
"قالوا عن أم كلثوم" في ذكرى مرور 50 عامًا على رحيلها بملتقى الهناجر الثقافي

محمد خضير
ضمن احتفال وزارة الثقافة بعام كوكب الشرق أم كلثوم، ومرور ٥٠ عاما على رحيلها، أقام قطاع المسرح برئاسة المخرج خالد جلال، ملتقى الهناجر الثقافي الذي جاء هذا الشهر بعنوان "أم كلثوم ذاكرة أمة وتاريخ شعب"، بمركز الهناجر للفنون برئاسة الفنان شادي سرور.
أدارت اللقاء الناقدة الأدبية الدكتورة ناهد عبد الحميد مدير ومؤسس الملتقى، التي رحبت فى بداية كلمتها بالسادة ضيوف المنصة، وقالت اليوم نتحدث على شخصية مصرية استطاعت أن تصنع نفسها وتوفر لها كل عوامل النجاح، فهى أسطورة مصرية خالصة هى كوكب الشرق أم كلثوم، صاحبة العصمة وفخر مصر والوطن العربى، والتي كانت القوة الناعمة الأولى لمصر، وساهمت فى بناء الشخصية المصرية، وهى أول من فكر فى انشاء نقابة للموسيقيين، وارتبط أسمها بالمناسبات القومية والدينية للوطن، مؤكدة أن عبقريتها لم تكن فى حنجرتها فقط بل فى شخصيتها أيضا، فقد رحلت عنا شمس الأصيل بجسدها فقط، لتبقى فينا وبيننا بصوتها وفنها الجميل .
وقال الملتقى المؤرخ والناقد الفني هيثم أبو زيد، إن أم كلثوم لديها إعجاز غنائي، وأن من يسمع صوت أم كلثوم يتحتم عليه الإنصات تماما، واستعرض على شاشة العرض مقاطع من أغانيها توضح الملكات الفريدة وجماليات صوت وشخصية أم كلثوم، والتي منها : "القفلة التجويدية، القدرة على تلوين الكلمة عدة مرات فى الكوبليه الواحد، تغنى وكأنها زعيمة سياسية، توظف بعض القوالب الغنائية فى قوالب غنائية أخرى، تمتلك معدل ذبذبات عالى، تمتلك لغة الجسد بمستوى عالى جدا"، مشيرا إلى أنها احتلت مكانة كبيرة فى قلوب محبيها وهذا ماظهر جليا حين ودعها جمهورها إلى مثواها الأخير فى جنازة مهيبة .
وأكد الأستاذ الدكتور أشرف عبد الرحمن رئيس قسم النقد الفني بأكاديمية الفنون، أن كل الظروف وعوامل النجاح تجمعت لدى أم كلثوم، وأنها عاصرت أجيال موسيقية مختلفة، وتتمتع بالصوت القوى المعبر، الذي يجمع بين نقيضين من الصعوبة جدا اجتماعهما مع بعض فى صوت واحد وهما "القوة وبراعة التعبير"، فهو صوت لا يعرف النشاز، لافتا إلى أن أم كلثوم عاصرت جيل من الشعراء الجدد الذين لعبوا دور كبير جدا فى تطوير الغناء، مما مكنها فى أن تساهم فى تطوير الموسيقى العربية وتنشأ عصرا يسمى عصر أم كلثوم وتتربع على عرش الغناء، مؤكدا أنه لكى يحتل الفنان مكانة مرموقة، فلابد أن يملك عقلا يدير موهبته .
من جانبها أوضحت الأستاذة الدكتورة هدى زكريا، أستاذة علم الاجتماع بجامعة الزقازيق، ان أم كلثوم قامت بتطهير واقعنا الثقافي، وجمعت الجهود المبعثرة للواقع الثقافى المصري بطريقتها الرفيعة فى الغناء، وفى ظل تشجيعه وتواجد مناخ ثقافى جسدت أم كلثوم حلم الصعود الاجتماعى، ومهدت الطريق من خلال هذا المنهج والأسلوب الراقى، لكثير من المطربين الممتازين مثل عبد حليم وغيره، لافتة إلى أن أم كلثوم توحدت مع بلدها مصر وتغنت بأروع الأغانى الوطنية التي وثقت الأحداث التاريخية للوطن .
من جهتها قالت الدكتورة سالي جاد، وكيل كلية اللغة والإعلام بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري، إن أم كلثوم نموذج حى وراقى لإعادة تشكيل وجدان الشباب وهى من الشخصيات المؤثرة جدا، وهذا ما لمسته من خلال أبحاث الطلاب فى الجامعة.
واستطاعت بما تتميز به من لغة الحسد وثباتها الإنفعالي أن تسيطر على الحالة المزاجية للجمهور فى المسرح، مشيرة إلى ضرورة تفعيل المزيد من فكرة الاستعانة بالنماذج المشرفة لنقدم القدوة للشباب، وثمنت استخدام تقنية الهولوجرام التي جذبت الأجيال الجديدة، ووجهت بضرورة المزيد من استخدام واستغلال كافة التقنيات الحديثة فى إعادة نقل الفن الراقى المشرف للشباب .
وأشارت الكاتبة والقاصة سمية عبدالمنعم مدير تحرير جريدة الوفد، إلى أن أم كلثوم تجسدت عبقريتها أيضا في أن تحيط نفسها بكوكبة من العظماء من الصحفيين، أمثال محمد التابعى ومصطفى وعلى أمين وإحسان عبدالقدوس ومحمود عوض ومحمد حسنين هيكل، وقال التابعى عنها فى إحدى مقالاته إنه يعجز عن وصف هذا الصوت، مشيرة إلى أن محمود عوض أجرى حوارا مع أم كلثوم يعد من أعظم الحوارات لأنه تحدث عن أم كلثوم الانسانة منذ طفولتها، وكان عنوانه الرئيسى "أم كلثوم التي لا يعرفها أحد" ليصبح هو عنوان كتابه الأشهر، مضيفة أن كوكب الشرق مارست الصحافة، فقد أجرت حوارا مع محمد حسنين هيكل، كما أجرت حوارا اذاعيا مع إحسان عبد القدوس، فهى رمزا للذكاء الفريد ولكل جميل فى حياتنا .
"ماذا كان بينها وبين الله حتى يحبها كل هذا الجمع من جيل إلى جيل"، بهذه العبارة بدأت الدكتورة إيناس فؤاد رئيس مؤسسة عظيمات مصر والوطن العربي للتنمية المستدامة، كلمتها وقالت إن السيدة أم كلثوم حظت بحب مليارات القلوب، واستطاعت أن توصل حبها وانتمائها لمصر إلى جمهورها ، لافتة إلى الدور الهام لوالد أم كلثوم فى دعمها منذ البداية، وهذا دليل على دور الأب والأم والأسرة بصفة عامةفى دعم أبنائهم وإظهار مواهبهم إلى النور، وقدمت أصغر متطوعة فى المؤسسة وهى الطفلة "جويرية" التي ألقت عدد من الأبيات الشعرية .
تخلل برنامج الملتقى باقة من الفقرات الغنائية لأغانى كوكب الشرق، قدمتها فرقة عشاق النغم، بقيادة المايسترو الدكتور محمد عبد الستار، منها "هذه ليلتي، أنساك، غنيلى شوية، أسأل روحك. يا مسهرني، وغيرها"، كما تغنى الدكتور شادي نصيف الأستاذ بكلية التربية الموسيقية بالزمالك، وهو أحد المبدعين من ذوى الهمم، مع عزفه على العود بأغنية الأمل لكوكب الشرق .