
300 ألف جندي يتلقون الأوامر لأكبر معركة في التاريخ.. وإخلاء عاجل لـ"كييف"

عادل عبدالمحسن
حشدت روسيا 13 فرقة، يُقدر قوامها الإجمالي بنحو 300 ألف جندي، لهذه الحملة الهجومية.
ووفقًا لصحيفة "إم كيه " الروسية سيُخلّد هذا اليوم في التاريخ باعتباره "يومًا أسود" لأوكرانيا، وأكبر حملة هجومية في التاريخ. وذكرت الصحيفة الروسية أن القوات المسلحة بالاتحاد الروسي بدأت بشن حملة هجومية واسعة النطاق على كامل الجبهة الأوكرانية، وهو ما يمثل تصعيدًا غير مسبوق منذ بدء العملية العسكرية الخاصة.
أفادت قناة كوندوتييرو الروسية أن "جميع قنوات تيليجرام الأوكرانية تتحدث اليوم عن تحرك روسي واسع النطاق في أوكرانيا". ووفقًا للقناة، فقد تم تحديد الأهداف الرئيسية بوضوح: المجمع العسكري الحضري سلوفيانسك-كراماتورسك "بما في ذلك كونستانتينوفكا"، ومدينة زابوريزهيا، ومناطق رئيسية في منطقة خاركوف، مثل كوبيانسك وكوبيانسك-أوزلوفوي.
وتشير التقارير الميدانية إلى أن تقدم روسيا عطّل جميع خطط الهجوم المضاد الأوكرانية، ورفعت كييف حالة تأهب قصوى في جميع أنحاء البلاد.
وأدى الهجوم الروسي المفاجئ على زابوريزهيا إلى عجز كييف عن الرد.
وبعد اقتراب القوات من بوكروفسك وكوبيانسك، يُقال إن مراكز القيادة الأوكرانية في حالة من الفوضى، وتكافح جاهدةً لإيجاد طريقة لإنقاذ خط المواجهة من خطر رد فعل متسلسل.
وأشار كوندوتييرو إلى أنه "من المهم عدم التراخي بعد النجاحات الأولية، بل بناء موطئ قدم راسخ بسرعة.
وتُظهر بيانات خريطة المعركة أن الوضع يميل حاليًا بشكل كبير لصالح روسيا.
وبحسب بيان لهيئة الأركان العامة الأوكرانية، فإن هذا الهجوم يعتبر قويًا للغاية، سواء من حيث حجم القوات أو سرعة الانتشار.
ووصفت صحيفة "إم كيه" الروسية هذه الحملة الهجومية بأنها الأكبر في تاريخ العملية العسكرية الخاصة التي أطلقتها روسيا منذ فبراير 2022 في أوكرانيا.
ووفقًا لصحيفة نيويورك تايمر الأمريكية، شكّلت روسيا طوقًا بعرض 16كيلومترًا حول كونستانتينوفكا، أحد المعاقل الرئيسية لأوكرانيا في الشرق، ما أدى إلى حصار الوحدات الأوكرانية جزئيًا من الشرق والجنوب والغرب، بينما تعمل الطائرات الروسية بدون طيار باستمرار، وتراقب عن كثب كل حركة في هذه المنطقة.
حشد 300 ألف جندي
أكدت مصادر عسكرية أوكرانية أن روسيا حشدت أكثر من 13 فرقة عسكرية، يُقدر قوامها الإجمالي بنحو 300 ألف جندي، استعدادًا لهذا الهجوم. ويُعتبر هذا أكبر انتشار للقوات منذ بدء الحملة.
وبحسب إيجور رومانينكو - نائب رئيس الأركان العامة السابق للقوات المسلحة الأوكرانية - فإن هذا العدد يتجاوز بكثير قدرة كييف الحالية على المواجهة، مما يخلق ميزة ساحقة واضحة بنسبة فرق تتراوح من 1:2 إلى 1:4 لصالح روسيا في العديد من المجالات.
أشارت صحيفة "فوينايا خرونيكا" الروسية إلى أن القوات النظامية لا تُمثل سوى جزء من إجمالي القوات المُعبأة.
أما البقية فهي وحدات متنقلة، أو احتياطية، أو لم تُشارك بعد في القتال، وهذا يُثير احتمال أن تُواصل موسكو توسيع نطاق حملتها في الأيام المقبلة، وخاصةً في الشمال والشمال الشرقي، حيث دخلت خطوط الدفاع الأوكرانية في حالة من التوتر المُستمر.
وتشير المعلومات الميدانية إلى أن روسيا تستخدم تكتيكات العمق الاستراتيجي، حيث تعمل على قطع خطوط الإمداد وتقسيم قوات العدو.
وبالتوازي مع الهجمات المشاة، استخدمت روسيا طائرات بدون طيار انتحارية ومدفعية صاروخية وصواريخ كروز لشل النظام اللوجستي الأوكراني، مما أجبر كييف على التراجع والتخلي عن العديد من النقاط الدفاعية غير القابلة للدفاع عنها.
وعلى جبهة زابوريزهيا، أشارت بعض التقارير إلى أن الجيش الأوكراني اضطر إلى الانسحاب من العديد من المواقع بعد أن تكبد خسائر فادحة تحت نيران المدفعية الروسية الدقيقة.
في اتجاه دونيتسك، تواصل الوحدات الروسية توسيع نطاق سيطرتها على طول محور بوكروفسك - نوفوترويتسك - كونستانتينوفكا. ويُعد هذا ممرًا استراتيجيًا إذا أرادت روسيا التوغل بشكل أعمق في سلوفيانسك - كراماتورسك، الذي يُعتبر آخر خط دفاع رئيسي لأوكرانيا في دونباس.
وقال القائد العام للقوات المسلحة الأوكرانية أوليكساندر سيرسكي في بيان يوم أمس الثلاثاء، إن كييف "ستتمسك بحزم بالمواقع الرئيسية وتستعد لهجمات مضادة في المناطق التي أظهر فيها العدو نقاط ضعف".
ومع ذلك، وفقا لخبراء عسكريين غربيين، فإن قدرة أوكرانيا على شن هجوم مضاد في الأمد القريب محدودة بشكل خطير بسبب نقص القوى العاملة والأسلحة الثقيلة وحالة طويلة من الإرهاق اللوجستي.
وفي مواجهة الضغوط المتزايدة الناجمة عن الهجمات الروسية، اضطرت الحكومة الأوكرانية إلى إجراء عمليات إخلاء طارئة في العديد من المناطق المعرضة لخطر الحصار.
اجلاء أوكرانيا قبل الهجوم الروسي
طوال يوم أمس الثلاثاء، نفذت السلطات العسكرية الأوكرانية تدابير لإجلاء الأشخاص من بوكروفسك وكونستانتينوفكا.
تم توفير وسائل نقل كالحافلات وسيارات الإسعاف والسيارات الخاصة لإجلاء آلاف الأشخاص فورًا، مع إعطاء الأولوية للنساء والأطفال وكبار السن.
وحُددت مسارات الإجلاء بعناية، بعيدًا عن خطوط القتال الأمامية، وتم التنسيق مع قوات الشرطة لضمان الأمن.
وجاء ذلك فور تحذير هيئة الأركان العامة الأوكرانية من أن روسيا تشدد الحصار حول كونستانتينوفكا، مما أجبر السلطات على التحرك في أسرع وقت ممكن.
في وقت سابق، أعلنت الشرطة الأوكرانية أن سيارة إسعاف تقل ثلاثة أشخاص تعرضت لهجوم في الأول من يوليو الجاري، مما أسفر عن سقوط ضحايا.
لذلك، نُظمت جميع عمليات الإجلاء في الثامن من يوليو الجاري بأقصى درجات التأهب، حيث نُشر حراس مسلحون على بعض الطرق، واستُخدمت طائرات مراقبة مُسيّرة للكشف عن خطر هجوم عسكري روسي مُبكر.
ومن خلال الهجوم العام الجديد، لم تثبت روسيا قوتها العسكرية المتفوقة من حيث الحجم والتنظيم فحسب، بل أثبتت أيضاً قدرتها على إعادة إرساء المبادرة على ساحة المعركة الأوكرانية بأكملها.
وقالت الصحافة الروسية إن التعبئة المتزامنة للقوات الكبيرة ونشر التكتيكات المنسقة بين المدرعات والقوات الجوية والحرب الإلكترونية تسببت في اختراق خطوط الدفاع الرئيسية لأوكرانيا بشكل مستمر.