسعية كبيرة تقوم بها في مختلف الاتجاهات. 

 

 

وقد ظلت هذه المملكة عصية على ملوك صنغي فترة طويلة من الزمن، وذلك يرجع إلى طبيعتها الجغرافية، حيث كانت منطقة زراعية خصبة وقبائلها تمتهن حرفة الزراعة، بالإضافة إلى طبيعة المنطقة سياسيَّا، حيث كانت القرى والمقاطعات تتجمع في وحدات إدارية تحت إمرة ألوية ورؤساء يعينون من قبل الملك المقيم في العاصمة.

 

 

وقد قامت هذه القبائل بمهاجمة معظم المناطق الشمالية زحفًا إلى ولاته، وحاصروها لمدة شهر، وكان ذلك عام (885ه/ 1480م)، وقاتلوا أهلها فغلبوهم وأسروا أعدادًا كبيرة منهم، كما نهبوا أموالهم، وعلى الرغم من محاولات الطوارق الدفاع عن أنفسهم فإنهم لم يستطيعوا رد خطر وزحف قبائل الموشى عن مدينتهم، وفي الوقت نفسه كان سني علي يقوم بحفر قناة تصل رأس الماء إلى الغرب من بحيرة فاغوبين، أحد فروع نهر النيجر إلى مدينة ولاته، مما أدى إلى توقف المشروع بسبب هجمات قبائل الموشى، وعندما وصل خبر توقف مشروع حفر القناة إلى مسامع ملك صنغي سني علي، وكان في موضع يسمى "شن فنس" رجع لملاقاة ملك الموشى فالتقى معه في قرية جنكي تعي قرب بحيرة ديبو، أحد فروع نهر النيجر، والتي كان بها قبائل الموشى وزعيمهم المسمى كُمداع "نعسر"، فهاجمهم سنى علي وقاتلهم أشد قتال وانتصر عليهم وأسر العديد منهم كما دمر مملكتهم، ونهب عاصمتهم التي احتوت على المقر الملكي في مدينة بركن، وذلك عام (887ه/ 1483م)، وعلى الرغم من ذلك فإنه فشل في إخضاع الموشى نهائيَّا، وظلوا مصدر خطر وتهديد في جنوب بلاده.

 

 

وهكذا استطاعت قبائل الموشى أن تحافظ على قوتها والتقهقر انتظارًا لفرصة أفضل، فبالرغم من قوة مملكة صنغي، فإن الموشى كانوا شعبًا أكثر اتحادا، ويتمتع بتماسك تفتقر إليه الشعوب الأخرى في السودان الغربي، ولذلك أخفق سني علي في التوسع جنوبًا حينما أخفق في الاستيلاء على مملكة الموشى الوثنية.  

 

 

ونظرًا لبقاء قبائل الموشى على وثنيتها فقد توجه إليهم ملك صنغي سني علي(869-898ه/ 1464-1492م) بجيوشه لمحاربتهم، وتمكن من طردهم حتى بمبرة، لكنه لم يقض عليهم، إلا أنه في عام (887ه/ 1483م) حاربهم مرة ثانية والتقى بزعميهم كمداع "نعسر" في قرية جنكي تعي قرب بحيرة ديبو Dabo، أحد فروع نهر النيجر، حيث كان يوجد بها قبائل الموشى وقاتلهم سني على أشد قتال إلا أنه فشل في إخضاعهم نهائيًا، نتيجة ما تمتعوا به من تماسك افتقرت إليه القبائل الأخرى في السودان الغربي، حيث كانت القرى والمقاطعات تتجمع في وحدات إدارية تحت إمرة ألوية ورؤساء يعينون من قبل الملك المقيم في العاصمة.

 

مدرس التاريخ والحضارة الإسلامية – جامعة الأزهر  

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز