

جمال عبدالصمد
ملحمة وطنية أمام اللجان الانتخابية
شهد الشارع المصري عامة والسكندري خاصة صورًا عديدة ومختلفة أمام اللجان الانتخابية بكل محافظات مصر، وذلك خلال انتخابات مجلس الشيوخ التي أجريت على مدار يومي الاثنين والثلاثاء "٤_٥" أغسطس الجاري، حيث عزف الشعب المصري سيمفونية وطنية أمام صناديق الاقتراع عكست روح الولاء والانتماء في نفوسهم نحو وطنهم الحبيب، وقد كشف المواطن المصري عن معدنه الأصيل والحقيقي وأنه يمتلك الوعي الكافي، وذلك من خلال تقديم المصلحة العامة على المصلحة الشخصية، وترجم هذا عبر اختياره عضو مجلس شيوخ يمتلك رؤية وطنية، واستراتيجية شاملة يستطيع من خلالها أن يساهم في تحقيق تنمية شاملة بالجمهورية الجديدة.
رغم وجود قائمة واحدة تخوض انتخابات مجلس الشيوخ بالإسكندرية تحت شعار "القائمة الوطنية" وهي نتاج تحالف وتوافق سياسي بين مرشحي الأحزاب المشاركة، فإنها لم تعتمد على ضمان نجاحها في عدم وجود قائمة منافسة، فلم تتهاون في دعايتها وعرض برنامجها الانتخابي، من خلال تنظيم لقاءات وندوات ومؤتمرات جابت الأحياء والقرى غربا وشرقا، مما أسفر عن دعم الشارع السكندري لهذه الصورة الانتخابية التي احترمت الناخب الذي ترجم هذا الاحترام والتقدير خلال حرصه على التواجد أمام اللجان الانتخابية لكي يدلي بصوته للمرشح الذي يمثله هو وأبناء دائرته تحت قبة البرلمان، وأن يكون مثالا حيا لكل وطني يحمل على عاتقه مهام ومصلحة مصر أولا وأخيرا.
تعددت المشاهد خلال الانتخابات فمنها ماجذب الانتباه، ومنها ما أبكى العيون، وأخرى أعطت الأمل وبثت روح الانتماء والوطنية في النفوس، حيث حرصت الأسرة المصرية على مصاحبة أولادها الصغار، حاملين أعلام بلدهم ينشدون ويتغنون بالأغاني الوطنية التي تجوب الشوارع والميادين، وكان مشهد كبار السن وأصحاب الكراسي المتحركة يستوقفني كثيرا، فالتزام هؤلاء وحرصهم على الذهاب للإدلاء بأصواتهم بصناديق الاقتراع، يعكس معاني كثيرة كما أنها بمثابة درس في الوطنية للأجيال القادمة، وأن المرض أو العجز لم يكن حائلا بينهم وبين حبهم لوطنهم، بالإضافة إلى أنهم استطاعوا أن يتحدوا كل المصاعب والعوائق، وقاموا بتحويلها من تحديات إلى بطولات، فضلا عن أصحاب الهمم الذين عزفوا سيمفونية رائعة جعلت الجميع يقفون احتراما وإجلالا لدورهم العظيم في كل مناحي الحياة.
في النهاية.. سوف تقوم الهيئة الوطنية للانتخابات بالإعلان عن النتائج يوم الثلاثاء المقبل 12 أغسطس 2025، وفي حالة وجود إعادة بين المرشحين، تُستأنف في اليوم ذاته الدعاية الانتخابية لجولة الإعادة، حيث تستقبل الهيئة الطعن على نتيجة الانتخابات خلال يومين منذ إعلانها إلى موعد أقصاه يوم الخميس الموافق 14 أغسطس 2025، حيث تفصل المحكمة الإدارية العليا في الطعون المقدمة خلال عشرة أيام، من ١٥ أغسطس حتى ٢٤ أغسطس الذي يُعد اول أيام الصمت الانتخابي لجولة الإعادة، على أن تنطلق جولة الإعادة خارج الجمهورية يومي الاثنين والثلاثاء 25 و26 أغسطس 2025، وتُجرى جولة الإعادة داخل الجمهورية يومي الأربعاء والخميس 27 و28 أغسطس 2025، وسوف تقوم الهيئة الوطنية للانتخابات بالإعلان عن النتيجة النهائية لانتخابات مجلس الشيوخ يوم الخميس 4 سبتمبر 2025 على أن يتم نشرها بالجريدة الرسمية.
ختاماً.. ربما يخالفني البعض في نسبة إقبال الناخبين، هناك من لاحظ وجود إقبال ضعيف صباحاً، وهذا أمر طبيعي ووارد نظرا لشدة الحرارة وانشغال الكثيرين في أعمالهم اليومية، في حين تزايد إقبال الناخبين في دوائر أخرى، وزادت الكثافة بعد انكسار أشعة الشمس، والكثافة لا تقاس إلا عن طريق إجراء مسح شامل لكل الدوائر الانتخابية وليست من خلال ما نراه فقط.
أخيراً.. عندما تشاهد لجنة انتخابية، الإقبال بها متوسط أو ضعيف، ليس معناه أن الصورة التي شاهدتها هي المشهد السائد والطاغي على المشهد الانتخابي، بالعكس، محافظة الإسكندرية ضربت مثالا حيا لوعي أبنائها الذين يعلمون قيمة أصواتهم، وحرصوا على النزول من أجل اختيار من يمثلهم ويعبر عن تطلعاتهم، لكي يساهم في استكمال مسيرة البناء والتشييد والتنمية.