ناهد إمام
همس الكلمات
الأسماك.. أوروبا والمستهلك!
لا جدال أن قرار المفوضية الأوروبية بإعادة فتح باب تصدير الأسماك المصرية بعد توقف دام ثلاث سنوات، يعد بمثابة شهادة دولية على التزام الدولة بتطبيق أعلى معايير الجودة والسلامة الغذائية، بما يتناسب مع معايير المتطلبات الأوروبية، وذلك بعد استيفاء الهيئة القومية لسلامة الغذاء لكافة متطلبات واشتراطات الاتحاد الأوروبي.
ولم يأت ذلك القرار من فراغ، بل كان نتيجة قيام هيئة سلامة الغذاء على مدى ثلاث سنوات بمتابعة رقابية لكل خطوات تداول المنتج السمكي بدءًا من مصدر إنتاجه، وصولا إلى المصانع انتهاءً بطرحه بالأسواق المحلية.
كما أولت الدولة اهتماما كبيرا بتحسين الرقابة على المزارع الخاصة والأهلية والحد من التلوث في مزارع الأسماك والتعاون مع خبراء من الاتحاد الأوروبي وتدريب العاملين في قطاع الأسماك على المعايير الصحية والبيئية المطلوبة لضمان جودة المنتجات، كما قام الجانب الأوروبي بتفقد منشآت الأسماك ومرافق النقل والتخزين، وتأكد من الامتثال للمعايير الصحية والبيئية المطلوبة.
كما يؤكد ذلك القرار على العديد من النقاط المهمة في صالح الاقتصاد الوطني، تأتي في مقدمتها قوة المنتجات المصرية على التواجد والمنافسة في الأسواق العالمية واحتياجات الدول المختلفة لها.
أيضا يمثل ذلك بشاير خير، من خلال تحقيق طفرة تصديرية وعائد مهم للدولة من الصناعات الغذائية المصرية، خاصة في ظل الطلب المتزايد على الأسماك المصرية في أسواق الاتحاد الأوروبي.
حيث تشير التوقعات إلى أن نصيب الاتحاد الأوروبي من الأسماك سيصل إلى حوالى 30 مليون دولار سنويًا فور استئناف التصدير، بما يعادل حوالى 50% من صادرات مصر للأسماك البالغة أكثر من 60 مليون دولار سنويا.
ومن هنا يثار تساؤل ، لماذا أسعار الأسماك فى السوق المحلي، في التزايد؟ خاصة الأنواع الشعبية والأكثر طلبا ومنها البلطي الذي وصل سعر الكيلو إلى حوالي 100 جنيه والفيليه المجمد إلى أكثر من 300 جنيه، وكيلو القاروص 230 جنيهًا، ودارت المكرونة السويسى حول 140 و200 جنيه للمستهلك وأسعار سمك البورى حول 150 و190 جنيه على حسب الحجم.
وتأتي تلك الارتفاعات رغم أن مصر تعد من أهم الدول المنتجة للأسماك وتحتل المركز الرابع عالميا في الاستزراع السمكي، والأول أفريقيا بإنتاجية تقدر بنحو 2.3 مليون طن، مستهدف زيادتها إلى 3 ملايين طن.
كما أن قطاع الثروة السمكية من القطاعات التي حققت اكتفاء ذاتي بنسبة تصل إلى 85%. وتشغل المصايد السمكية في مصر مساحات شاسعة تزيد على 13 مليون فدان، وبما يعادل قرابة 150% من الأرض الزراعية بها، وتتنوع هذه المصادر بحسب طبيعتها، فمنها البحار، كالبحرين الأحمر والمتوسط، ومنها البحيرات وتشتمل على بحيرات المنزلة، والبرلس، والبردويل، وإدكو وقارون ومريوط والبحيرات المرة، وملاحة بور فؤاد، ومنها أيضاً مصادر المياه العذبة وتشتمل على نهر النيل بفرعيه والترع والمصارف.
وإذا كانت المصادر السابقة مصادر طبيعية، فإنه أيضا تم استحدث أخرى اصطناعية كبحيرة ناصر وبحيرة الريان، هذا بالإضافة إلى المزارع السمكية الموجودة في أنحاء مختلفة من مصر.
ومع التوجه لزيادة التصدير للأسواق الأوروبية، أصبح هناك مخاوف من المزيد من الارتفاعات في أسعار الأسماك للمواطن المحلي.
ألستم تتفقون معي، أنه ليس من المبرر ارتفاع الأسعار إلى تلك المستويات في دولة اقتربت من تحقيق الاكتفاء الذاتي في الأسماك، وأهمية معرفة أسباب ذلك، في ظل أن الأسماك أحد أهم مصادر البروتين، وتعمل الدول جاهدة لتنمية الثروة السمكية، وإنشاء العديد من مزارع الأسماك والاهتمام بجودة الأسماك المرباة فيها لزيادة الإنتاجية وتغطية احتياجات السوق الداخلية.