عاجل
الأحد 19 يناير 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي

رموز الثقافة والإعلام في حفل إطلاق رواية «لعنة الخواجة» للكاتب وائل السمري

- إبراهيم عبد المجيد: أعادتني رواية السمري إلى الكتابة وشكلت نقطة تحول روحية..والنمنم: عبقريتها في اتخاذ حكاية “دانينوس” مدخلاً لكتابة تاريخ مصر..رشاد: الرواية حققت المعادلة الصعبة



 

في حفل مختلف وحاشد، احتفل مؤخرا الكاتب والشاعر وائل السمري بإطلاق روايته “لعنة الخواجة” الصادرة عن الدار المصرية اللبنانية بقاعة آدم حنين بمسرح الهناجر بدار الأوبرا المصرية، وشهد الحفل حضورًا كثيفًا من جانب المثقفين والشعراء والأدباء والمتابعين، وأدار الحفل الإعلامي محمد عبده بدوي.

 

كما ألقى الكاتب الكبير وزير الثقافة الأسبق “حلمي النمنم” كلمة نقدية عن الرواية وعالمها، بينما تحدث الناشر محمد رشاد رئيس الدار المصرية اللبنانية ورئيس اتحاد الناشرين العرب عن ظروف وملابسات نشر الرواية، وكشف السمري عن تفاصيل رحلته في كتابة هذه الرواية منذ البداية وحتى الانتهاء منها.

 

وفي تقليد غير مسبوق، صاحب الحفل معرض لأرشيف المهندس المصري اليوناني “أدريان دانينوس” صاحب فكرة إنشاء السد العالي، وبطل الرواية، وهي الوثائق التي استلهم منها السمري أحداث روايته، ليحولها إلى سياق درامي وصفه الكاتب الكبير محمد سلماوي بالبديع.

 

كما شهد الحفل كشف الستار عن تمثال برونزي من إبداع الفنان الكبير عصام درويش، لأدريان دانينوس، وقد أبدع خصيصًا لهذا اليوم.

 

وفي بداية الحفل قال الإعلامي محمد عبده بدوي إن هذا المشهد الذي نراه الآن كان حلمًا في ذهن وائل السمري وهو يكتب الرواية، وتحديدًا في الفصل الأخير منها الذي يصل فيه بطل الرواية “ناصر الحسيني” إلى مبتغاه بكتابة رواية عن أدريان دانينوس الرجل الحقيقي الذي يقف وراء السد العالي، وصاحب فكرته ومبتكره.

 

 أما الناشر محمد رشاد فقال، إن من أهم أسباب احتفاء الدار المصرية اللبنانية برواية “لعنة الخواجة” هو أنها رواية وصلت إلى المعادلة الصعبة ما بين تحقيق المتعة لقارئها، وتقديم المعلومات التاريخية والفنية ليست عن شخص أدريان دانينوس صاحب فكرة السد العالي فحسب، وإنما عن مصر وتاريخها.

 

 وأضاف إن هذا الرواية ليست رواية واحدة، لكنها روايتان، وكما قال عنها الكاتب محمد سلماوي إن وائل السمري ولد بهذه الرواية روائيًا عملاقًا، وفي الحقيقة فإن النقاد أجمعوا على الإشادة بهذه الرواية، وكتب عنها في فترة قصيرة الكثير من المقالات التي تؤكد أنها نالت استحسان الجميع.

 

من جانبه قال الكاتب الكبير حلمي النمنم وزير الثقافة الأسبق إنه برغم انتشار الرواية الصغيرة أو ما يطلق عليها اسم “نوفيلا” لكن في الآونة الأخيرة انتشرت روايات ذات حجم كبير مثل رواية ريم بسيوني عن أبو حامد الغزالي، ورواية لعنة الخواجة التي نحتفل بها اليوم.

 

 وقال النمنم حينما أمسكت الرواية للمرة الأولى وجدت نفسي أنهيت ما يقرب من 270 صفحة في جلسة واحدة، واكتشفت أن السمري يتمتع بروح عبد القادر المازني في الكتابة، ممزوجة بسلاسة سرد خيري شلبي في الحكي، برغم أن الموضوع الذي يكتب فيه سياسي وتاريخي كان يمكن أن يورطه بشيء من الجدية أو الأيديولوجية.

 

وأضاف النمنم أن من أهم مميزات “لعنة الخواجة” هو تعدد العوالم التي يكتب تتناولها، ففيها عالم التاريخ والسياسة وكواليس إنشاء السد العالي، وفيها عالم الصحافة وما يحدث في المطبخ الصحفي من تفاصيل، وفيها أيضًا عالم تجار الروبابيكيا وتجار الورق وما يحدث فيه من صفقات تسهم في ضياع جزء مهم من الأرشيف الوطني، ومن أهم مميزات هذه الرواية أن الحكايات تتوالد من بعضها البعض، وهو ما يضعها في إطار الرواية الملحمية.

 

وأضاف أن الرواية بها قدر كبير من الوفاء لرجل عظيم هو أدريان دانينوس صاحب فكرة السد العالي الذي ضاع من الذاكرة، ولدينا الكثير من الشخصيات العظيمة التي أفنت حياتها من أجل مصر لم تكن من أصول مصرية، وأضاف أن من العبقرية الروائية لوائل السمري هو أنه اتخذ حكاية دانينوس مدخلاً لاستكشاف تاريخ مصر كلها في العصر الحديث، وكان من الممكن أن يسرد وائل هذا الاكتشاف في تحقيق صحفي، لكنه اختار الرواية لأنها تمنح الكاتب الكثير من الحرية من خلال استعراض مختلف الآراء، وهو ما يثبت أن الرواية فن ديمقراطي في المقام الأول، وتعطيك مساحة كبيرة من الحرية لا توفرها القصيدة ولا المسرحية ولا المقال. 

