
عاجل.. رسائل الرئيس السيسي للعالم والأمة العربية في قمة بغداد

بغداد: أيمن عبدالمجيد
السيسي: تحديات المنطقة العربية تتطلب موقفًا موحدًا وإرادة لا تلين على قلب رجل واحد
شدد الرئيس عبدالفتاح السيسي على أن القمة العربية تعقد، اليوم، في ظرف تاريخي، حيث تواجه منطقتنا تحديات معقدة، وظروفًا غير مسبوقة، تتطلب منا جميعا - قادة وشعوبا - وقفة موحدة، وإرادة لا تلين. وأن نكون على قلب رجل واحد، قولاً وفعلاً، حفاظًا على أمن أوطاننا، وصونًا لحقوق ومقدرات شعوبنا الأبية.
وأضاف الرئيس السيسي في كلمة مصر بالقمة العربية الرابعة والثلاثين المنعقدة، اليوم، ببغداد، لا يخفى على أحد، أن القضية الفلسطينية تمر بمرحلة من أشد مراحلها خطورة، وأكثرها دقة.
وأوضح الرئيس السيسي: يتعرض الشعب الفلسطينى، لجرائم ممنهجة وممارسات وحشية، على مدار أكثر من عام ونصف، تهدف إلى طمسه وإبادته، وإنهاء وجوده في قطاع غزة.
وأضاف الرئيس: تعرض القطاع لعملية تدمير واسعة، لجعله غير قابل للحياة، فى محاولة لدفع أهله إلى التهجير، ومغادرته قسرًا تحت أهوال الحرب. فلم تبق آلة الحرب الإسرائيلية، حجرًا على حجر، ولم ترحم طفلاً أو شيخًا. واتخذت من التجويع والحرمان من الخدمات الصحية سلاحًا، ومن التدمير نهجًا. مما أدى إلى نزوح قرابة مليوني فلسطينى داخل القطاع، في تحدٍ صارخ لكل القوانين والأعراف الدولية.
وشدد الرئيس السيسي: وفى الضفة الغربية، لا تزال آلة الاحتلال تمارس ذات السياسة القمعية من قتل وتدمير، ورغم ذلك يبقى الشعب الفلسطيني صامدًا عصيًا على الانكسار، متمسكًا بحقه المشروع في أرضه ووطنه.
وذكر الرئيس السيسي: منذ أكتوبر ٢٠٢٣، كثفت مصر جهودها السياسية، لوقف نزيف الدم الفلسطيني، وبذلت مساعي مضنية، للوصول إلى وقف إطلاق النار، وإدخال المساعدات الإنسانية.. مطالبة المجتمع الدولى، وعلى رأسه الولايات المتحدة، باتخاذ خطوات حاسمة، لإنهاء هذه الكارثة الإنسانية.
وثمن الرئيس السيسي جهود الرئيس "دونالد ترامب"، الذي نجح فى يناير ٢٠٢٥، في التوصل إلى اتفاق، لوقف إطلاق النار في القطاع.. إلا أن هذا الاتفاق، لم يصمد أمام العدوان الإسرائيلى المتجدد، في محاولة لإجهاض أي مساعٕ نحو الاستقرار.
وعلى الرغم من ذلك، تواصل مصر بالتنسيق مع قطر والولايات المتحدة، شريكيها فى الوساطة، بذل الجهود المكثفة لوقف إطلاق النار، مما أسفر مؤخرا عن إطلاق سراح الرهينة الأمريكي/ الإسرائيلي "عيدان ألكسندر".
وفي إطار مساعيها، بادرت مصر، بالدعوة لعقد قمة القاهرة العربية غير العادية، في ٤ مارس ٢٠٢٥.. التي أكدت الموقف العربي الثابت، برفض تهجير الشعب الفلسطيني، وتبنت خطة إعادة إعمار قطاع غزة، دون تهجير أهله.. وهي الخطة التي لقيت تأييدا واسعا؛ عربيا وإسلاميا ودوليا. وفي هذا الصدد، أذكركم بأننا نعتزم تنظيم، مؤتمر دولي للتعافى المبكر وإعادة إعمار قطاع غزة، فور توقف العدوان.
وقال الرئيس السيسي: وجه العرب من خلال قمة القاهرة، رسالة حاسمة للعالم، تؤكد أن إنهاء الاحتلال، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، على خطوط الرابع من يونيو ١٩٦٧، وعاصمتها "القدس الشرقية"، هو السبيل الأوحد، للخروج من دوامة العنف، التي ما زالت تعصف بالمنطقة، مهددة استقرار شعوبها كافة.. بلا استثناء.
وشدد الرئيس السيسي: أكرر هنا، أنه حتى لو نجحت إسرائيل، في إبرام اتفاقيات تطبيع مع جميع الدول العربية، فإن السلام الدائم والعادل والشامل في الشرق الأوسط، سيظل بعيد المنال، ما لم تقم الدولة الفلسطينية، وفق قرارات الشرعية الدولية.
وطالب الرئيس السيسي الرئيس "ترامب"، بصفته قائدا يهدف إلى ترسيخ السلام، ببذل كل ما يلزم من جهود وضغوط، لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، تمهيدا لإطلاق عملية سياسية جادة - يكون فيها وسيطا وراعيا - تفضي إلى تسوية نهائية تحقق سلاما دائما، على غرار الدور التاريخي الذي اضطلعت به الولايات المتحدة، في تحقيق السلام بين مصر وإسرائيل في السبعينيات.
وقال الرئيس السيسي: إلى جانب القضية الفلسطينية، تواجه أمتنا العربية تحديات مصيرية، تستوجب علينا أن نقف صفا واحدا لمواجهتها، بحزم وإرادة لا تلين.
وحول السودان قال الرئيس السيسي: يمر السودان الشقيق بمنعطف خطير، يهدد وحدته واستقراره، مما يستوجب العمل العاجل، لضمان وقف إطلاق النار، وتأمين وصول المساعدات الإنسانية، والحفاظ على وحدة الأراضي السودانية ومؤسساتها الوطنية.. ورفض أى مساع، تهدف إلى تشكيل حكومات موازية للسلطة الشرعية.
وبالنسبة للشقيقة سوريا، قال الرئيس السيسي: لا بد من استثمار رفع العقوبات الأمريكية، لمصلحة الشعب السوري، وضمان أن تكون المرحلة الانتقالية شاملة؛ بلا إقصاء أو تهميش، والمحافظة على الدولة السورية ووحدتها، ومكافحة الإرهاب وتجنب عودته أو تصديره.. مع انسحاب الاحتلال الإسرائيلى من الجولان، وجميع الأراضي السورية المحتلة.
وفي لبنان، شدد الرئيس السيسي: يبقى السبيل الأوحد لضمان الاستقرار، في الالتزام بتنفيذ اتفاق وقف الأعمال العدائية، وقرار مجلس الأمن رقم "١٧٠١"، وانسحاب إسرائيل من الجنوب اللبنانى، واحترام سيادة لبنان على أراضيه، وتمكين الجيش اللبناني من الاضطلاع بمسؤولياته.
أما ليبيا، فقد أكد الرئيس السيسي أن مصر مستمرة في جهودها الحثيثة، للتوصل إلى مصالحة سياسية شاملة، وفق المرجعيات المتفق عليها، من خلال مسار سياسي ليبي، يفضي إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية متزامنة، تمكن الشعب الليبي من اختيار قيادته، وتضمن أن تظل ليبيا لأهلها.. مع خروج كل القوات والميليشيات الأجنبية من ليبيا.
وفي اليمن، قال الرئيس السيسي: قد طال أمد الصراع، وحان الوقت لاستعادة هذا البلد العريق توازنه واستقراره، عبر تسوية شاملة تنهي الأزمة الإنسانية، التي طالته لسنوات، وتحفظ وحدة اليمن ومؤسساته الشرعية.. وأشير هنا، إلى ضرورة عودة الملاحة إلى طبيعتها، في مضيق باب المندب والبحر الأحمر، وتهيئة الأجواء للاستقرار، والبحث عن الحلول التي تعود بالنفع على شعوبنا.
وشدد الرئيس السيسي: لا ننسى دعمنا المتواصل للصومال الشقيق، مؤكدين رفضنا القاطع لأي محاولات للنيل من سيادته، وداعين كل الشركاء الإقليميين والدوليين، لدعم الحكومة الصومالية، للحفاظ على الأمن والاستقرار.. في بلدها الشقيق.
وكان الرئيس السيسي قد وجه في مستهل كلمته الشكر للرئيس العراقي عبداللطيف رشيد، وللشعب العراقي لحفاوة الاستقبال وكرم الضيافة.
وفي ختام كلمته بعث الرئيس عبدالفتاح السيسي برسالة لقادة الدول العربية: أقولها لكم بكل صدق وإخلاص: "إن الأمانة الثقيلة التي نحملها جميعا، واللحظة التاريخية التي نقف فيها اليوم، تلزمنا بأن نعلي مصلحة الأمة فوق كل اعتبار، وأن نعمل معا – يدًا بيد - على تسوية النزاعات والقضايا المصيرية، التي تعصف بالمنطقة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية؛ القضية المركزية التي لا حياد فيها عن العدل.. ولا تهاون فيها عن الحق".
وأضاف الرئيس: "فلنعمل معًا على ترسيخ التعاون بيننا، ولنجعل من وحدتنا قوة، ومن تكاملنا نماء .. مؤمنين بأن شعوبنا العربية، تستحق غدًا يليق بعظمة ماضيها، وبمجد حضارتها.. فلنمضِ بثبات وعزيمة، ولنجعل من هذه القمة، خطوة فاصلة، نحو غد أكثر إشراقًا.. لوطننا العربي".