دينا توفيق تكتب: يا حواء.. عام العوض الجميل
أخذت "حواء" تفكر طويلا ثم تنهدت وقالت لنفسها: الحمد لله على تلك السنة التي مرت بحلوها ومرها.. بنجاحاتها وانكساراتها.. هذا العام الجديد سوف أعانقه وأنا واثقة بأنه سوف يكون عام العوض الجميل.. وكما تخلصت من الملابس القديمة التي لم تعد تناسبني الآن، سوف أتخلص أيضا من جميع الذكريات المؤلمة التي تعكر على صفاء ذهني.. لا مزيد من الشخصيات المؤذية في حياتي.. لن أفتح بابي بعد ذلك إلا للصادقين قولا وفعلا.. سوف أصطحب معي فقط لهذا العام الجديد تلك النجوم التي كانت تضــــيء طريقــــي وتهــــــون علي متاعـــــــب الحــــياة.. كل ما أتمـــــناه هــــــو عــــاما دون حــــــــزن... دون وجـــــــع... دون بـــــــكاء.
ثم جلست "حواء" على أريكــــتها المريحـــــة وأخذت تشــــــاهد فيلمــــــها المفضــــل "حبيبى دائما".. كانت هناك بعض الكلمـــــات التي تظـــــل عالقــــــة في ذهنها: في ناس كتيـــر عاشــــــوا وماتـــــوا من غير ما يعرفـــوا إيه هو الحــــب وإيه هي الســــعادة، يوم ما تــــلاقي الدمــــوع في عـــــينيك... افتكــــــر كل لحـــــــظة حــــــلوة عشـــــناها ســـــــوا.
وابتسمت "حواء" ابتسامة خفيفة وهي تتذكر كل كلمات التقدير والحب والدعم التي سمعتها من قبل، فمهما طال الزمن ستظل عالقة في ذهنها.. ستظل ممتنة لمن زرع في قلبها الأمل والتفاؤل بالرغم من كل هذا الجفاء الذي يحيط بنا.. ستظل ممتنة لتلك القلوب الرائعة التي تصنع السعادة من حولها ويجعلون للحياة طعما.. لقد قررت "حواء" أن تعيش سعيدة بالتفاصيل الصغيرة، بالأشياء التي يظنها البعض تافهة لكنها تسعدها.. ستعيش اللحظة دون خوف وكما تحب أن تعيش.. وستظل مؤمنة بأن جميع الأمور السيئة التي قد حدثت لها جاءت لتحميها من أمور أشد سوءا منها.. ولا شك أن الحياة بها أيام ثقال تترك بداخلنا ندبات من الألم والخذلان والحزن.. وتغير فينا أشياء لم نكن نتوقع أنها تتغير.. لكن الشيء الوحيد المطمئن أن كل ما نمر به كان مقدرا وسيتبعه رحمة عظيمة وهي "العوض".. هذا ما تشعر به "حواء" فهي لم تيأس أبدا في أكثر اللحظات ظلمة.. لأنها واثقة بأن الله منحها القوة لتبدأ من جديد من أجل تغيير مسار حياتها للأفضل.. لذا كلما انهزمت من الحياة، تعقد معها صلح جديد واتفاق على يقين بأن القادم أجمل.. فالعــام الجــديد فرصة رائـعة كي نقلب صفــحات الأيام الحــزينة ونبدأ بداية مليئة بالأمل وحــب الحياة. وتعتقد "حواء" أن أجمل ما في السنة الجديدة أنها ما زالت تحتفظ بقدرتها على الفرح والبهجة رغم كل الظروف الصعبة التي مرت بها.. وسيصبح التفاؤل هو منارة أيامها في هذا العام الجديد.. فهي لن تتوقف عند سطر حزين في رواية حياتها ولن تنظر إلى الأوراق التي تغير لونها وبهتت حروفها وتاهت سطورها بين الألم والوحشة.. لأن ما زالت هناك أوراق جديدة بسطور مضيئة ستقوم بتصفحها.. لن تجبر "حواء" نفسها بعد ذلك على أن تسير في طريق ضيق لأنه حتما يوجد طريق آخر ومكان آخر بل إنه يوجد يوم آخر.. لن تحاول البحث عن حلم خذلها لكنها ستحاول أن تجعل من التحديات الصعبة، بداية حلم جديد.. وفي النهاية، تمضي ســنة وتأتي أخرى لنعيشـــها بتفــاصيلها، عســى أن تكون أفضـــل وأجـمل بلطــف الله.