عاجل
الإثنين 14 أكتوبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
We
البنك الاهلي
الطبيعة والبشر.. ومعاناة المملكة المتحدة

الطبيعة والبشر.. ومعاناة المملكة المتحدة

مودي حكيم: من العاصمة البريطانية 



تعاني المملكة المتحدة من اقتصاديات تغير المناخ أكثر من معاناتها الاقتصادية فقد أدى التغيير إلى العديد من الآثار على البيئة الطبيعية والبشر من بينها زيادة العواصف والفيضانات وموجات الحر وارتفاع منسوب البحار. وكان التراخي في مكافحة التغير المناخي موضوعًا للاحتجاجات والجدالات، وقد طورت العديد من السياسات لتخفيف آثاره.  في الحكومة ملزمة بتخفيض انبعاثات غازات الدفيئة من المملكة المتحدة بمقدار 50% من نسبها في عام 1990 بحلول 2025، وصولًا إلى انعدام صافي الانبعاثات وتحقيق محايدة الكربون في عام 2050.

 في مايو 2019، أعلن البرلمان حالة «طوارئ تغير مناخي»، ولكن هذا لا يجبر الحكومة قانونيًّا على اتخاذ إجراءات فعلية. في ديسمبر 2020، أعلن بوريس جونسون رئيس الوزراء وقتها، أن المملكة المتحدة ستجعل هدفها تخفيض انبعاثات غازات الدفيئة بنسبة 68% بحلول عام 2030، وتضع هذا الهدف ضمن التزاماتها في اتفاقية باريس.

ووفق الحكومة البريطانية فإن عدد البيوت المهددة بخطر الفيضانات سيصل إلى حدود 970,000 منزل في عشرينيات القرن الحادي والعشرين، بعد أن كان 370,000 في يناير 2012. تكلف آثار الفيضانات وإدارة أخطار الفيضان البلاد نحو 2.2 بليون جنيه استرليني في العام، بالمقارنة مع أقل من 1 بليون جنيه استرليني تصرف على الحماية من الفيضانات وإدارتها. وفي عام 2020، قدرت مجموعة شركات برايس واتر هاوس كوبرز أن ضرر إعصار دينيس على المنازل والشركات والسيارات قد يكون بين 175 مليون جنيه استرليني و225 مليون جنيه استرليني، وإعصار سيارا كلف ما يصل إلى 200 مليون جنية استرليني. وانتقدت جمعية أصدقاء كوكب الأرض الحكومة البريطانية على التخفيضات التي كانت تنوي فرضها على منفقات الدفاع ضد الفيضانات. فى الوقت الذي تتطلب الحماية من أخطار الفيضانات المتزايدة زيادة الاستثمارات، كي تستطيع مجاراة التغير المناخي حتى عام 2035. وقد نشرت الحكومة  البريطانية ا وعالم الاقتصاد نيكولاس ستيرن "تقرير مراجعة ستيرن" لاقتصاديات التغير المناخي، ينص التقرير على أن التغير المناخي هو الأعظم والأوسع نطاقًا من بين كل انهيارات الأسواق التي شهدناها، مشكلًا تحديًا فريدًا من نوعه لعلم الاقتصاد. تقدم المراجعة وصفات لمعالجة الأمر، من بينها فرض ضرائب بيئية لتخفيض الاضطرابات الاقتصادية والاجتماعية ما أمكن. تشير المراجعة إلى الأثر المحتمل للتغير المناخي على الموارد المائية، وإنتاج الغذاء، والصحة، والبيئة.  وفقًا للمراجعة فإنه من دون أي فعل، ستكون التكاليف الكلية للتغير المناخي مكافئة لخسارة 5% على الأقل من الناتج الإجمالي المحلي العالمي في كل عام، الآن وللأبد. وإن ضم طيف أوسع من المخاطر والآثار قد يزيد هذه النسبة إلى 20% من الناتج الإجمالي المحلي أو أكثر . 

 

ومع التغير المناخي تواجه المملكة المتحدة  ظواهر بيئية وطبيعية غريبة، فيوم السبت الماضي تمكن سكان بلدان كثيرة من مراقبة الأضواء لظاهرة نادرة لونت السماء بالأزرق والبرتقالي والوردي، انتشرت صور لها فى منصات التواصل الاجتماعي، فعلى  مدي يومين  شاهد الكثيرون  الأضواء المذهلة  التي أنارت السماء بفعل عاصفة شمسية وصفت بأنها "تاريخية".  حدثت هذه الظاهرة نتيجة انبعاث جسيمات من الشمس، مما يؤدي إلى حدوث عواصف مغناطيسية عند وصولها إلى الأرض، في حدث يسجل للمرة الأولى منذ 20 سنة.

ولقد عاشت بريطانيا مع نهاية العام المنصرم، وبداية هذا العام ، شتاءها الأكثر تساقطاً للأمطار منذ 130 عاماً، في وقت تغمر المياه أجزاء كبيرة من المناطق. السلطات كانت قد أصدرت أكثر من 300 تحذير من الفيضانات في أعقاب العاصفة "هينك" Henk، فيما غمرت المياه ما يربو على ألف عقار، وفاضت مياه الأنهار في مختلف أنحاء البلاد.

 فمنذ سبتمبر (أيلول) الماضي، ضربت البلاد ثماني عواصف، جرى مكتب الأرصاد الجوية بإطلاق أسماء عليها، وهو أكبر عدد من العواصف واجهتها المملكة المتحدة،  وكانت الفترة الممتدة بين يوليو (تموز) وديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي الأكثر تساقطاً للأمطار على الإطلاق منذ عام 1890. فقد جلبت العاصفة "هينك" وابلاً من الأمطار عبر إنجلترا وويلز، حيث شهدت أجزاء كبيرة من البلدين أكثر من 40 مليمتراً من الأمطار، أي نحو نصف المتوسط المسجل لهذا الشهر، وفق "مكتب الأرصاد الجوية".

وتكشف بيانات وكالة البيئة البريطانية أن كل نهر في إنجلترا تقريباً قد بلغ مستوى مرتفعاً جداً، فيما يصل البعض إلى أعلى تدفق له على الإطلاق، مثل نهر "إيتشن"Itchen في ساوثامبتون. وقالت كارولين دوجلاس، مديرة الفيضانات لدى الوكالة، إن نهر "ترينت"Trent سجل "أحد أعلى المستويات التي نشهدها منذ 24 عاماً". 

وتسببت الفيضانات في أضرار واسعة النطاق، إذ تكبد المزارعون خسائر فادحة جراء تعفن المحاصيل الزراعية في الحقول المغمورة بالمياه، يُرجح أن تواجه شركات التأمين سيلاً  من مطالبات التعويض بعدما ألحقت العاصفتان "غيريت" و"هينك" خراباً كبيراً في البلاد خلال فترة عيد الميلاد.

 وفي البيانات الأحدث التي جمعتها أدارة تحليل الفيضانات الخاصة، يبدو أن 9 ملايين منزل في المملكة المتحدة معرضة لخطر الفيضانات، فيما يُقدر متوسط التكلفة السنوية للأضرار بـ1.5 مليار جنيه استرليني.

واتهم حزب "العمال" البريطاني المعارض حكومة البلاد بأنها "غافلة عن أداء واجبها" بشأن التحذيرات من الفيضانات، داعياً رئيس الوزراء ريشي سوناك إلى تشكيل "فريق عمل على شاكلة كوبرا" (لجنة الطوارئ التابعة للحكومة) من أجل توفير الحماية للمنازل في مواجهة مزيد من الأضرار والخسائر. أما أحدث الأرقام الصادرة عن "رابطة شركات التأمين البريطانية"، فتشير إلى أن 2023 يمثل العام الثالث الذي تتجاوز فيه التكلفة المقدرة لمطالبات التعويض الناجمة عن المناخ السيئ عتبة المليار جنيه، وقال وزير الدولة لشؤون الفيضانات روبي مور فى حديث لوسائل الإعلام، إن في جعبة حكومة بلاده، ما يكفي من الأموال لمنع الفيضانات. ورداً على سؤال عما إذا كان المتضررون سيتلقون أي تعويضات، قال مور إن الحكومة "تبحث تماماً في التدابير التي يمكننا اتخاذها".

 وأضاف أن مبلغ التمويل لخطط القدرة على مواجهة الفيضانات قد تضاعف "من 2.6 مليار جنيه استرليني إلى 5.2 مليار جنيه استرليني". 

وحذر خبراء في "اللجنة الوطنية للبنية التحتية" من ارتفاع احتمال نشوب الظواهر الجوية المتطرفة، من قبيل الفيضانات والجفاف، كتأثير غير مباشر لتغير المناخ. 

كما وجّهت تحذيراً من أن عدد العقارات المعرضة لخطر الفيضانات من المرجح أن يسجل زيادة تتخطى الثلث في حال ارتفعت درجات الحرارة في المملكة المتحدة أكثر من درجتين مئويتين.

 

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز