اللعب مع القروش.. مغامرة مثيرة مع سمك القرش في البحر الأحمر (فيديو وصور)
سهام ذهنى
خاص – تصوير تحت الماء: جمال دياب
"سأذهب إلى منطقة أسماك القرش جنوب البحر الأحمر لأغطس وأراهم على الطبيعة"، هذا هو ما أخبرني به ابني "جمال دياب"، أثناء استعداده للسفر إلى رحلة غطس جديدة، حيث إنه يمارس رياضة الغطس منذ خمسة عشر سنة.
وأضاف أن الباخرة التي سيكون عليها، سينقطع عنها الإرسال، عندما يصلون إلى منطقة جزر "الأخوين"، "حوالي 60 كيلو مترًا من مدينة القصير في عرض البحر، "ومنها إلى جزيرة "دايدالوس" المعروفة أيضا بـ"أبو الكيزان" "حوالي 85 كيلو مترًا من الشاطئ".
وقال: إنه يخبرني بهذا كي لا أقلق إذا اتصلت ووجدت الإرسال منقطعًا فضحكت وقلت تريدني ألا أقلق من سمك القرش، أم من انقطاع الإرسال، وضحكنا معًا كالأطفال.
الحمد لله أنني مؤمنة بأنه لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا، وأن الأخطار موجودة في كل مكان والله الحافظ، من القاهرة إلى سفاجا مع جروب ديكو دايفرز (deco diver)، ومنها إلى الباخرة (رمضان 3) لمدة 8 أيام.
عادة ما يسافر جمال في رحلات طويلة كهذه منذ بدء علاقته بالغطس من 2005، وكانت غالبية تلك الرحلات مع جروب آي دايف ترايب (i-Dive Tribe) منذ عام 2012.
القرش يصطاد ليلًا
لكي يغطس جمال مع سمك القرش تسلح بالمعلومات عن طريق القراءة ومشاهدة الأفلام الوثائقية التي تشرح سلوكيات أسماك القرش المختلفة، وفقًا للمنطقة التي سيغطس بها، على سبيل المثال أسماك القرش المحيطية ذات الزعنفة البيضاء المنتشرة بمناطق الغطس، التي سيذهب إليها هي كائن يصطاد ليلًا، أما بالنهار فتصبح شديدة الفضول وهي التي تأتي للسباحة بالقرب من الغواصين.
وتعلم جمال أيضا كيفية قراءة لغة جسدها، فسرعة سباحة القرش تدل على ما إذا كان متوترًا أم مسترخيًا، السباحة السريعة في دوائر حول الغواص تدل على توتر القرش، وأن احتمالية حدوث مناوشة مرتفعة، أما إذا كان يسبح ببطء بالقرب منه فهذه علامة مطمئنة، أيضا وضعية الزعانف الأمامية للقروش، إذا كانت مفرودة كالطائرة هذه مؤشر جيد لهدوء القرش، إذا كانت موجهة إلى أسفل هذا يعنى انه في وضعية ترقب.
السمك الصغير ينظف السمك الكبير
تستيقظ المجموعة المكونة، من 16 غطاسًا مع شروق الشمس على جزر الأخوين، لتبدأ اليوم بغوصة صباحية قبل الإفطار على البلاتوه الجنوبي لجزيرة الأخ الأكبر آملين في لقاء أحد القروش التي تسبح في تلك المنطقة بالقرب من محطات التنظيف الطبيعية، ومحطات التنظيف هي كتل من الشعاب المرجانية، يعيش بها أسماك صغيرة تنظف الأسماك الكبيرة عن طريق أكل العوالق، وما تبقى من الطعام في فم المفترسات وتنظيف الخياشيم، وعادة ما يأتي إليها في الصباح الباكر أسماك القرش للتنظيف بعد ليلة من الصيد.
كالكرباج ذيل سمكة قرش
وعلى عمق 30 مترًان يرى جمال مع المجموعة سمكة قرش "الثريشر" الشهير بذيله الذي يشبه الكرباج، تلك هي المرة الأولى التي يرى جمال فيها هذا القرش، ويحكي لي بأن القرش كان هناك للتنظيف بعد وجبته، أما هو فشبع من الغوص معه بعد أن قضى حوالي 10 دقائق في حضرة هذا الكائن الجميل "طبعًا وصف سمك القرش بأنه كائن جميل هو التعبير الذي استخدمه جمال وليس أنا".
وعلى السطح يجتمع الأصدقاء، لتبادل ما رأوه في الغوصة، فالمجموعة تنقسم تحت الماء إلى مجموعتين من 8 غواصين بدلًا من مجموعة واحدة كبيرة من 16، وقد لا يتسنى لبعضهم رؤية ما رآه الآخرون.
ومع تواجد حوالي 11 مركبًا آخر حول جزيرة الأخ الأكبر، قرر جمال مع اثنين من أصدقائه الغوص بين المراكب وليس على الشعاب المرجانية مثلما خطط الأخرون.
قرار جمال وصديقيه سببه هو معرفتهم بأن القرش المحيطي ذا الزعنفة البيضاء سيغلب عليه فضوله في النهار وسيأتي للسباحة بين المراكب للاستكشاف، وبالتالي فإن الفرصة أكبر لمقابلة هذا المفترس الشهير.
ابني في سيلفي مع القرش
وفعلا بعد التواجد لعدة دقائق على عمق 10 أمتار، رأى جمال الظل المحبب لهذا القرش يسبح في اتجاهه قادمًا من الأزرق (التسمية الدراجة للبحر المفتوح، نظرًا للونه غير المكسور بالشعاب مرجانية)، ويقرر جمال أنه سيأخذ صورة سيلفي مع سمكة القرش تلك إذا قررت الاقتراب منه، وقد كان، يشعر بالأدرنالين يتدفق في عروقه مع اقترابها، ويلاحظ أنه يسبح ببطء وزعانفه مفرودة، اذا فلا مانع من أخذ الصورة، يضع الكاميرا في وضع الفيديو كي لا تفوته اللحظة. كانت تلك الغوصة ناجحة للغاية لجمال وصديقيه، حيث قضوا ما يقرب من 50 دقيقة مع عدة أسماك قرش محيطية ذات الزعنفة البيضاء تسبح معهم على أعماق مختلفة، بينما لم تقابل المجموعة الأخرى أيا من تلك الأسماك إلا في آخر 5 دقائق من غطستهم أثناء وقفة الأمان تحت المركب، وطبعا "غاظ" جمال وصديقاه المجموعة عند تجمعهم على سطح المركب وقاموا بتوصيل كاميراتهم على شاشة التليفزيون لمشاهدة الفيديوهات العديدة التي صوروها.
سمك القرش كمان وكمان
ثم في غوصة أخرى وأثناء وقفة الأمان كان جمال يسبح بعيدًا نسبيًا عن المجموعة، اقترب منه قرش من نفس الفصيلة لدرجة أن جمال لاحظ وجود بقايا خطاف صيد في فم هذا القرش.
كان جمال في المجموعة الأولى، التي بدأت الغوصة الصباحية على حطام السفينة الإيطالية عايدة التي غرقت عام 1957 على الشمال الغربي لجزيرة الأخ الأكبر، وأثناء تواجد المجموعة على عمق 15 مترًا، رأوا ما يشبه الغواصة تسبح في اتجاههم، وبعد دقائق بدأ أعضاء المجموعة في إطلاق الصفارات وما يشبه الزغاريد من الفرحة، الغواصة ما هي إلا سمكة القرش "الحوتي" الآكل للعوالق، والذي يطلق عليه أهل البحار اسم "بهلول" نظرًا لكونه غير مفترس رغم كبر حجمه الذي يصل أحيانا إلى 18 مترًا.
يسبح بهدوء ويقترب من كل غواص على حدة، وكأنه يريد أن يرضي الجميع، وبعد حوالي خمسة عشر دقيقة من الغطس في نفس المكان مع القرش الحوتي، تصل المجموعة الثانية على الزوارق الصغيرة السريعة التي يستخدمها الغواصون في التنقل من نقطة إلى أخرى حول الجزر، ليقضوا 20 دقيقة أخرى مع بهلول، يصبح بهلول حديث المركب طوال اليوم، ليحكي أحدهم أنه يشعر بأن روحه تحلق في السماء الآن بعد هذه التجربة، وأخرى تقول إنها شعرت بأن نظرة عينيه اخترقت كينونتها، الكل كان سعيدًا والفضل لـ"بهلول".
كبح الخوف هو المفتاح
ولم يكن من الممكن الحصول على هذا القدر من السعادة بمواجهة هذا الكائن الذي يخاف منه الغالبية إلا من خلال تنفيذ أهم نصيحة لمن يجد نفسه وجهًا لوجه أمام الذي يخافه الكثيرون، وهو ألا يظهر له أنه خائف، الكلب لا ينهش إلا من يخاف منه. أهم شيء هو أن يتحكم الإنسان في أعصابه ولا يبدو خائفًا، وهذه الرسالة يوصلها الإنسان للقرش عبر النظر في عينيه بثقة.