 

كما أشاد النمنم بالدقة التاريخية التي امتاز بها وائل السمري، وقال الرواية تقدم صفحة مجيدة من تاريخ هذا الوطن.

 

ورداً على سؤال من الإعلامي محمد عبده بدوي، حول رحلة الكاتب للوصول إلى هذه الوثائق من البداية وحتى الانتهاء من كتابة الرواية، قال وائل السمري إنه عثر على هذه الوثائق عن طريق المصادفة لدى تاجر أنتيكات، وبالفعل دفع آخر قرش في جيبه من أجل الحصول عليها، لأنه في ذلك الوقت كان مشغولاً بالحملة الصحفية التي دشنها بعنوان “لن يضيع”، والتي حاول من خلالها أن ينقذ ما يمكن إنقاذه من أرشيف رموز مصر.

 

 وحينما قرأ في أوراق دانينوس فوجئ بدرامية الشخصية المبهرة، كما فوجئ بأنه كان مهووساً بالتوثيق، وهو ما مكنه من رسم صورة شخصية شديدة الدقة له.

 

وأضاف السمري أن حياة دانينوس كانت حياة مأساوية ودرامية بمعنى الكلمة، وهو ما جعله يتعامل معها بعاطفية شديدة وحماسة منقطعة النظير، كما أنه شعر بمسؤولية وطنية تجاه تعريف الناس به وتخليده في الذاكرة الجمعية، لأن الوطن في النهاية هو حاصل مجموع مجهودات أبنائه، وحينما يتوه أبناء الوطن في النسيان، يفتقد الوطن بوصلته.

 

وفي كلمته عن الرواية، قال الكاتب الكبير إبراهيم عبد المجيد: “بدون أدنى مبالغة، فإن رواية لعنة الخواجة لوائل السمري كانت نقطة تحول روحي بصفة شخصية لي، لأني في الآونة الأخيرة لا أقرأ الكثير من الروايات. وحينما أمسكت بها أنهيتها في يومين أو يومين ونصف برغم كبر حجمها، وبحكم خبرتي فأنا أعرف الآن كيف تُكتب غالبية الروايات التي لا تتعدى كونها حكايات لا تهتم بالبناء الروائي، لكن وائل السمري قدم بناء روائيا محكما وكأنه كتب عشرات الروايات قبل لعنة الخواجة.

 

وقال عبد المجيد إن غالبية الشعراء الذين يكتبون الرواية لا يستطيعون التخلص من اللغة الشعرية وما بها من استخدام مفرط في المجاز أو المحسنات البديعية، مضيفاً أن اللغة الشعرية سهلة، لكن شعرية الرواية تنبع من البناء الروائي، وليس من اللغة الشعرية، وهذا ما فعله السمري.

 

وأضاف عبد المجيد: “حينما نعود إلى التاريخ من خلال شخصيات معروفة يكون الأمر سهلاً ويسيراً، لكن لعنة الخواجة تعود إلى التاريخ من باب شخصية مجهولة تماماً، أراد وائل السمري أن يخلدها بالفن. واستطاع أن يعتمد على وثائق مجردة تتحول في السرد إلى موضوعات تقرأها بروحك. وهذا خلاف ما يحدث في الرواية التسجيلية التي تعتمد على الوثائق وهو أسلوب متبع في العالم كله، وكثيرا ما يلجأ إليه صنع الله إبراهيم، لكن الرواية هنا تعتمد على السرد الفني وتستخدم الوثائق بلغة يفهمها القارئ ويحبها.

 

وأضاف عبد المجيد أن الرواية أعجبته من هذه النواحي الفنية ومن الناحية الموضوعية، كما أنها تعيد اكتشاف شخصية تاريخية كبيرة لا نعلم عنها أي شيء، كما يُحسب للكاتب أنه لم يقع في فخ المباشرة، وهو فخ كان من الممكن أن يقع فيه بسهولة شديدة. وقد أثرت في هذه الرواية بشكل كبير جداً، وبعد قراءتها انتابتني روح جديدة لأكتب، لدرجة أني كنت أريد أن أكتب لوائل السمري إهداءً على روايتي الجديدة لأقول له “كتر خيرك لأنك خلتني أرجع لكتابة الرواية تاني.”

 

وأبدى الكاتب الصحفي الكبير جمال العاصي سعادته الكبيرة بهذا الحفل الحاشد، والإجماع على موهبة وائل السمري التي يدعمها بالبحث الدائم عن كل ما هو جديد. وأكد أن وائل السمري يمتلك الكثير من الأوراق التي ستتحول إلى مشاريع روائية ستغير الخارطة الدرامية. وأضاف أن من أهم ما يميز هذه الرواية هو تناولها الحارة المصرية العصرية، وهو ما جعله يشم رائحة نجيب محفوظ في هذا السرد الرائع، كما ظهر في هذه الرواية انحياز وائل السمري إلى الضعفاء والمهمشين في التاريخ.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز