عاجل
الجمعة 12 سبتمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
البنك الاهلي
التوأم حسن.. دموع وطنية تصنع مجد المونديال

التوأم حسن.. دموع وطنية تصنع مجد المونديال

لم تكن الدموع التي انهمرت من عيني التوأم حسام وإبراهيم حسن عقب صافرة النهاية في مباراة المنتخب الوطني أمام بوركينا فاسو مجرد لحظة عاطفية عابرة، بل كانت تجسيدًا صادقًا لوطنية متجذرة وارتباط وثيق بالراية المصرية، فمن يعرف التوأم عن قرب، كلاعبين أو مدربين، يدرك أن مشاعرهما تفيض دومًا بصدق لا يفتعل، وأن وطنيتهما لا تُقاس بمكاسب أو حسابات شخصية، بل برغبة خالصة في رفع اسم مصر عاليًا.



 

على مدار مشوارهما الكروي الممتد منذ بزوغهما في صفوف الأهلي في ثمانينيات القرن الماضي، وحتى اعتزالهما ودخولهما مجال التدريب، ظل التوأم أيقونتين بارزتين في المشهد الرياضي المصري، نجومية لم يخفت بريقها مع مرور الزمن، وحضور دائم في بؤرة الاهتمام، يفرضانه لا عبر التصريحات الرنانة أو الظهور الإعلامي، بل عبر أفعال ومواقف رسخت حب الجماهير وثقة الشارع الرياضي بهما.

 

تعادل المنتخب الوطني أمام بوركينا فاسو خارج الديار، وإن لم يحسم التأهل رسميًا إلى كأس العالم 2026، إلا أنه قرّب الحلم إلى حدود اللمس، فـ«الفراعنة» باتوا على موعد مع جولتين حاسمتين في أكتوبر المقبل أمام جيبوتي وغينيا بيساو، لتحقيق الصعود الرابع في تاريخ الكرة المصرية بعد نسخ 1934 و1990 و2018.

 

ورغم ما قدمته مصر من مسيرة قارية مشرفة على مستوى كأس الأمم الأفريقية، ظل المونديال هو العقدة الكبرى، والحلم المؤجل لأجيال متعاقبة، مشوار طويل عانى فيه المنتخب من إخفاقات متكررة، حتى جاء تأهل 1990 الذي حمل توقيع جيل حسام وإبراهيم كلاعبين، قبل أن يتجدد الأمل مع تأهل 2018، واليوم يقف «الفراعنة» على أعتاب المشاركة الرابعة، وسط أجواء مختلفة يقودها التوأم من على الخطوط الفنية.

 

في حال تحقق التأهل، سيصبح التوأم جزءًا من ملحمة تاريخية نادرة؛ فقد سبق لهما أن سطرا أسماءهما في سجل المونديال لاعبين عام 1990، واليوم يقفان على أعتاب التواجد فيه مدربين عام 2026. إنجاز لم يسبق لأي مصري أو عربي أن بلغه، باستثناء على الصعيد القاري السنغالي أليو سيسيه الذي قاد بلاده لاعبًا ثم مدربًا. الأمر لا يقف عند حدود الأرقام، بل يعكس رحلة إصرار وصمود، فبعد فترة تراجع عانى منها المنتخب في النتائج والأداء، أعاد التوأم البوصلة سريعًا، ليقترب «الفراعنة» مجددًا من حلم الملايين، مثبتين أن الخبرة لا تأتي من فراغ، وأن القيادة تتجلى في أصعب اللحظات.

 

ورغم هذه النجاحات، لم يسلم الجهاز الفني من سهام النقد، فبدلًا من الاحتفاء بالإنجاز المنتظر، خرجت أصوات تقلل من قيمة العمل بدعوى تواضع الأداء الفني، متجاهلة أن نفس الأصوات كانت تهاجم من قبل غياب التأهل رغم قوة الأداء، تناقضات تكشف عن دوافع شخصية وحسابات ضيقة أكثر مما تعكس تقييمًا موضوعيًا.

 

لم تتوقف الأمور عند حدود الأقلام، بل امتدت إلى بعض زملاء الملاعب السابقين الذين أثارتهم احتمالية نجاح التوأم، فقبل التجمع الأخير، ظهر الحارس الدولي السابق عصام الحضري في مقطع مصوّر إلى جانب أحمد حسن، في محاولة لإثارة جدل حول لقب «العميد الأصلي»، لكن التوأم اختارا الصمت والنضج، رافضين الانجرار إلى معارك جانبية هدفها التشويش أكثر من النقاش.

 

ذلك الموقف عكس مدى ما بلغه حسام وإبراهيم من خبرة في التعامل مع الضغوط والأزمات، فقد باتا أكثر إدراكًا أن طريق النجاح محفوف بالمحاولات الهدامة، وأن المرحلة المقبلة لا تحتمل الانشغال بصراعات جانبية، فالمهمة الأساسية تبقى واحدة، قيادة مصر إلى المونديال، وتحقيق حلم طال انتظاره لأكثر من مئة مليون مصري.

 

وبين دموع الفرحة التي رآها الملايين في وجهيهما بعد مباراة بوركينا فاسو، وصمتهما الواعي أمام الانتقادات والحملات، يواصل التوأم حسن كتابة سطور جديدة في تاريخ الكرة المصرية، سطور قد تخلد اسميهما ليس فقط كنجوم حملوا قميص المنتخب بإخلاص، بل كمدربين أعادوا الأمل لجماهير حلمت طويلًا برؤية «الفراعنة» في المحفل العالمي، لتبقى تلك الدموع علامة على أن الكرة ليست مجرد لعبة، بل وطنية صافية تتجسد على العشب الأخضر.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز