عاجل
الإثنين 10 مارس 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي

محمد درويش يكتب: بردة المديح المباركة أسرار وأنوار

لم تحظ قصيدة في الشعر العربي على اختلاف الأزمنة والأمكنة مثلما ماحظت به قصيدة البردة في مدح الرسول الكريم ﷺ للإمام البوصيري رضي الله عنه فكتب الله لها القبول في كل أصقاع المعمورة ولدى جمهرة المسلمين على اختلاف مشاربهم ومذاهبهم فكتب لها الخلود ولصحابها الثناء الحسن.



وقصة تلك القصيدة الخالدة ان كعب بن زهير كان قد هاجم الإسلام والمسلمين كثيرا حتى أن رسول الله ﷺ أوعده ووفد كعب الي المدينة متنكرا ونزل عند رجل له به سابق معرفة وصداقة فدعاه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث صلاة الفجر فصلى مع الرسول الكريم ﷺ ثم أشار إلى الرسول ﷺ هذا رسول الله فقم إليه فقام كعب بن زهير الى رسول الله حتى جلس إليه فصافح النبي صل الله عليه وسلم ولم يكن يعرفه النبي فقال لحضرته ان كعب بن زهير قد جاء ليستأمنك تائبا مسلما فهل أنت قابل منه إن أنا جئتك به فقال رسول الله ﷺ.. نعم. فقال. أنا يارسول الله كعب بن زهير وأنشد كعب بين يدي رسول الله ﷺ قصيدته العصماء مادحا الجناب النبوي الشريف هذا الوجيه الذي تمت محاسنه مصدق صادق بالصدق مرسول من رفع المسخ من أجل نبوته والشرك من حينه للآن مخذول ان الرسول لنور يستضاء به مهند من سيوف الله مسلول فكساه النبي ﷺ بردة اشتراها بعد ذلك معاوية بن أبي سفيان من آل كعب بن زهير بمال كثير وكان الخلفاء يلبسونها في العيدين تبركا بسيدنا رسول الله ﷺ قال الإمام البوصيري رضي الله عنه سبب انشائي لهذه القصيدة أنه كان قد أصابني الفالج أي الشلل أبطل نصفي ففكرت في انشاء قصيده في مدح النبي صل الله عليه وسلم استشفع بها الله في أن يعافيني وكررت انشادها وبكيت وتوسلت بها فنمت فرأيت النبي ﷺ فمسح على وجعي بيده الشريفة وألقى علي بردته فبرأت لوقتي. ويضيف فضيلة الإمام سليم البشري شيخ الأزهر الأسبق قال البوصيري ولم أكن أعلمت أحدا بذلك فلقيني بعض الفقراء فقال لي أريد أن تعطيني القصيدة التي مدحت بها رسول الله فقال أيها؟ فاني مدحته بقصائد كثيرة فقال الفقير التي أنشدتها في مرضك ومطلعها أمن تذكر جيران بذي سلم مزجت دمعا جرى من مقلة بدم وقال لي والله لقد سمعتها البارحة وهي تنشد بين يدي رسول الله ﷺ فرأيت الرسول يتمايل وأعجبته. ومما يروي أن البوصيري عندما وصل إلى شطر البيت ومبلغ العلم فيه انه بشر.. توقف الإلهام وأغلق عليه وهو لايدري ماذا يكمل فرأى سيدنا رسول الله في رؤيه مناميه يقول له أكمل وقل وأنه خير خلق الله كلهم.. ويستيقظ وجدان البوصيري الشعري وحالته الروحانية العجيبة ويعود له وجده وهيامه إلى أن انتهى من القصيدة المباركة وهنا رأي رسول الله يخلع عليه بردته المباركة ويكون ذلك اذنا الهيا بالشفاء ووسط تلك الحالة الفريدة من الحب والعشق والهيام بسيدنا رسول الله ﷺ ولدت قصيدة البردة طود أشم في تاريخ الشعر العربي بين صدق الوجدان وجماله وحالة العشق والهيام بسيدنا رسول الله ﷺ فضلا عن تجربة البوصيري المريرة مع مرض قاس كان لهذه القصيدة الميلاد المنير وهذه القصيدة ليست مجرد كلمات قالها شاعر محب ومتيم وإنما هي مدد الهي نوراني بورك بمدح خير خلق الله صل الله عليه وسلم لذلك كانت تلك القصيدة والتي تقع في مائة وستين بيتا والتي شرحها وعارضها فحول الشعراء قد اجمع الكافة انها افضل المدائح النبوية. وأصبحت تلك القصيدة مصدر إلهام للشعراء على مر العصور يحذون حذوها ويسيرون على منوالها ومن أبرز تلك الَمعارضات قصيدة أمير الشعراء  احمد شوقي نهج البردة قال فيها لزمت باب أمير الأنبياء  ومن يمسك بمفتاح الله يغتنم لقبتموه أمين القوم في صغر وما الأمين على قوم بمتهم ذكرت باليتم في القرآن مكرمة وقيمة اللؤلؤ المكنون في اليتم  ولا شك أن البوصيري قد دقق في سيرة الرسول ﷺ أيما تدقيق وعني بمعرفة جوامع سيرته العطرة وجوامع كلمه فأوقف شعره وأفرغ طاقته وهيامه في مدح سيد ولد آدم ﷺ حتى غدت تلك البردة المباركة ميثاقا لحب المصطفى ﷺ ودستورا مكتوبا في بيان فضائله واخلاقه العظيمة بل لقد تطرق البوصيري لبعض الملامح السلوكية في الطريق إلى الله وتربية النفس وتقويمها في قوله والنفس كالطفل ان تهمله شب علي حب الرضاع وان تفطمه ينفطم وفي مناجته لله وطلب المغفرة يانفس لا تقنطي من ذلة عظمت  ان الكبائر في الغفران كاللمم لعل رحمة ربي حين يقسمها

تأتي على حسب العصيان في القسم يارب اجعل رجائي غير منعكس لديك واجعل حسابي غير منخرم لذلك يمكن القول بأن الإمام البوصيري رضي الله عنه الشاعر المصري المولود ببني سويف كانت كل ذرات نفسه متيمة برسول الله ﷺ مجذوبا لحضرته جذبا الهيا فسطر تلك القصيدة صاحبة الكرامات والانوار بمداد الحب ولا شي غير الحب فجاءت على قدر الهيام بالجناب الاعظم فكتب الله لها القبول والخلود متجاوزة حدود الزمان والمكان. 

وظل الإمام البوصيري على حاله ووجده في مدح الرسول الأعظم يكتب قصائده ويبث أشعاره الممزوجة بروحه الزاكية إلى أن توفي رضي الله عنه في العام ٦٩٥ هجريا بمدينة الإسكندرية.  توفي رضي الله عنه جسدا أما أرواح المحبين لرسول الله ﷺ فلا تعرف الموت لأنها معلقة بالسراج المنير والهادي الأعظم ﷺ فاللهم من أسرارهم قبسا ومن أنوارهم مددا.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز