بعد فوز الحياة بعد سهام ب ٣ جوائز
نمير عبد المسيح: جمهور مهرجان القاهرة السينمائي سيشاهد النسخة العربية من الفيلم
05:54 م - الثلاثاء 28 أكتوبر 2025
نميرعبد المسيح
كتب
هبة محمد علي
بعد رحلة حافلة بدأت من عرضه العالمي الأول في مهرجان كان السينمائي، ومروره بمهرجان الجونة حيث حصد ثلاث جوائز كبرى هي: نجمة الجونة الفضية لأفضل فيلم وثائقي طويل، ونجمة الجونة لأفضل فيلم عربي وثائقي، وجائزة «سيني جونة – إيميرج» لأفضل فيلم وثائقي طويل، يواصل فيلم (الحياة بعد سهام) للمخرج "نمير عبد المسيح" مسيرته المكللة بالنجاح، ليشارك بفيلمه في الدورة المقبلة من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي ضمن قسم العروض الخاصة.
الفيلم ينطلق من لحظة فقدان الأم "سهام" التي تتحول إلى محور لاستعادة الذاكرة العائلية والتأمل في معنى الفقد والحياة بعد الرحيل، فقد استطاع "نمير" بأسلوب بصري شاعري، أن يحول الحزن إلى رحلة تأمل في معنى الوجود والذاكرة والحنين.
في هذا الحوار، يتحدث المخرج عن النسخة الجديدة التي سيُعرض بها الفيلم في القاهرة، وعن تجربته الإنسانية والفنية في هذا العمل الاستثنائي.
ثلاث جوائز من الجونة في آنٍ واحد… كيف استقبلت هذا التتويج؟
شعور جميل جدًا، لكن الأهم بالنسبة لي كان رد فعل الجمهور، فما كنت أفكر فيه قبل عرض الفيلم هو أن أعرف هل سيصل معنى الفيلم للجمهور أم لا، وجاءتني الإجابة واضحة وسريعة في تفاعل الناس بمجرد انتهاء العرض، من بكاء وأحضان، ومشاعر صادقة، فكان هذا المشهد هو جائزتي الأولى.
ما الجديد الذي ستقدمه نسخة مهرجان القاهرة؟
النسخة التي عُرضت في مهرجان كان كانت نسخة أولية، أجريت عليها تعديلات لعرضها في مهرجان الجونة أما النسخة التي ستُعرض في مهرجان القاهرة ستكون أول نسخة عربية بالكامل من الفيلم، فالفيلم في الأساس فرنسي-مصري، وأقوم فيه بالتعليق الصوتي باللغة الفرنسية، لذلك قررت أن أُعيد تسجيل الصوت بالعربية، وسأقوم بذلك غدًا في القاهرة، لأني أريد أن يصل الفيلم أكثر إلى الجمهور العربي، وهذه النسخة ستكون أول عرض له باللغة العربية.
لماذا لم تكتفِ بالترجمة المكتوبة بدلًا من تغيير اللغة الفرنسية خاصة أنها مبررة في الفيلم؟
صحيح أن اللغة الفرنسية لها مبرر داخل الفيلم، لأن الأسرة هاجرت وعاشت في فرنسا، كما أنني في الفيلم أبدأ الحديث بالفرنسية وأنهيه بالعربية، وهذا مرتبط برسالة أمي التي كتبتها لي بالفرنسية وقالت فيها: "أكتب لك بهذه اللغة التي ليست لغتي، وكنت أتمنى أن تفهم لغتي" وحين أنهي الفيلم بالعربية، يكون ذلك بمثابة ردي عليها، كأنني أقول لها قد فهمت لغتك، وربما أفقد هذا المعنى عند تحويل كلامي بالكامل إلى العربية، لكن ما سأكسبه أهم: التواصل مع الجمهور العربي، أريد أن يشعر كل مشاهد أن الفيلم يخصه، وأن أخلق تواصل مباشر مع الجمهور
هل يشير ذلك إلى رغبتك في العودة إلى مصر لصناعة أفلام تخاطب المشاهد المحلي؟
أحاول دائمًا أن أبني جسورًا بين الثقافتين العربية والأوروبية، وبالتالي أحاول أن أقدّم أفلامًا تُفهم في أوروبا وتصل إلى الجمهور العربي في الوقت نفسه، وعلى سبيل المثال فيلمي السابق (العذراء والأقباط وأنا) كان مصريًا جدًا، حتى وإن لم يُعرض في مصر ولم يحصل على تصريح من الرقابة، وقد فوجئت بأن هناك عدد كبير من المصريين قد شاهدوه، ولا سيما من البسطاء الذين قالوا لي: هذا فيلم يحكي عنا.
