
حرارة مشروبات يومية قد تُعرضك للإصابة بالسرطان.. التفاصيل التي يجب أن تعرفها

سارة هليل
لا يختلف اثنان على أن للمشروبات الساخنة مكانة خاصة في تفاصيل يومنا، سواء كانت قهوة تُنعش الصباح، أو كوب شاي يختتم يومًا مرهقًا. لكن خلف هذا الطقس اليومي المحبَّب، تُخفي حرارة هذه المشروبات "إذا تجاوزت حدًّا معينًا" تهديدًا صحيًا خطيرًا قد لا يخطر على بال الكثيرين: «خطر الإصابة بسرطان المريء».
درجة الحرارة.. لا المشروب نفسه
الدراسات الحديثة لم تُوجِّه أصابع الاتهام إلى الشاي أو القهوة أو أي مشروب ساخن بحد ذاته، بل إلى درجة حرارة تناوله.
فبحسب الوكالة الدولية لأبحاث السرطان، فإن تناول مشروبات تفوق حرارتها 65 درجة مئوية قد يرفع بشكل واضح من احتمالية الإصابة بسرطان المريء.
وقد صنَّفت الوكالة هذا النوع من المخاطر في نفس فئة التهديدات الصحية الكبرى، مثل استنشاق دخان الخشب في الأماكن المغلقة، أو الإفراط في تناول اللحوم الحمراء، ما يوضح حجم الخطورة.
دراسات عالمية تؤكد: كلما ارتفعت الحرارة زاد الخطر
ظهرت هذه العلاقة لأول مرة من خلال دراسات أُجريت في أمريكا الجنوبية، حيث ينتشر مشروب "الماتي" الذي يُشرب تقليديًّا عند درجات حرارة عالية جدًّا، تصل أحيانًا إلى 70 درجة مئوية. والنتيجة؟ ارتفاع واضح في معدلات الإصابة بسرطان المريء بين عشاق هذا المشروب.
وقد دعمت دراسات من الشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا نفس النتيجة، حيث أجمع الباحثون على أن الحرارة العالية تُلحق ضررًا بخلايا المريء وقد تُفضي بمرور الوقت إلى تطور السرطان.
وفي دراسة موسعة نُشرت هذا العام، شملت نحو نصف مليون شخص في المملكة المتحدة، اتضح أن تناول أكثر من 8 أكواب من الشاي أو القهوة شديدة السخونة يوميًّا قد يزيد من احتمالات الإصابة بسرطان المريء بما يصل إلى ستة أضعاف، مقارنةً بمن يتجنب المشروبات بهذه الحرارة.
كيف تؤثر الحرارة على المريء؟
عند تناول مشروب ساخن جدًّا، فإن أول من يتعرض للتأثير هو بطانة المريء. ومع التكرار اليومي، تتسبب الحرارة في إحداث تلف حراري دقيق في الخلايا. هذا التلف يُضعف مناعة المريء الطبيعية، ويزيد من قابليته للتأثر بعوامل أخرى مثل ارتجاع الأحماض، مما قد يُسرّع تحوُّل الخلايا إلى خلايا سرطانية.
وقد دعمت هذه النظرية تجارب أُجريت على الحيوانات، حيث أظهرت أن الفئران التي تناولت ماءً بدرجات حرارة مرتفعة كانت أكثر عرضة لتكوين أورام في المريء مقارنةً بغيرها.
رشفة كبيرة أم مشروب ساخن؟ أيهما أخطر؟
المثير للاهتمام أن طريقة الشرب قد تكون أخطر من درجة حرارة المشروب ذاتها. فوفق دراسة قيّمت تأثير المشروبات الساخنة على درجة حرارة المريء، اتضح أن أخذ رشفة كبيرة "20 مل أو أكثر" من مشروب بدرجة حرارة 65 مئوية قد يرفع حرارة المريء بسرعة تصل إلى 12 درجة مئوية وهي قفزة حرارية كفيلة بإحداث ضرر.
أما من يتناول المشروب برشفات صغيرة، فيُقلل من تأثير الحرارة، رغم استمرار وجود خطر تراكمي مع مرور الوقت.
هل من داعٍ للقلق؟
الهدف من هذه النتائج ليس التهويل أو الدعوة إلى التوقف عن تناول الشاي أو القهوة، بل التنبيه إلى أمر بسيط ومؤثر: دَع مشروبك يبرد قليلاً قبل تناوله. قد لا يبدو هذا مهمًّا اليوم، لكنه فارق قد يحمي صحتك لسنوات قادمة.