عصام أبو بكر
مخطط إسرائيل لضم الضفة الغربية
أعلن الجيش الإسرائيلي، بدء عملية عسكرية واسعة في شمال الضفة الغربية، واعتقد أن هذه حرب إسرائيل الحقيقية، فبعد انتهاء إسرائيل من غزة، والتي سيتم تسليمها لأمريكا فستبدأ إسرائيل الانتقال للمرحلة الثانية من سيناريو حرب غزة، وهو السيناريو الأصعب، حيث ستبدأ بهدنة مؤقتة مع ضربات نوعية متقطعة وبدء دخول قوات متعددة الجنسيات إلى غزة، بعدها ستنقل إسرائيل بعضا من قواتها وجنود الاحتياط إلى الضفة الغربية، وهنا سوف تبدأ حرب إسرائيل الحقيقية، وهي ضم الضفة الغربية، وإنهاء اتفاقية أوسلو فعملية الضم فعليا دخلت حيز التنفيذ.
فالهدف من العمليات الجارية حاليا في الضفة هي إنهاء المخيمات الفلسطينية والضغط على سكانها للخروج منها والنزوح نحو المدن الفلسطينية لإنهاء حق العودة وفكرة توريثها من جيل لجيل ومنع أي جهة فصائلية لاحقا من استغلال البيئة الخصبة لزرع فكر معاداة إسرائيل وترتيب مواقع توزيع الفلسطينيين في الضفة الغربية بحيث تقسم الأراضي بين الفلسطينيين والمستوطنين لصالح الإسرائيليين والضغط على الفلسطينيين للهجرة الطوعية، ولذلك يستخدم الضغط وسيلة وسيرافقه تقوية الجواز الفلسطيني وإجبار سكان المخيمات على إخلائها لصالح تدميرها ومنع فرصة الحياة فيها والتخلص من عبء المخيمات ولاحقا بناء أحياء جديدة لهم علي شاكلة الإعمار في غزة.
إسرائيل بدأت فعليا في ضم الضفة ولكن الضم سيكون بصورة متتابعة، حيث سيرافق كل عملية عسكرية عدة سيناريوهات، مرتبطة بالمكان والزمان والتحول السياسي والاقتصادي، وما يرافقه من وضعية سياسية على الأرض، ولن تحتاج إسرائيل إلى عمليات عسكريه كبرى، أو اجتياحات ضخمة مثل غزة فوضع الضفة الغربية أسهل بكثير وهي جاهزة للضم، وقد عملت إسرائيل على ذلك السيناريو منذ عام 2006 اي منذ تولي عباس الحكم في الضفة وحماس في غزة.
أما بالنسبة للسلطة الفلسطينية فهي الآن تحتضر وهي في حالة موت سريري، وبالتأكيد وقبل الانتخابات الإسرائيلية القادمة وقبل انتهاء حقبة نتنياهو سيحزمون حقائبهم ويغادرون رام الله والضفة بعد أن تقرر إسرائيل ضبط الأمن في داخل المناطق الفلسطينية، لمنع الفوضى وحفاظا على أمن المستوطنات، وستدخل الدبابات الإسرائيلية إلى داخل المدن الفلسطينية في الضفة لترتيب وضع السكان الفلسطينيين، وبذلك تكون قد أسقطت اتفاقية أوسلو وحكم دام ٣٠ عاما.
بعدها ستجتاح قوات الاحتلال الضفة وسيكون احتلالا سياسيا وعسكريا واقتصاديا، حيث سيتم اجتياح الضفة الغربية من خلال إغلاق تام ومنع تجول وإغلاق مداخل القرى الفلسطينية، بعد اعتقال ما تبقى من المطلوبين من عناصر حماس في الضفة وتجميد أموال حماس، وضرب خلاياها ومعها أيضا فتح وباقي الفصائل الفلسطينية وبعض قياديها وأيضا بعض قيادي السلطة الفلسطينية، وستقوم إسرائيل باعتقال بعض الناشطين في القدس والـ48 وربما أيضا وقف نشاط الحركة الإسلامية في الـ48 واعتقال عناصرها وإنهاء موضوع الجماعات الإسلامية في المدن والقرى العربية في إسرائيل.
وستقوم إسرائيل بتمشيط الضفة الغربية، وتقوم بإنهاء أي نشاط فردي أو حزبي بشكل مطلق خاصة بعد أن قامت بأضعاف الفصائل الفلسطينية حتى النخاع، وعملت على تفتيت حركة فتح والتي كانت أقوى فصيل بعد أن انغمس قادتها في ملذات السلطة، ومنع أي حراك ضد إسرائيل وقد حضرت إسرائيل وروضت وجهزت مستوطنين متطرفين للعيش في الضفة الغربية، يستطيعون إرهاب الفلسطينيين في حال تم تهديد وجودهم في مناطق 67، وهموا ليسوا كما مستوطني تل أبيب أو الشمال أو الجنوب ولكنهم أكثر تطرفا وعدوانية.
بعدها ستبدأ إسرائيل في حكم الضفة من خلال ضابط عربي في الإدارة المدنية، تحت زمرته مجموعة من الضباط في كل إدارة مدنية مقسمة في الضفة الغربية، كما سيتم ترشيخ شخصية فلسطينية وغالبا ستكون غير مرتبطة بالفصائل، حيث سيتم تدريبه ليكون وسيطا لوجستيا لإدارة شؤون الفلسطينيين الداخلية جنائيا وخدماتيا، كما سيتم تغيير بعض مناهج التعليم الفلسطينيه بما يتلاءم مع متطلبات المرحلة، وتحديد نوع الخطاب في الإعلام الفلسطيني بما لا يعرض الإسرائيليين للخطر في الضفة الغربية وداخل إسرائيل، ودعم النشاطات الرياضية وعمل الأندية لتحويل طاقة الشباب الفلسطيني بعيدا عن السياسة.
ولن يسمح للإسلام السياسي بالسيطرة على الضفة، ولن يكون هناك فرصة لحماس للتواجد فقائمة الاغتيالات جاهزة ولن يسمح لفلسطيني الضفة بالحصول على الهوية الإسرائيلية، وسيحتفظون بهوياتهم وجوازاتهم الفلسطينية وسيتم التعامل معهم على أنهم فئات عرقية عربية تعيش في الضفة الغربية في أراضي خاضعة لإسرائيل، وستسعى إسرائيل لتقليل الوجود الفلسطيني، من خلال الهجرة الطوعية وسينتشر الاستيطان بشكل جنوني في الضفة الغربية والقدس والـ48.
وستطلب إسرائيل من بعض قيادي السلطة الفلسطينية والرئيس محمود عباس بالمغادرة من الضفه الغربية ومن فلسطين كلها نحو الخارج، واعتقال البعض الآخر والطلب من الآخرين بوقف أي نشاط أو أي تصريح إعلاني والتزام الصمت. وبذلك تكون إسرائيل قد أنهت السلطة الفلسطينية وأغلقت ملف أوسلو وأنهت أي نشاط لأي فصيل فلسطيني في المرحلة المقبلة وأنهت القضية الفلسطينية وسوف يتم تصنيفها على أنها قضية اقتصادية وإدارة خدماتية بتشارك اسرائيلي أمريكي أوروبي.
لاحقا سيكون هناك دور بارز لبعض الدول العربية وبالأخص في الدعم الاقتصادي، وعلى رأسهم السعودية مقابل أن تتولى السعودية الوصاية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس وفلسطين، كما ستلعب الإمارات وقطر دورا أيضا وستنضم لاحقا العديد من الدول العربية، وربما تنصب إسرائيل مع الإدارة المدنية الفلسطينية فلسطينيون من حملة الهوية الإسرائيلية من القدس وأراضي 48 وستخضع هذه التجمعات مباشرة لإسرائيل.
أما السلطة الفلسطينية الحالية فربما يتم استخدامها لتحقيق الهدف الأخير في غزة، وهو المساعدة على إدارة السكان هناك مؤقتا حتى تهجيرهم طوعا وهذا لا يعني أن غزة ستكون للفلسطينيين وإنما مرحلة انتقالية بعد الحرب.