عاجل
الإثنين 24 نوفمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
اعلان we
البنك الاهلي

العرض المسرحي (طوق) يحظى باهتمام جماهيري في مهرجان المسرح التجريبي

شهدت الدورة الثانية والثلاثون من مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي عرض مسرحية "طوق"، التي جاءت من السعودية إلى القاهرة بعد جولة دولية مميزة توقّف خلالها في مهرجان "أفينيون" الفرنسي ومهرجان "فرينج إدنبرة" البريطاني، محمّلًا بتجربة نوعية واهتمام جماهيري متزايد. وقد عُرض "طوق" على مسرح الفلكي بوسط القاهرة مرتين، وسط تفاعل كبير من الجمهور والنقاد الذين رأوا فيه محاولة جادة لتكريس لغة مسرحية مختلفة تمزج بين الرمزية والبناء الحركي.
 
المسرحية التي كتبها أحمد آل بن حمضة وأخرجها فهد الدوسري لم تلجأ إلى السرد التقليدي أو الحوار المطوّل، بل اختارت أن تضع المشاهد في مواجهة مباشرة مع فضاء بصري وجسدي، حيث بدا كل عنصر فوق الخشبة متعمدًا ليؤدي وظيفة رمزية. وقد اعتمد المخرج على تفريغ الخشبة من التفاصيل الزائدة، بحيث غدت المساحة الفارغة مرآة لتجربة إنسانية مكثفة حول القيود التي يفرضها الروتين، والدوائر المغلقة التي يجد الإنسان نفسه حبيسًا داخلها.

 



في حديثه عن العمل، أوضح المخرج فهد الدوسري أن مشاركته في القاهرة لم تكن مجرد إضافة جديدة إلى جولة دولية، بل محطة مهمة لعرض التجربة أمام جمهور عربي له علاقة خاصة بالمسرح التجريبي. وأكد أن ردود الأفعال الإيجابية التي تلقاها الفريق منحته ثقة أكبر في قدرة المسرح السعودي على تقديم أعمال تنافس على المستوى العالمي. وقال: "المشاركة في أفينيون وإدنبرة كانت تحديًا كبيرًا لأنها تعني الوقوف أمام جمهور متنوع من ثقافات مختلفة، لكن الوصول إلى القاهرة يمثل مسؤولية مضاعفة، لأننا نعرض أمام جمهور يدرك جيدًا معنى التجريب ويفهم أدواته".

 

العمل تمحور حول مجموعة موظفين يعيشون تحت وطأة روتين قاتل داخل مؤسسة مغلقة، حيث تتحول حياتهم اليومية إلى دائرة مفرغة تبدأ وتنتهي عند النقطة نفسها. ورغم محاولات رئيس القسم إحداث ثورة أو تغيير في المسار، إلا أن الأحداث تعود دائمًا إلى البداية، في إشارة رمزية إلى عجز الإنسان عن كسر الطوق الذي يحيط به. وقد أضفى هذا البناء الدائري بعدًا فلسفيًا جعل الجمهور يتعامل مع العرض لا كحكاية خطية، بل كتجربة وجودية تُحاكي صراعه مع القيود الظاهرة والخفية.

 

ومن أبرز عناصر العمل أداء الممثلة مريم حسين، إلى جانب أحمد الذكر الله، فاطمة الجشي، عبدالعزيز الزياني، خالد الهويدي، وشهاب الشهاب. مريم عبّرت عن سعادتها الكبيرة بالمشاركة في القاهرة، مؤكدة أن ردود الفعل التي تلقتها من الجمهور المصري فاقت توقعاتها. وقالت: "العرض كان صعبًا للغاية، والبروفات استغرقت منا جهدًا كبيرًا حتى نتمكن من تقديم العمل بالشكل الذي شاهده الجمهور. كنا بحاجة إلى تركيز عالٍ وعيش داخلي مع الشخصيات التي نجسدها، لأن طبيعة المسرحية لا تسمح بالأداء السطحي أو التقليدي". وأضافت أن التجربة شكّلت تحديًا شخصيًا لها لأنها تتطلب قدرة على التعبير الجسدي والنفسي دون الاعتماد على الحوار بشكل أساسي، وهو ما اعتبرته فرصة لتطوير أدواتها الفنية.

 

وقد بدا واضحًا أن فريق العمل بكامله عمل على خلق انسجام جماعي داخل العرض، وهو ما أشار إليه الدوسري في حديثه قائلًا إن كل ممثل أدى دوره ضمن رؤية شمولية تهدف إلى تقديم صورة رمزية عن الإنسان في مأزقه الوجودي، وليس مجرد شخصيات منفصلة على الخشبة.

 

وأوضح أن هذا الانسجام لم يأتِ من فراغ، بل من تدريبات مكثفة امتدت لفترات طويلة، تخللها الكثير من النقاشات حول طبيعة الأدوار ودلالاتها مشيراً إلى أن السينوغرافيا في "طوق" اعتمدت على البساطة الشديدة.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز