
د. إيمان ضاهر تكتب: في معجم حب مصر

من أين أستهل يا أم الدنيا الكلام، وكيف ألقي عليك تحية السلام، قبل وقفة الاحترام؟ أليس في عينيك الأيام، والأعلام، والأقلام، والأعوام.
أتأمل في رحابك ضم القلوب ولذة المسك للمحب والمحبوب.
العالم حوالينا يتبدل به كل شيء، اما عرشك، فيبقى رجفة القلب وثقله في هذا الوجود مثل سير النجوم في الكون الفسيح.. أليس قوة حقيقية وامثولة جنى الخير والعطاء لام الحضارات؟
قارئي العزيز
اتبع قلبك ما حييت في معجم حب مصر، إذا حللت بها متعبا من بلاء ردتك شهما سيدا. مصر، يامة حسن الخلق ففي أحضانك جنة الإنسان، أنت تحركينا وتحمينا وتسحرينا وهذا الهوس والجنون بعلم المصريات ليس جديدا، بدايته قديمة أقدم من العالم أكثر من ٤٠٠٠ سنة، وإلهام أرض الفراعنة ينير وبه يستنير علماء ومعماريين، نحاتين ورسامين، شعراء وأدباء ما زالوا حتى اليوم يبدعون في خلق مشاهد الحياة متأثرين بروائعك الخالدة.
ألم تطبع أم الدنيا معاجم الألوان الساحرة في تاريخ البشرية بطول عمرها وخصائص سماتها الثقافية والفكرية والعلمية والفلسفية والأخص العسكرية والدينية.
تعال معي أيها القارئ نفتش عن الفكر في معجم حب مصر، لنجد ان للفكر أجنحة رحالة دون حدود ولا أحد يمكنه ايقافها في أسطورة الجمال التاريخية والعالمية. لغة مشتركة وليست مجموعة معيارية. فما الذي يدفعني لعشقها؟ عندما تدخلها ساكنا عليك الانغماس في زيارة متعمقة لكنوزها الدفينة.
في معجم حب مصر، وبالرغم ما يحدث اليوم من حروب ضارية ومآسي مبكية ومفجعة، ما زالت أم الدنيا في قاموسها النبيل العظيم الملهمة لكل المجتمع الإنساني، فهي المانحة للأمل الذي لا قيمة لأي حياة بدونه. لكني متفائلة حتى النهاية بكل الانتصارات والإنجازات والتوق الكامل في الإبداع والاختراع لمواكب الاحياء العملاقة.
في معجم حب مصر، أرتل ملحمة فلسفية مليئة بالأفكار الجميلة، وأعيشها في يومي لرؤية الحياة من الجانب المشرق.
حكايتي هذه دونتها في معجمي، شبيهة برحلة الراعي الأندلسي سانتياغو في رائعة الكاتب الكبير باولو كويلو "الخيميائي".
إنها البحث الدوؤب المتواصل عن كنز مدفون في أعلى الاهرامات ولقائه مع الخيميائي الذي سيلقنه درسًا وهو الاستماع إلى قلبه وإدراك علامات القدر وقبل كل أمر اتباع أحلامه.. هكذا هو معجمي في حب مصر، رسائل احلام قوية ومتيقظة بمثابة الوحي، رحلات في كنوز جمالها التي لا تنتهي ربما إلا مع نهاية البشرية.
وكيف بات معجمي هائما بحب مصر؟
أم الدنيا، الارض الغالية، الكتابة عنها غيرتني بشكل عميق وأهدتني الفرصة المضيئة لأسير في أجمل الطرق، أن الكون يتآمر بأكمله لتحقيق حلمي، الحلم الذي يثير الحياة في طيات ارضها الحكيمة، والحكماء هم حكماء فقط لأنهم يحبون وأنا في معجم حب مصر وحكمائها التقيت بالتطور والرقي، فأصبح كل أمر متطور أمام عيوني.
وفي معجم حبي لمصر انتسبت لمدرسة الحكمة المصرية والتي عادت بي بالزمن إلى الوراء لإلقاء نظرة على بدايات الحياة الحضارية بشكل عام، ممارسة ثقافية لالياذات الإنسانية خطوط أساسية لكل من يبحث عن الحكمة ومواطنها المميزة ومناهجها المرتبطة في حمل أسطورة ديمومة أن الحكماء ولدتهم مصر مهد السمات الثقافية في أي ميدان.
ألم تبهر الحضارات الأخرى اليونانية والرومانية والفينيقية.. ألم تسحر افلاطون وهيرودوت وهوميروس وغيرهم الكثير في العصور القديمة والحديثة.
المعجزة المصرية لتماثيل تبتسم لأن مصيرها ارتبط بالتقنيات المصرية المعروفة بالصب المجوف بالشمع المفقود.
أليس هذا المجد الحضاري لأهل أم الدنيا الذي لا ولن يزول؟
وفي معجم حب مصر، التي لم أزرها بعد لكنها تدغدغ أحلامي وتشبع رغبات حروفي الأكثر روعة عنها حيث يسير الخيال والواقع جنبا إلى جنب دون فراق. وإذا لجأ معجمي إلى إحضانها الحنونة لأنني الباحثة عن الغرابة الفريدة والخلابة، المبدعة والخالدة. فباتت ملاذه في لقاء السعادة واكتشاف الجديد في روحي الهائمة والمفتونة بالمناظر الطبيعية وألوانها النابضة بحب الحياة.
وفي معجم حب مصر، مربض أرضها ونيلها الشعر الرفيع الذي يسطع بشمسه من بعيد إنه الينبوع البليغ للقافية البارعة والجملة الساحرة الصادقة في المقالة الرائعة حيث ينبع من مضمونها وأسلوبها الأفكار العطرة.
وأخيرا في معجم حب مصر، أتأمل انتخاب الاب من قبل الابناء، انتخاب بين قائد ووطن، قائد وشعب.
والشعب سيصوّت بذكائه وحبه ديمقراطية الدولة هي أكثر بكثير من ممارسة انتخابية وحكومية. انها تنوع في الاخلاق والفضيلة والدقة والحس المدني واحترام الخصم.. إنها مدونة أخلاقية.
التصويت تعبير عن التزامنا بأنفسنا تجاه الأمة وبعضنا البعض والعالم.
صوتك من أجل المبدأ وعلى الرغم من أنك تصوت بمفردك إلا أنه اعتزاز وفخر أن صوتك لن يضيع أبدا.
ونهاية، في معجم حبي لمصر، تبدأ حياتنا بالانتهاء في اليوم الذي نصمت فيه عن أهمية الاشياء، فالصوت له نفس ووزن.
أليس هو الحماية والسر المدني لاحترام حقوقنا؟
الديمقراطية في يوم عظيم ومجيد لاكتمال عرسها، الروح الداخلية لشعب مصر المناضل مرشحنا سيتابع حماية احلامنا وتحقيقها زعيم يقاتل بالعلم والتطور والتقدم وبشدة للوفاء بوعد الامة للأجيال القادمة.
أستاذة متخصصة في الأدب الفرنسي واللغات والفن الدرامي
من جامعات السوربون في باريس