عاجل
الخميس 24 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي

سلسلة عباقرة الحضارة الإسلامية

أحمد الجمال يكتب: الحلقة الرابعة: محمد بن موسى الخوارزمي.. مؤسس علم الجبر ومؤسس علم الخوارزميات

أحمد الجمال
أحمد الجمال

"أرسى الإسلام مدنية متقدمة تعد في الوقت الحاضر من أروع المدنيات في كل العصور، كذلك فإنه جمع حضارة متينة متقدمة، وذلك إذا ما طرحنا جانبًا الاضمحلال الواضح للقوى السياسية، فإن الشخصية الجماعية للإسلام قد صمدت أمام كافة أنواع التغيرات؛ ذلك لأن معيار الشخصية الجماعية هو المدنيةُ عامة والتقاليد التي لم تنطفِئْ أو تَخمُد. هذه هي روح الإسلام كما يجب أن يفهمها أولئك الذين يحاولون عن عمدٍ وسوء نية تشويه صورته".. من أقوال جوستاف لوبون.



      

المولد والنشأة:

       

هو أبو عَبد الله مُحَمَّد بن مُوسَى الخَوارِزمي عالم رياضيات وفلك وجغرافيا مسلم. يكنى بأبي جعفر. قيل أنه ولد حوالي 164هـ 781م وقيل أنه توفيَ بعد 232 هـ أي (بعد 847م). يعتبر من أوائل علماء الرياضيات المسلمين حيث ساهمت أعماله بدور كبير في تقدم الرياضيات في عصره. اتصل بالخليفة العباسي المأمون وعمل في بيت الحكمة في بغداد وكسب ثقة الخليفة إذ ولاه المأمون بيت الحكمة كما عهد إليه برسم خريطة للأرض عمل فيها أكثر من سبعين جغرافيا. قبل وفاته في 850م/232هـ كان الخوارزمي قد ترك العديد من المؤلفات في علوم الرياضيات والفلك والجغرافيا ومن أهمها كتاب المختصر في حساب الجبر والمقابلة الذي يعد أهم كتبه.

    نسبه وعائلته:  

 انتقلت عائلته من مدينة خوارزم في إقليم خراسان الإسلامي (والتي تسمى ’’خيوا‘‘ في العصر الحالي، في جمهورية أوزبكستان) إلى بغداد. وقيل إن اصل العائلة من الخوارزمي نسبت إلى محلة الخوارزمية كانت تقع غربي محلة الكاظمية ببغداد ضمن منطقة زراعية تسمى قطربل. والمؤرخ الطبري يسمى الخوارزمي بنسب القطربلي. فمن يسكن محلة الخوارزمية يسمى الخوارزمي. وأنجز الخوارزمي معظم أبحاثه بين عامي 813م و833م في دار الحكمة في بغداد، التي أسسها الخليفة المأمون، حيث عينه المأمون على رأس خزانة كتبه، وعهد إليهِ بجمع الكتب اليونانية وترجمتها. وقد استفاد الخوارزمي من الكتب التي كانت متوفرة في خزانة المأمون فدرس الرياضيات والجغرافيا والفلك والتاريخ، إضافةً إلى إحاطته بالمعارف اليونانية والهندية. نشر كل أعماله باللغة العربية، التي كانت لغة العلم في ذلك العصر. ويسميه الطبري في تاريخه: محمد بن موسى الخوارزمي القطربلّي، نسبة إلى قرية قُطْربُلّ من ضواحي بغداد.  وبدأ الخوارزمي كتابه (الجبر والمقابلة) بالبسملة (بسم الله الرحمن الرحيم). وبالرغم من عدم إجماع المصادر التأريخية والموسوعات العلمية على هويته الا أن الموسوعة البريطانية (نسخة الطلاب الأطفال) وموسوعة مايكروسوفت إنكارتا وموسوعة جامعة كولومبيا تقول أنه عربي، بينما تذكر مصادر أخرى أنه فارسي أو تركي. وفي الإصدار العام للموسوعة البريطانية ذكر أنه «عالم مسلم» من دون تحديد قوميته، وفي كتاب الفهرست لابن النديم سيرة ذاتية قصيرة للخوارزمي وثَبَتٌ بمؤلفاته. ولقد أنجز الخوارزمي معظم أعماله في الفترة ما بين عامي 813 و833. وبعد الفتح الإسلامي لبلاد فارس، أصبحت بغداد مركز الدراسات العلمية والتجارية، وأتى إليها العديد من التجار والعلماء من مناطق بعيدة مثل الصين والهند، كما فعل الخوارزمي. وكان يعمل في بغداد، وهو باحث في بيت الحكمة الذي أنشأه الخليفة المأمون، حيث درس العلوم والرياضيات، والتي تضمنت ترجمة المخطوطات اليونانية والسنسكريتية العلمية وغيرها.

   إسهاماته العلمية:

         

كان حدث تأليف كتاب الجبر والمقابلة بالغ الأهمية واعترف به المؤرخون القدامى المحدثون على السواء كما لم تخف أهمية هذا الكتاب على علماء ورياضيي تلك الحقبة إذ لم يتأخر الرياضيون حتى أثناء حياة الخوارزمي هو عبد الله بن محمد بن موسى الخوارزمي، أصله من خوارزم بأوزبكستان، لا يعرف الكثير عن حياته سوى أنه كان يعيش في بغداد في عهد الخليفة المأمون حوالي 813 إلى 833م وكان مشرفا على مكتبة المأمون وقد خلف العديد من الكتب منها: كتابا الزيج الأول والثاني، كتاب الرخامة، كتاب عمل الإسطرلاب، كتاب الجمع والتفريق، كتاب الجبر والمقابلة. أما أشهر كتبه وأهمها فهو كتاب: الجبر والمقابلة وقد كان الخوارزمي مهتما بعلم الفلك أيضا وشغل عضوية في اللجنة التي كلفت بقياس درجة من درجات محيط الأرض غير أن الخوارزمي حاز على شهرته الأساسية في مجال الرياضيات وفي الجبر بصفة خاصة.

 

استفاد الخوارزمي ممن سبقوه وخصوصا من الحضارة الهندية، فتناول الأرقام والصفر من عندهم، واستخدمها في المسائل الرياضية والعمليات الحسابية. وقبله استخدم العرب تلك الأرقام الهندية لكن لخوارزمي أعلى من قيمتها حين استخدمها في المسائل الحسابية، لأن الهنود كانوا يستخدمون الأرقام كرموز فردة لا قيمة لها وزيادة على ذلك استخدم الخوارزمي الرموز إلى جانب الأرقام منسوقة في مراتبها في المعادلة وجعل المعادلة حدودا إيجابية واخرى سلبية. كما دون العملية الحسابية تدوينا أبرز فيه ترتيب الأعداد في مراتب (خانات) حتى تبرز الأعداد وتصبح العمليات من جمع وطرح وضرب وقسمة ممكنة وسهلة. وقد تنبه الخوارزمي إلى الحالات التي يستحيل فيها إيجاد قيمة حقيقية للمجهول، فقال إن العملية تكون في هذه الحالة مستحيلة، وقد بقية تسميتها كذلك حتى أواخر القرن 18.

     

ومن زاوية أخرى يذكر ابن النديم في كتابه الفهرست لائحة طويلة من العلماء من معاصري الخوارزمي وخلفائه شرحوا كتاب الجبر والمقابلة، وتابعوا البحث في مواضيعه. نذكر من هؤلاء شجاع بن أسلم، المتوفى حوالي عام 951م، الذي يقول في مقدمة كتابه المعروف كتاب الجبر والمقابلة: "وكنت كثير النظر في كتب العلماء بالحساب، والبحث عن أقاويلهم، والتفتيش لما رسموا في كتبهم، فرأيت كتاب محمد بن موسى الخوارزمي، المعروف بالجبر والمقابلة، أصحها أصلاً وأصدقها قياساً. وكان مما يجب علينا معشر الدارسين، من التقدمة والإقرار له بالمعرفة والفضل، إذ كان السابق إلى كتاب الجبر والمقابلة والمبتدئ له والمخترع لما فيه من الأصول".

  عرف الخوارزمي الأعداد السلبية ووضعها في المعادلة كالأعداد الإيجابية: مضروبة في أعداد إيجابية وفي أعداد سلبية (ومقسومة، ومقسومة عليها) ومجموعة مع أعداد سلبية (ومطروحة، ومطروحة منها) كما وضع لذلك قواعده الخاصة.

 

   

وبهذه الطريقة أخرج الجبر من نطاق الأمثلة المفردة إلى نظام آلي ذي قواعد مقررة ثابتة: إذا حللتت بإحدى القواعد مسألة جبرية فإن جميع المسائل المشابهة لتلك المسألة تجري مجراها في الحل على تلك القاعدة. وبهذا أصبح الجبر عنده يضاهي الممارسة الجبرية بالمعنى المعاصر. لم يقتصر الخوارزمي في استخدام الجبر على حل المسائل الحسابية فحسب فكان أول من أدرك بوضوح تام إمكان حل نظرية هندسية بالطريقة التحليلية (حل جبري)، وهو أول من رفع الحل الجبري إلى مستوى الحل الهندسي في تطبيق المعادلة ذات الدرجة الثانية على المسائل الهندسية وقد أسس لمرحلة في تاريخ الرياضيات اتخذت فيها الطريقة التحليلية مكانة مساوية للطريقة الهندسية في حل المسائل الهندسية نفسها وهي تشبه الطريقة المدرسية المعاصرة.

     

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز