عادل عدوى: المؤتمر والمعرض الطبي الإفريقي يعيد هيكلة الرعاية الصحية في القارة الإفريقية
محمود جودة
أعلن الدكتور عادل عدوى، وزير الصحة الأسبق، ورئيس اللجنة العلمية للمؤتمر والمعرض الطبي الأفريقي الثالث "صحة أفريقيا"، خلال الجلسة الأفتتاحية للمؤتمر والمعرض في نسخته الثالثة، تحت شعار "بوابتك نحو الابتكار والتجارة"، مواجهة أفريقيا مجموعة معقدة من التحديات في تقديم الرعاية الصحية الجيدة لمواطنيها، ومن بينها البنية التحتية المحدودة، ونقص الكوادر المؤهلة، بالإضافة الى الفجوات الجغرافية الكبيرة التي تسهم في عدم تكافؤ الوصول إلى الخدمات الطبية الأساسية.
ومع ذلك، لفت إلى أن موجة من الابتكار تجتاح القارة، مما يوفر حلولًا عملية لهذه القضايا الملحة، معللا تلك القضايا بالسبب الرئيسى لإطلاق المؤتمر والمعرض الافريقى من اجل دعم القارة بشكل علمى جيد.. وكان قد تم إطلاق المؤتمر والمعرض أمس حيث يتضمن 350 جلسة علمية تغطي 32 تخصصًا علميًا، بمشاركة أكثر من 1200 متحدث مصري و150 متحدثًا أجنبيًا، بالإضافة إلى حضور 300 مفوض أجنبي.
وأشار عدوى خلال الجلسة الافتتاحية لمناقشة إعادة هيكلة القطاع الصحي في افريقيا، واستكشاف أساليب استخدام التطورات العالمية لإحداث ثورة في تقديم الرعاية الصحية، وسط محدودية الموارد الى ان على عكس الاعتقاد السائد، فإن الأدوات الصحية المبتكرة تحمل قيمة كبيرة في البلدان ذات الموارد المحدودة، لافتا الى ان السبب في ذلك يعود الى التكلفة الفعالة حيث يمكن للتشخيصات المتقدمة أن تؤدي إلى علاج أكثر استهدافًا في وقت مبكر، مما يقلل من فترات الإقامة الطويلة في المستشفى والتكاليف المرتبطة بها، فيما توفر الاستشارات عبر الطب عن بعد بديلاً موفرًا للوقت والموارد عن الزيارات التقليدية الشخصية، خاصة للرعاية اللاحقة. تتيح أدوات الكشف المبكر عن الأمراض اتخاذ تدابير وقائية، مما يقلل من الحاجة إلى تدخلات مكلفة لاحقًا.
وأضاف بأن الوصول الى المناطق النائية يمكن تحقيقها من خلال حلول الصحة المتنقلة والطب عن بعد التي تجسر الفجوة من خلال تقديم الخدمات الصحية عن بعد، متغلبة على قيود البنية التحتية، فيما تقدم الأدوات منخفضة التكلفة مثل المجاهر التي تعمل بالطاقة الشمسية أو أجهزة الموجات فوق الصوتية المحمولة تشخيصات أساسية بتكلفة جزء صغير من تكلفة المعدات التقليدية. الأدوات الرقمية سهلة التوسع، مما يتيح الوصول إلى عدد أكبر من السكان دون استثمارات كبيرة في البنية التحتية الإضافية، كما يمكن تلبية الاحتياجات المحددة من خلال العلاج بالأدوات المبتكرة لسد الفجوات الحرجة في البيئات المحدودة الموارد.
وأكد على ان هذه الأدوات يمكنها أن توفر بدائل أرخص وأكثر وصولاً للتشخيص، والعلاج، والمراقبة، في ظل نقص الكوادر المؤهلة مما يخفف جزئيًا من الضغط على الكوادر المحدودة.
وأخيرا قال عدوى إن الأدوات الصحية المبتكرة تقدم عرضًا اقتصاديًا مقنعًا للدول ذات الموارد المحدودة. من خلال معالجة الاحتياجات المحددة، التغلب على التحديات، وضمان الاستدامة طويلة الأمد، ويمكن لهذه الأدوات أن تمكّن العاملين الصحيين وتحدث فرقًا كبيرًا في تقديم الرعاية الصحية في أفريقيا.
وفي جلسة أخرى عن كيفية نقل تجربة مصر الناجحة للقضاء على فيروس سى للقارة الأفريقية أشار الدكتور عادل عدوى الى قصة نجاح مصر حقيقية وكاملة في هذا القطاع، لافتا الى انه في بداية الألفية الثالثة، كان معروفًا عالميًا أن مصر كانت أكبر دولة في العالم بها مرضى التهاب الكبد الوبائي سي، حيث تراوحت النسبة بين 12 إلى 14٪ من السكان. كانت هذه النسبة الأكبر في بلد واحد حتى انتشر الوباء ليصل إلى حوالي 5 إلى 7 ملايين مريض، مما خلق مشكلة صحية ضخمة ستستغرق عقودًا للتعامل معها خصوصًا مع نسبة شفاء تتراوح بين 40 و55٪، وتكلفة عالية للعلاجات المتاحة في ذلك الوقت، بالإضافة إلى موانع استخدام عديدة وآثار جانبية كبيرة.
وأوضح أن مصر بدأت في إنشاء برنامج مكافحة فيروس التهاب الكبد في عام 2014 بهدف تطوير وتنفيذ الخطط والاستراتيجيات للسيطرة والوقاية من التهاب الكبد الفيروسي، واعتمد البرنامج على المراقبة والسيطرة على العدوى، وإجراءات سلامة الدم، التطعيم، التواصل الإعلامي وحملات التوعية، بالإضافة إلى تنسيق الأنشطة مع اللجنة الوطنية لمكافحة التهاب الكبد والقطاعات الصحية المختلفة من أجل تنفيذ الخطة الوطنية، التي أطلقت في 16 أكتوبر 2014.
وأضاف انه خلال نفس العام، أجريت مفاوضات مع شركات الأدوية الدولية لإنتاج الدواء الجديد سوفالدي، المخصص لعلاج التهاب الكبد الوبائي سي، وهو الأول في سلسلة من الأدوية الجديدة لعلاج هذا المرض، وقد تحققت نجاحات استثنائية بفضل الجهود الصادقة والنوايا الحسنة للأطراف المفاوضة، مما أدى إلى تخفيض تكلفته إلى 1٪ من سعره الدولي. تم إنجاز إجراءات تسجيل هذا الدواء خلال 3 أشهر لتلبية الحاجة السريعة لهذا العلاج الفعال، الذي تبلغ نسبة نجاحه أكثر من 90٪.
وتم تطوير خطة إرشادية لعلاج المرضى وتحديد أولويات العلاج بموافقة لجنة استشارية عليا تضم 100 أستاذ في طب الكبد في مصر. تم إنشاء منصة إلكترونية لتسجيل مرضى التهاب الكبد الوبائي سي على المستوى الوطني لضمان وصول العلاج إلى المرضى المؤهلين وإنشاء آلية لضمان عدم تسرب الأدوية خارج 28 مركز علاج على مستوى البلاد.
بعد فترة قصيرة، بدأت الشركات المصرية في إنتاج نسخة جنيسه من سوفالدي، بنفس الفعالية. وتم علاج حوالي 500,000 مريض سنويًا، وفي عام 2018 أطلق مبادرة رئيس الجمهورية 100 مليون صحة، ومن خلالها تم فحص 60 مليون مصري وعلاج حوالي 3 ملايين مريض في غضون 7 أشهر، على الرغم من أن منظمة الصحة العالمية أعطت مصر مهلة حتى عام 2030 للقضاء عليه، إلا أن مصر حولت هذا إلى نجاح غير مسبوق في علاج الأمراض ومكافحة الأوبئة.