عاجل
الثلاثاء 10 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
We
البنك الاهلي
الإنجازات ليست في الجنازات

الإنجازات ليست في الجنازات

رغم إعلان الكاتب الصحفي خالد البلشي نقيب الصحفيين انتهاء أزمة قرار وزارة الأوقاف، الخاص بمنع تصوير الجنازات داخل وخارج المساجد، وبعد أن تم الاتفاق على وضع ضوابط التغطية من خلال النقابات المهنية المعنية "الصحفيين والإعلاميين"، وذلك بالاتفاق مع جميع الأطراف.



 

فإنني ما زلت أؤكد على أن الجنازات تقع تحت مسمى الخصوصية التي لا تعطي الحق لأي شخص اختراقها أو الخوض في التفاصيل الخاصة بها، ونشرها على العامة دون إذن أو اتفاق مسبق، وهنا يجب أن نفرق بين الجنازة والعزاء.

 

إن مراسم الجنازة تتضمن نقل الجثمان إلى داخل المسجد، ثم تقام صلاة الفرض والجنازة على المتوفى، ثم تأتي بعد ذلك مرحلة نقل جثمان المتوفى إلى الجبانة لتتم مراسم الدفن، وأعتقد أن التغطية الصحفية أو الإعلامية بشكل عام خلال الجنازات لا بد أن تأخذ بعين الاعتبار حرمة الميت ودار العبادة، وأن تراعي القيم الأخلاقية والإنسانية والمهنية، بالإضافة إلى عدم انتهاك حرمة الحياة الخاصة وخصوصية الغير، ونشر الأخبار التي لا تفيد الحدث.

  بينما العزاء غالبا ما يقام داخل سرادق أو دار مناسبات وأحيانا بمنزل أهل المتوفى، وهنا نجد أن التغطية الإعلامية لا تختلف كثيراً عن التغطية وقت الجنازة، والأهم في الموضوع أن ناقل الخبر "صحفي أو مصور"، يجب أن يراعي في المقام الأول مشاعر أهل المتوفى والحضور من المعزين، وأن يحترم رفض البعض الحديث أو التصريح الإعلامي، بالإضافة إلى الحرص على عدم التقاط الصور التي لا تفيد الخبر، خاصة المشاهد التي تثير استفزاز وغضب أهل المتوفى والمعزين.

ومن العجيب انتشار الموبايلات وحاملي الكاميرات بين أيادي الجمهور "يوتيوبر، وبلوجر"، وغيرهم من أصحاب الصفحات والقنوات على مواقع التواصل الاجتماعي الذين اقتحموا مهنة الإعلام والصحافة دون سند قانوني وقيامهم بتسجيل بعض اللقطات "البث المباشر"، مما أسفر عن الخلط بينهم وبين الصحفي الذي يمارس مهنته، الأمر الذي جعل منتحلي الصفة يمارسون التصوير وإجراء اللقاءات من أجل زيادة نسبة المشاهدات على قنواتهم بمواقع التواصل الاجتماعي ورغبة في تحقيق الربح والشهرة الأوسع. 

لذلك يجب على الجميع أن يراعوا كل الضوابط المهنية المتعارف عليها دوليًا، والتي وضعت لكي تحافظ على حق وسائل الإعلام فى ممارسة دورها المهني، وفي نفس الوقت لا تتعارض مع  المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، حتى لا يجور فيها حق على حق.

لذا وجب الحرص الشديد أثناء تصوير أو نشر الفيديوهات الخاصة بالجنازات والعزاءات والسرادقات، لأن ذلك يعد بمثابة انتهاك صارخ للخصوصيات العائلية والأسرية، وأيضا من الضروري مراعاة حرمة دور العبادة، وأجواء وحالة الحزن التي تخيم على أسرة المتوفى المكلومة في أحبتها.

أخيرا وليس آخراً، شهد التاريخ تغطية العديد من الجنازات للشخصيات العامة والمشاهير، وتمت التغطية الصحفية والإعلامية للحدث، بالشكل الذي لا يتعدى حدود نقل المشهد للعامة، دون أن تتخلله أي صورة أو لقطة تتعدى أو تؤثر على المشهد الإنساني، او اختراق الخصوصية، أو لقطات تؤذي مشاعر  المشاهد أو أهل المتوفى. 

ختاماً.. كل صحفي وإعلامي يسعى ويجتهد من أجل البحث عن السبق الصحفي، لكي يثبت للمؤسسة التي ينتمي إليها أنه ناجح ومتميز، بالإضافة إلى رغبته في أن يمتلئ تاريخه العملي بالإنجازات الإعلامية والصحفية المتنوعة، ولكن هنا اقول له أن باب التميز والإنجاز مفتوح في شتى المجالات، ولكن عفواً.. الإنجازات ليست محلها الجنازات.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز