مجدي يعقوب.. فيلسوف القلوب

إبراهيم رمضان
ملك القلوب لقب استحقه الدكتور مجدي يعقوب عن جدارة، فهو جراح فريد بين أقرانه، لا ينافسه أحد في تخصصه، يتردد اسمه على ألسنة الكبار والصغار في مصر والوطن العربي.
رجل يعشق مهنته، ويقدس قسم "أبقراط"، ليضرب كل يوم مثلًا بأن الإنسانية لا دين لها، طاف كل بلاد العالم، لينشر رسالة الإنسانية ويداوي جراح القلوب.

تكريم جديد
البروفيسيور مجدي يعقوب، كرّمه الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، بمنحه وشاح محمد بن راشد للعمل الإنساني، خلال حفل عالمي نظمته مؤسسة “صناع الأمل” التي يرعاها.
وسبق أن كرّمت الملكة إليزابيث– ملكة بريطانيا- البروفيسور يعقوب بمنحه وسام الاستحقاق البريطاني لسنة 2014.
كما تم منحه جائزة فخر بريطانيا في 11 أكتوبر 2007، والمقدمة على الهواء مباشرة، من قناة "إي تي في"، البريطانية، بحضور رئيس الوزراء جوردن براون، والجائزة تمنح للأشخاص الذين أسهموا بأشكال مختلفة من الشجاعة والعطاء أو ممن أسهم في التنمية الاجتماعية والمحلية.
ارتأت لجنة التحكيم أن الدكتور يعقوب، قد أنجز أكثر من 20 ألف عملية قلب في بريطانيا، وقد أسهم بعمل جمعية خيرية لمرضى القلب الأطفال في دول العالم النامية، ولايزال يعمل في مجال البحوث الطبية؛ لذا تم اختياره من لجنة التحكيم ليكون الشخصية البارزة في الحفل، وتم تسليمه الجائزة في نهاية الحفل مع حضور عشرات الأشخاص، الذين أسهم الدكتور يعقوب بإنقاذ حياتهم على خشبة المسرح.
لا شك أن كل أوسمة الدنيا لا تكفيه قدره، ولا تفي بأعماله الإنسانية المشهود بها في كل بقاع الأرض، إلا أن تكريم ملك القلوب من آنٍ لآخر رسالة للإنسانية بأن الخير لايزال يجري في عروق الكثير من بني البشر.
البروفيسور مجدي يعقوب، الذي قال في كلمة متلفزة عرضت على الحاضرين في الحفل، تضمنت لقطات له أثناء تواجده في غرفة العمليات بين تلاميذه "لما تشوف الناس، الأمهات، والآباء، اللي داخلين هنا واللي عنده 20 سنة أو 35 سنة وجاله نوبة قلبية، حزن كبير بيجينني والمريض داخل بهذه الحالة حاجة مش معقولة، وكل ما تشتغل أكثر للمجتمع تشعر ببالغ السعادة، وده استثمار من الناس نفسهم للناس، وهذا أمر رائع".
وتابع: "أطفال بيعملوا عمليات في أول أسبوع في حياتهم، ولو مكناش هانعملهم العمليات دي 90% منهم هيموتوا قبل عيد ميلادهم الأولاني".
ويوضح: "عندما أرى زملائي وتلاميذي ينفذون العمليات بدقة تفوقني أشعر بالسعادة كثيرًا، فأنا مش عايز أي حاجة أعرفها لما أموت تضيع، فأنا عايز أدي كل المعلومات دي للشباب اللي هايرجعوا بلادهم وتبقى شبكة ضخمة من المتخصصين، قادرة على معالجة مرضى القلب".
وفي لقاء سابق للدكتور مجدي حبيب يعقوب في عام 1976 قال فيه "إنه ترك بلاده منذ 17 عامًا – مستشفى هارفيلد تصدر قائمة المستشفيات المتخصصة بإجراء عمليات زراعة القلب بعد إجراء أكثر من 72 عملية زرع قلب، إضافة لمئات العمليات التي تتعلق بأمراض القلب التي أجراها الجراح العالمي مجدي يعقوب".
وخلال الحفل أعلنت مجموعة من الهيئات الإماراتية ورجال الأعمال الإماراتيين والمصريين دعم مشروع مستشفى مجدي يعقوب الجديد بأكثر من 40 مليون درهم إماراتي.
الدكتور يعقوب قال: "إن الطلب الموجود في العالم العربي كله شديد، ومن ثم فإن المركز الجديد للقلب المزمع إنشاؤه في القاهرة، سيصبح ضعف المركز الحالي بحوالي 4 أو 5 مرات".
يستهدف المستشفى الجديد، إجراء 10 آلاف عملية قلب سنويًا ويدرب أكثر من ألف طبيب عربي.
وتعد أمراض القلب هي السبب الرئيسي للوفيات في العالم العربي، ويقدر عدد الوفيات بنحو 6.8 مليون نسمة سنويًا.

إيمانًا بأهمية دوره الإنساني، أسس البروفيسور مجدي يعقوب في عام 2008 مركز أبحاث ومستشفى لإجراء أدق العمليات الجراحية للقلب بالمجان في مدينة أسوان.
عالج المستشفى أكثر من 40 ألف مريض على مستوى العالم العربي.


محطات في حياة مجدي يعقوب
ولد الدكتور مجدي يعقوب عام 16 نوفمبر 1935 من مواليد "بلبيس" بمحافظة الشرقية، وتنحدر أصوله لمحافظة المنيا، درس الطب في جامعة القاهرة، وتعلم في شيكاغو، ثم انتقل إلى بريطانيا عام 1962 ليعمل في مستشفى الصدر بلندن، ثم أصبح أخصائي جراحات القلب والرئتين في مستشفى هارفيلد (من 1969 إلى 2001)، ومدير قسم الأبحاث العلمية والتعليم (منذ عام 1992). عُين أستاذا في المعهد القومي للقلب والرئة في عام 1986، واهتم بتطوير تقنيات جراحات نقل القلب منذ عام 1967.
وفي عام 1980 أجرى عملية نقل قلب للمريض دريك موريس، الذي أصبح أطول مريض نقل قلب أوروبي على قيد الحياة، حتى موته في يوليو 2005.
ومن بين المشاهير، الذين أجرى لهم عمليات كان الكوميدي البريطاني إريك موركامب، ومنحته الملكة إليزابيث الثانية لقب “فارس”، في عام 1966، ويُطلق عليه في الإعلام البريطاني لقب "ملك القلوب".
وحين أصبح عمره 65 عامًا اعتزل إجراء العمليات الجراحية، واستمر كاستشاري ومُنظر لعمليات نقل الأعضاء.
وفي عام 2006 قطع الدكتور مجدي يعقوب اعتزاله العمليات ليقود عملية معقدة، تتطلب إزالة قلب مزروع في مريضة، بعد شفاء قلبها الطبيعي، حيث لم يزل القلب الطبيعي للطفلة المريضة خلال عملية الزرع السابقة، والتي قام بها السير مجدي يعقوب.
حصل على زمالة كلية الجراحين الملكية بلندن، وحصل على ألقاب ودرجات شرفية من كل من: جامعة برونيل، وجامعة كارديف، وجامعة لوفبرا، وجامعة ميدلسكس (جامعات بريطانية)، وكذلك من جامعة لوند بـالسويد، وله “كراس” شرفية في جامعة لاهور بـباكستان، وجامعة سيينا بـإيطاليا.