عاجل
الأحد 14 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
اعلان we
المتحف المصري الكبير
البنك الاهلي
الأول من نوفمبر 2025 افتتاح المتحف المصري الكبير.. ورؤى ذات صلة

الأول من نوفمبر 2025 افتتاح المتحف المصري الكبير.. ورؤى ذات صلة

أتابع بكل فخر واعتزاز الحدث المصري المشرف والإنجاز الباعث على الأمل للدولة المصرية في الافتتاح المهدى للعالم كله للمتحف المصري الكبير.



وإذ يعاودني دوماً اهتمامي بثقافة الطفل المصري أخذني تفكيري لأهمية المتحف المصري الكبير في اتجاه المستقبل.

وإذا كان وبحق المتحف المصري الكبير هو الحدث الأبرز على الصعيد الدولي، وهو هدية مصر للإنسانية والعالم، فهو بالتأكيد هدية نفيسة لمصر والمصريين.

وهو فرصة مهمة للغاية كي نستعيد عدة قضايا مهمة بشأن الحضارة المصرية القديمة والأطفال.

إذ تكرر طرح تدريس اللغة المصرية القديمة أكثر من مرة في المدارس حرصاً على وجود أجيال تستطيع قراءة تاريخها المدون على الآثار المصرية القديمة، وهي مسألة يمكن ترتيبها بين التربية والتعليم وإدارة المتحف وأساتذة اللغة المصرية القديمة، وخريجي أقسام المصري القديم بالجامعات المصرية.

وبالتراكم التدريجي الذي يحتاج لأن نبدأ لنحصد بعد سنوات ستعود اللغة المصرية لغة حية في الفنون والحياة.

ومع الزيارات الافتراضية المتاحة رقمياً للمتحف المصري الكبير يمكننا تنظيم زيارات جماعية رقمية للأطفال في مواقعهم في قرى الدلتا والصعيد كي نحدثهم في شرح مبسط عن القطع المعروضة بالمتحف قطعة قطعة بطريقة سهلة الفهم، مع طرح مسابقات تكون جوائزها تنظيم رحلات واقعية للمتحف للفائزين.

وفي عالم الثقافة والتربية وتأسيس المفاهيم ذات الصلة بالهوية الوطنية لا يحدث ذلك إلا بالتراكم التدريجي الصبور والمنتظم.

كما يحتوي التراث المصري القديم على أهازيج وألعاب وقصص أبدعها المصري القديم للأطفال، وهي تنتظر ترجمتها إلى العربية بل واستخدام نحو وصرف العامية المصرية المعاصرة في تلك الترجمة كي تصبح حية قادرة على أن يلعبها ويحكيها الأطفال في مصر الآن، وجدير بالذكر أن تركيب الجمل المصرية العامية وإعادة إنتاج اللغة العربية الفصحى في العامية المصرية متأثر جداً ببناء الجمل في آخر لهجات الهيروغليفية وهي القبطية المصرية، كما بقي لنا في العامية المصرية مفردات عديدة مصرية قديمة.

 

وكما تعرف اليابان كحضارة قديمة قيمة الحضارة المصرية القديمة، وكما شاركت في إنشاء المتحف وتخصيص المنح لمركز الترميم به بشكل مستدام، ولها في ذلك كل الشكر والتقدير فقد حرص اليابانيون في المدارس المصرية اليابانية على تدريس عملي لمعايشة عملية التحنيط المصرية القديمة لطلاب المدارس كي يلمسوا بشكل عملي تاريخهم المصري العريق، وهي تجربة يجب تعزيزها في العديد من المؤسسات الثقافية ذات الصلة بالطفولة.

 

وما هو متاح في المداس المصرية اليابانية أمر متوافر منذ الفهم العميق الأنجلوساكسوني والآسيوي لتاريخ مصر القديم، فالأطفال في العالم الغربي وفي اليابان يدرسون الحضارة المصرية القديمة في إطار فهم هويتهم الإنسانية وفي إطار علمي يفهم أصل الحضارة الإنسانية وما أحوجنا إلى ذلك في مصر صاحبة تلك الحضارة.

هذا على صعيد الأطفال، أما على صعيد الكبار وهم ملايين المصريين لم يسعدهم الحظ بالاطلاع على الحضارة الأم، بل وتعرضوا لتيارات شعبوية تحاول فصلهم عن تاريخهم، بل وإقناعهم بأن القدماء المصريين قوم ذهبوا وأن المصريين المحدثين لا يحملون جيناتهم الوراثية، وأحقاد أخرى ذات صلة بأفكار مضللة تنكر أن مصر القديمة هي أول من عرفت التوحيد والبعث والثواب والعقاب في العالم الآخر.

 

وهي حقاً مسألة تحتاج لتكثيف في الفنون التعبيرية الجماهيرية، خاصة أن عدد من الدرامات المصرية الشهيرة أسهمت في تصوير مصر القديمة بشكل ركز على ملك واحد ووزيره هامان وأشياء أخرى.

 

وهي صور ذهنية صنعناها بأيدينا وامتدت إلى عالم القصص الديني المصور للأطفال بيسر مذهل ومخيف.

وقد بدأت أجيال عدة جهود كبيرة في تصحيح تلك المفاهيم، ولا يوجد حدث بحجم افتتاح المتحف المصري الكبير يمكننا البناء عليه لاستعادة الصلة المعرفية الجماهيرية العامة بين المعاصرين والأجداد، وهو حدث يجب البناء عليه لتجديد الفهم الصحيح بأننا هنا في مصر أحفاد هؤلاء العظماء وامتدادهم عبر الجين الوراثي الحضاري المصري الممتد من أول نور في تاريخ الإنسانية إلى الحاضر والمستقبل.

 

وفي هذا أيضاً يجب فض الاشتباك المعرفي حول الهوية المصرية المعاصرة، فكونها هوية مصرية قديمة لا يتعارض مع مكونها الديني ولا كونها جزءا من العالم الإسلامي والعالم العربي، بل هي جزء أصيل من ثقافة البحر الأبيض المتوسط وممتد بالتأكيد نحو القارة الأفريقية السمراء.

المتحف المصري الكبير هدية مصر للعالم وهو أيضاً هدية للمصريين وبوابة حضارية لحل الألغاز وتعزيز الهوية الوطنية وتعظيم الثقة المصرية الشعبية في قدرتنا على الدخول للمستقبل.

إنها الحضارة المصرية القديمة سر مصر وصانعة المجد الإنساني للعالم كله.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز