أبطال أكتوبر فى ندوة «روزاليوسف»: حققنا إعجازًا عسكريًًا.. والمقاتل المصرى كلمة السر
قال أبطال أكتوبر إن الشعب المصري هو البطل فى مواجهة كل التحديات، مؤكدين أن المقاتل المصري كان كلمة السر فى انتصار أكتوبر المجيد، بما امتلكه من إرادة وعزيمة وإصرار على استرداد الأرض والكرامة محققا إنجازا عسكريا أذهل العالم.
وأضاف المشاركون فى ندوة روزاليوسف أن روح أكتوبر تمثلت فى إصرار الشعب المصري على تخطى الهزيمة وتحقيق الانتصار والالتفاف حول القيادة لعبور التحديات بالعلم والعمل والتدريب وقبل ذلك التخطيط الدقيق، وهو ما يستوجب أن نستدعيه الآن لمواجهة التحديات التي تواجه الوطن على جميع محاوره الاستراتيجية.
ودعا أبطال أكتوبر شباب مصر إلى اليقظة والانتباه للحروب الحديثة التي تستخدم وسائل التواصل الاجتماعى لبث اليأس والإحباط وتدمير الدول من الداخل، مشددين على أن هذا الوعى حق لشهداء مصر الذين ضحوا بدمائهم للحفاظ على ترابها فى حرب الاستنزاف وأكتوبر المجيد وحرب تحرير سيناء من الإرهاب.
شارك فى الندوة التي أدارها الكاتب الصحفى أيمن عبدالمجيد رئيس تحرير جريدة وبوابة روزاليوسف والكتاب الذهبي، إحياء للذكرى الـ 51للانتصار المجيد 4 من أبطال حرب أكتوبر المجيدة هم اللواء مهندس حسين مسعود وزير الطيران المدنى الأسبق، واللواء طيار حسن راشد رئيس أركان القوات الجوية الأسبق، واللواء أركان حرب سامح أبوهشيمة الخبير الاستراتيجى وأحد أبطال الصاعقة فى حرب 1973 والرائد أحمد عبدالعظيم أحد أبطال الفرقة 19 مشاة.
فى بداية الندوة، رحب عبدالمجيد بأبطال مصر، مؤكدا أن ما تحقق من انتصار يمثل إعجازا بكل المقاييس العلمية فكانت إرادة المصريين هى السلاح الأكثر فاعلية وحسما لموازين القوة، مشيرا إلى أن استحضار روح أكتوبر باتت ضرورة لمواجهة التحديات الراهنة، موجها التحية لأرواح شهداء مصر على مر العصور.
ورحبت هبة صادق رئيس مجلس إدارة روزاليوسف بأبطال مصر، مشيدة بفكرة الندوة التي تنقل دروس أكتوبر من صناعها الذين قدموا تضحيات وبطولات عظيمة إلى الأجيال الشابة لرفع الوعى لدى الشباب.
وأكد اللواء مهندس حسين مسعود أن الجيش المصري لم يُختبر فى يونيو ١٩٦٧، كونه لم يُمكن من مواجهة العدو، وكان أحد ضحايا تلك الحرب، وما يؤكد ذلك أنه نفسه الجيش الذي قهر العدو فى مواجهات تالية على نكسة يونيو وفى مقدمتها معركة رأس العش، مرورًا بحرب الاستنزاف وانتهاءً بانتصار أكتوبر المجيد.
وأضاف مسعود: بالإرادة والعزيمة استطاعت مصر، عبور الحرب النفسية، وبناء قدرات الجيش، وخوض حرب الاستنزاف واستعادة الأرض فى السادس من أكتوبر.
وعن دوره فى حرب الاستنزاف وأكتوبر، أكد مسعود أنه كان مهندسا بسلاح الطيران، الذي قام بعمليات إبرار وإنزال القوات خلف خطوط العدو، متذكرًا العديد من البطولات التي سطرتها القوات المصرية، منها واقعة إصابة طائرته التي كان بها رفقة طاقمها واضطرارهم للنزول، وما استوجبه من تدميرها حتى لا تسقط فى أيدى العدو فيستفيد من المعلومات ومنظومة الاتصال بها.
وأضاف كان دور السرب 19 إبرار أبطال الكتيبة ١٤٣ صاعقة تنفيذ كمائن على ممر «سدر»؛ لتدمير القوات المعادية ومنع وصولها للقناة، مشيرًا إلى أنه شهد بطولات أسطورية، مضيفًا بعد سقوط طائرتنا خلف خطوط العدو التقينا باثنين من أفراد الصاعقة طلبنا منهما إعادة طاقم الطائرة إلى غرب القناة لمعرفتهم بالدروب الصحراوية، لمواصلة دورنا فى سلاح الطيران، فأصر المقاتل البطل على مواصلة دوره الذي جاء من أجله رغم استشهاد زملائه والوصول للهدف وتدميره، وعدنا بدليل من أبناء مصر الشرفاء بدو سيناء.
وفور وصولنا إلى كتيبة صاعقة كانت مكلفة بقطع طرق الإمداد للعدو، شاهدنا الأكمنة التي كبدت العدو خسائر فادحة فى دباباته وأسر قائدها حيا والحصول على خرائط بحوزته تحوى تمركزات قوات العدو، فقمنا بإيصالها إلى القيادة العامة بعد وصول طائرة هليكوبتر لإعادتنا ومعنا الأسرى.
وشدد على أن عدد الذين تم إبرارهم لتنفيذ هذه المهمة بلغ ٤٠٠ مقاتل عاد منهم ١٨٩ بعد تنفيذ كل مهامهم ببطولة وبسالة وارتقاء أكثر من نصفهم شهداء، وتكبيد العدو خسائر مضاعفة، وهو ما يستوجب أن يدرك شباب مصر حجم التضحيات والدماء التي بذلت من أجل الوطن.
وأشار اللواء مسعود إلى أن التحديات الحالية على كل محاورنا الاستراتيجية لا تقل خطورة فى ظل تعدد جبهات العدائيات والمؤامرات التي تستهدف مصر، ففى السابق كان العدو واضحا قادما من اتجاه الشرق فقط، والآن الحروب متنوعة الأسلحة وتستهدف الوعى وإسقاط الدول من الداخل ما يستوجب الحذر.
وأكد اللواء طيار حسن راشد رئيس أركان القوات الجوية الأسبق، أن الإرادة كانت مفتاح الانتصار، فقد تمكنت مصر من استعادة قدراتها العسكرية، وفى القلب منها القوات الجوية التي فقدت 80% من قدراتها فى نكسة ١٩٦٧.
وأشار راشد إلى أن البداية كانت بعد أسابيع معدودة من النكسة، بعمليات بطولية أعادت الروح المعنوية لمقاتلينا، واستمرت البطولات ألف يوم فى حرب استنزاف بطولية قبل مبادرة روجرز لوقف إطلاق النار.
وشدد راشد على أن هناك خمسة مبادئ وأعمدة لتحقيق الانتصار، يمكن أن يتحقق بها الانتصار فى أى مجال حال تطبيقها، كما طبقت فى مواجهة العدو.
وأوضح راشد أن تلك الأعمدة: الإيمان بالله والوطن، ثم تحديد الهدف وهو استعادة الأرض، وثالثها التخطيط المحكم للوصول إلى الأهداف، ورابعها التدريب الدقيق على الخطة لتنفيذها بكفاءة عالية، والخامس الالتزام والاستعداد للتضحية بالغالى والنفيس، فكان المقاتل المصري يواجه العدو ببسالة وشجاعة واستعداد لإحدى الحسنيين النصر أو الشهادة.
ودعا اللواء راشد شعب مصر لليقظة، والتسلح بالوعي، والعلم والعمل لتحقيق النجاحات الفردية والوطنية.
وتطرق اللواء سامح أبوهشيمة أحد أبطال الكتيبة ١٦٣ صاعقة فى حرب أكتوبر المجيدة، إلى التحديات العسكرية والاقتصادية التي واجهت مصر وجيشها عقب نكسة ١٩٦٧، وكيف تلاحم شعب مصر فى مواجهة التحديات، فخرج يطلب من الرئيس عبدالناصر الذي صدمه بقرار التنحي، أن يعود لموقعه للاستعداد للمعركة، وهتف الشعب يومها سنحارب ونسترد الأرض.
وقال أبوهشيمة، الشعب تحمل الصعاب وربط المصريون الحزام على بطونهم، من أجل إعادة بناء قدرات القوات المسلحة، مضيفًا أتذكر أننى فى الإجازات كنت أقف فى طابور الجمعية للحصول على صابونة غسيل، ولم نتذمر أو نشكو فكل ذلك كان فى سبيل هدف استرداد الأرض.
وأشار أبوهشيمة إلى أن الانتصار صنعه الشعب بتضحياته، فكل بيت مصري كان لديه مقاتل على الجبهة، وكل مصري كان مقاتل فى ميدانه، عامل أو مزارع أو أم أو زوجة، متذكرًا السيدة فردوس التي أطلق عليها أم الكلية الحربية، كونها قدمت أبناءها الستة للقوات المسلحة، ولم تخش فقدهم فى المعارك فرأت أن الابناء ليسوا أغلى من الوطن.
وأكد أبوهشيمة أن الدول تهزم فقط فى حالات ثلاث، أولاها تدمير جيشها، فالحفاظ على قوة الجيش حفاظ على بنيان الدولة الوطنية، وقد شهد جيش مصر تعاظم قدراته فى السنوات العشر الأخيرة.
والثانى احتلال جزء من الأرض، فكانت هزيمتنا بفقدان سيناء الغالية، ونصرنا باستعادتها، وفى سبيل الحفاظ عليها نبذل الدماء.
والثالث فرض العدو إرادته على الدولة، ومصر بتنامى قوتها الشاملة واستقلال قرارها السياسى عصية على ذلك، فقد عجز الاحتلال الصهيونى عن إجبار مصر على إعلان الاستسلام عقب نكسة يونيو، ولم يستطع فرض إرادته على شعب مصر الذي خرج يهتف سنحارب، فكانت إرادة الشعب المصري على مر العصور هى سر الانتصار، موجهًا رسالة إلى الشباب بضرورة الانتباه إلى مخاطر الحروب الحديثة التي تستهدف بث روح اليأس.
وبحماسة مقاتل فى العقد العشرين، تحدث الرائد أحمد عبدالعظيم أحد أبطال الفرقة ١٩ مشاة، والتي كانت فى طليعة القوات التي عبرت القناة بالقوارب المطاطية قبل فتح ثغرات عبور الدبابات.
وقال عبدالعظيم: المقاتل المصري كان معجزة الحرب، فقد واجهنا العدو بأجسادنا ولحمنا، تصدينا للدبابات وجها لوجه بأسلحتنا الخفيفة، وحملنا مدافع وصعدنا بها الساتر الترابي، وواجهنا العدو فى نقاطه الحصينة ودمرنا وأسرنا وقتلنا منهم من حاول إحباط عبورنا وتحرير أرضنا.
وأضاف عبدالعظيم حررنا النقطة الحصينة فى عيون موسى، واستعادها العدو، فلم نتوقف حتى استعدناها مرة أخرى، وكنا نصر على عدم تدميرها لتكون شاهدة على البطولة للأجيال القادمة لما بها من إمكانيات متطورة، لم تفلح حماية العدو الذي كان يتحصن تحت الأرض مسافة ١٨ مترا، ولكن القيادة أمرت بتدميرها خشية استعادتها من قبل العدو، فدمرناها.
وتذكر عبدالعظيم كيف كانت مهمته فى استجواب أسرى العدو الصهيوني، وكيف تحدثوا عن خداع قادتهم لهم وإيهامهم أنهم لا يمكن قهرهم، ومفاجأتهم بقوة المقاتل المصري، وهو ما أصابهم من ذهول الهزيمة المدوية.
وشدد عبدالعظيم على أن جنود العدو جبناء، بشهادة الحاخامات الذين جاءوا مع الصليب الأحمر بحثًا عن جثامين قتلاهم، فكانوا يبحثون فى الكيلومترات ولا يجدون إلا أعدادا ضئيلة من القتلى ما يعنى أن تلك القوات هربت من مواقعها، أو استسلمت ووقعت أسرى، فيما كان موضع استشهاد المقاتل المصري يذهلهم كونه يواجه الدبابات بجسده ويصيبها فى عنقها وهو ما فسروه بأنفسهم بأنه مواجهة بثبات واستعداد كامل للتضحية بالنفس.
مشددًا على أن الاحتلال لم يكن يبحث عن الجثث لأسباب دينية كما يدعون بل كانوا يدرسون أسباب هزيمتهم وشخصية المقاتل المصري الذي كان المفاجأة الصادمة لهم.
وفى ختام الندوة وجه الكاتب الصحفى أيمن عبدالمجيد التحية لأبطال أكتوبر وشهداء مصر فى معركة تحرير الأرض من العدو الصهيوني، وأبطال معركة التطهير من الإرهاب، وسواعد التعمير، مؤكدًا أن ما سطره الأجداد من بطولات يسير على دربهم الأحفاد، وهى دورس التاريخ التي لخصها الأبطال فى أن تلاحم الشعب مع جيشه وقيادته سر الانتصار، وأنه بالإرادة والعلم والعمل والتخطيط والإيمان بالله والوطن نستطيع قهر كل التحديات.
وقدم عبدالمجيد درع تكريم الأبطال لتضحياتهم وبطولاتهم فى حرب الاستنزاف وانتصار أكتوبر ومواصلتهم القتال على جبهة الوعى، بمشاركتهم البناءة فى ندوة روزاليوسف.