فما يشغلني هو أن أقدّم شيئًا يخص الإنسان، لأن الإنسانية هي الرابط الحقيقي بين الثقافات.
وكيف حدث هذا الاستثناء بأن يعرض فيلم في الجونة ثم يعرض في القاهرة؟
هذا الفيلم له ظروف إنتاجية خاصة جدا، فقد حصل على منحة دعم من منصة
«Cairo Film Connection»
التابعة لمهرجان القاهرة، وحصل على دعم من «مهرجان مراكش»، وبعدها جاء دعم «الجونة» ومع دعم المهرجانات الثلاثة للفيلم ورغبتهم في عرضه كانت الحيرة، وقد تفهم مراكش أن الفيلم مصري وأن العرض العربي الأول سيكون داخل مصر، وكان علي أن اختار بين القاهرة والجونة فقررت أن أعرض في الجونة وأجهز نسخة عرض مختلفة للقاهرة، والحمد لله فقد كان هناك روح تفاهم وتعاون كبيرة جدًا من جميع المهرجانات.
تبدو متأثرًا بيوسف شاهين، حيث يحتوي الفيلم على مشاهد من أفلامه تمكنت بحرفية شديدة أن تقص حكايتك من خلالها، فهل يعني ذلك تأثرك به أيضا في طريقة السرد والرؤية؟
يوسف شاهين أحد أهم صناع السينما العربية الذين مزجوا بين الهمّ الشخصي والقضايا الوطنية في لغة بصرية مبتكرة، وهو مخرج امتلك شجاعة الحكاية وجرأة الصورة، وجعل من السينما وسيلته لفهم الذات والمجتمع، فقد كان مهتمًا بالتاريخ العربي، وصنع أفلامًا عن صلاح الدين ونكسة 67، لكنه في الوقت نفسه كان يحكي ذاته من خلال قضايا مجتمعه، وما يعجبني فيه أيضا أنه بنى جسور تواصل مع فرنسا والغرب، وقدم الغرب من وجهة نظر عربية، وكلها أشياء تعجبني في تجربته.
الفيلم مليء بالمواد الأرشيفية العائلية… كيف كونت كل هذا الأرشيف؟
منذ طفولتي كنت أحب الكاميرا جدًا، كنت أصور فيديوهات وأنا صغير، وكنت سعيد بفكرة الاختباء خلف الكاميرا واكتشاف العالم من خلالها، رغم أن عائلتي كانت تكره التصوير، خاصة أنني كنت أصورهم في كل الأوقات بلا استعدادات مسبقة، لكن اعتراضهم كان يضحكني ويجعلني أستمر في التصوير، ومن شدة تقديري لقيمة الفيديوهات، كنت قبل ظهور الانترنت والمكالمات بالفيديو أحمل رسائل مصورة لأمي وأبي في فرنسا إلى جدتي في الصعيد عندما كنت أزورها، كل تلك اللقطات أصبحت كنزًا واعتمدت عليها في فيلمي، فضلا عن أسرتي كانت تحتفظ بصور وتسجيلات لي وأنا طفل، وقد عثرت على هذا الأرشيف واستخدمته أيضا.
ما خطواتك القادمة؟ وهل ستتخلى عن الذاتية في أعمالك القادمة؟
لا أعلم بعد فأنا مشغول حاليا بفيلم (الحياة بعد سهام) وأنا أجعل أكبر عدد من الجمهور يشاهده، أما عن الذاتية فأنا أجيد التعبير عن نفسي، لكن ما أكتبه أو أرويه في أفلامي يصل إلى الناس ويجعلهم يشعرون أنني أروي حكايتهم هم.
تابع بوابة روزا اليوسف علي
















