
عاجل| "باجرام" تدخل أفغانستان في لعبة الأفيال.. طالبان ترد على ترامب

عادل عبدالمحسن
ردت حركة طالبان الحاكمة في أفغانستان عبر متحدثها الرسمي بلهجة رفض حازمة، لدعوة الرئيس الأمريكي باتسعادة السيطرة على قاعدة باجرام الجوية في العاصمة كابول، مؤكِّداً أن أفغانستان دولة ذات سيادة وأن:لا تسليم" لقاعدتها إلى قوى أجنبية، وأن أي تواصل يجب أن يكون في إطار احترام السيادة وعدم وجود قواعد عسكرية أجنبية.
تصريحات الحركة دعت الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أيضاً إلى الامتناع عن إطلاق تصريحات بناءً على معلومات غير مؤكدة، وفق كلام ناطق باسمها.
كان ترامب قد أعلن خلال مؤتمر صحفي مشترك في لندن أنه "يعمل على استعادة" السيطرة على قاعدة باجرام الجوية في أفغانستان، القاعدة التي كانت أكبر مرفق عسكري أمريكي في البلاد قبل الانسحاب عام 2021، معتبراً أن الموقع "استراتيجي للغاية" لكونه قرب مناطق حساسة في المنطقة.
جاءت تصريحات ترامب وهي تفتح جدلاً دبلوماسيًا واستراتيجية حول إمكانية عودة وجود عسكري أمريكي في أفغانستان وما تترتّب عليه من تداعيات إقليمية.
خلال مؤتمر صحفي مع رئيس وزراء بريطانيا، قال ترامب إن الولايات المتحدة "تحاول استعادة" قاعدة باجرام الجوية، وأشار إلى أن القاعدة تتمتّع بمدرج ضخم وقدرة تشغيلية عالية، وأن قربها من منشآت في الصين يضفي عليها أهمية استراتيجية في نظر إدارته.
كما كرّر انتقاده لانسحاب الولايات المتحدة عام 2021 ووصفه بأنه "خطأ" ترك القاعدة بلا مقابل.
تلك التصريحات مهمة لأن باجرام كانت يومًا محورًا لعمليات لوجستية واستراتيجية ومركز احتجاز استخدمته القوات الأمريكية لعقود؛ استعادتها أو وجود أمريكي دائم بالقرب منها سيعيد رسم خريطة النفوذ في قلب آسيا الوسطى، ويطرح أسئلة عن القبول الدولي لعودة أي قوة أجنبية إلى الأراضي الأفغانية.
مواقف دولية وإقليمية سريعة
-الصين" علّقت بشكل تحفظي عبر دوائر دبلوماسية بأنها ترفض أي إجراء قد يزعزع الاستقرار الإقليمي وتشدّد على احترام سيادة أفغانستان.
- "روسيا" عدد من اللاعبين الإقليميين يراقبون بقلق واهتمام؛ أي إعادة تواجد عسكري أمريكي ستكون لها انعكاسات جيوسياسية على طريق التوازنات في آسيا الوسطى.
المشكلات الدستورية والدبلوماسية واللوجستية
1. "عدم الاعتراف الرسمي": الولايات المتحدة لا تعترف رسمياً بحكومة طالبان، والحوارات الجارية، بحسب تقارير، تقتصر على مسائل محددة "مثل تبادل سجناء" ولا تمثّل تطبيعًا كاملاً، أي اتفاق لوجود عسكري دائم يتطلب قنوات دبلوماسية رسمية وبؤر تفاوض لا تبدو متاحة بسهولة.
2ـ "القانون الدولي وسيادة أفغانستان": أي عودة عسكرية أمريكية دون موافقة رسمية للحكومة الأفغانية "التي تهيمن عليها طالبان حاليًا ستثير اتهامات بانتهاك السيادة واحتلال فعلي.
3 ـ "اللوجستيات والأمن": إعادة تشغيل قاعدة كبيرة تتطلب بنى تحتية، حماية لوجستية، وتوافق إقليمي على خطوط الإمداد.
كما أن وجود قوات أجنبية سيستدعي تهديدات أمنية من مجموعات متطرفة محلية وإقليمية.
سيناريوهات محتملة
- "تسوية تفاوضية محدودة": اتفاق يسمح بوصول لوجستي أو وجود مدني - دعم تقني مقابل تنازلات طالبان "مثل إطلاق سراح محتَجَزين أو تعاون أمني محدود". هذا المسار مرجّح إذا كانت هناك دوافع عملية للطرفين "مثلاً قضايا رعايا أمريكيين محتجزين".
- "وجود عسكري مباشر": أقل احتمالاً بسبب العوائق الدبلوماسية والرفض العلني لطالبان والضغوط الدولية، لكنه ليس مستحيلاً إذا ترافق مع ضغوط سياسية وإقليمية واسعة.
- "حلول بديلة": زيادة التمثيل الدبلوماسي غير الرسمي أو ترتيبات أمنية عبر وسطاء إقليميين "باكستان، قطر، الإمارات" بدلاً من قاعدة عسكرية مباشرة.
يؤكد محلّلون عسكريون وجيوسياسيون أن رغبة إدارة أمريكية في امتلاك "نقطة انطلاق" عملياتية في أفغانستان تُفهم في سياق التنافس مع الصين وروسيا، لكنهم يشدّدون أن العوائق السياسية والدبلوماسية واللوجستية تجعل من تنفيذ خطة استعادية على غرار 2001–2021 مهمة صعبة ومعقّدة. كما أن أي خطوة من هذا النوع ستستدعي نقاشًا داخل الكونغرس الأمريكي حول التفويض والميزانية والأهداف الاستراتيجية.
تصريحات ترمب أعادت ملف أفغانستان و”باجرام” إلى الواجهة، وفتحت نقاشًا دوليًا حول حدود السياسة الخارجية الأمريكية في مرحلة ما بعد 2021.
وعلى الرغم من التأكيدات الأمريكية عن العمل على “استعادتها”، فإن العقبات السياسية والدبلوماسية والرفض الصريح من طالبان تجعل من أي استعادة عملية أمراً معقّداً وغير مضمون النتائج.
ومن المهم أنّ نعمل أن هذا الموضوع سيؤثر في علاقات واشنطن مع دول الجوار وفي توازنات النفوذ الإقليمي.