عاجل
الثلاثاء 7 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
الضحك والجمهور العام.. عندما يلهو وليم شكسبير

الضحك والجمهور العام.. عندما يلهو وليم شكسبير

مع ارتفاع وتيرة المناقشات الجادة، وأحيانًا شديدة التعقيد في الشأن العام المصري؛ استجابت العديد من الأعمال الفنية في السنوات القريبة الماضية في المسرح والسينما والدراما التليفزيونية للإيقاع العام الجاد لمصر وهي تتغير نحو الأفضل والأجمل والأكثر أمنًا واستقرارًا. 



مما دفع دفعًا واضحًا نحو الأعمال الجادة، وفي هذا الاتجاه سارت دراما رمضان في العديد من مواسمها الماضية في ذلك الاتجاه. 

 

إلا أن الناقد الفني الكبير الصديق طارق مرسي قد كشف لنا في مقاله الأخير بمجلة روزاليوسف عن مفاجأة رمضان هذا العام في الدراما التلفزيونية.

 

إذ تعود الكوميديا والدراما المبهجة بوضوح في صدارة الإنتاج المنتظر عرضه في رمضان المقبل إن شاء الله، اللهم بلغنا إياه عبادة وصيانًا وقيامًا مع بعض البهجة، إذ ننتظر البهجة والابتسامة والضحك والمرح مع سبع درامات، يقدمها نجوم مصر، وهم محمد سعد، أحمد مكي، يسرا، أحمد أمين، دنيا سمير غانم، مصطفى خاطر.

 

صاحب ذلك التفكير تفكير مماثل في مسرح الدولة، إذ يمكن ملاحظة مسرحيات مثل خطة كيوبيد بالمسرح الحديث، ومسرحية حلم جميل بالمسرح الكوميدي، ومسرحية زقاق المدق التي تناولها مسرح البالون تناولًا مبهجًا استعراضيًا ومسرحية يا شيخ سلامة التي يعرضها ذات المسرح حاليًا، وكذلك المسرحية الجديدة شفيقة المصرية ذات الطابع الاستعراضي المبهج.

 

مما دفعني للتفكير في الأعمال المسرحية الضاحكة ذات البعد الإنساني العميق، وفي الوقت ذاته هو عمق البساطة البعيدة عن التعقيد.

 

وإذ نتمنى للمسرح المصري أن يمارس دوره في خلق حالة من البهجة والائتناس ويسعى أيضًا لتحسين الذائقة الجمالية المسرحية في ذات الوقت، كهدف ضروري. 

 

ذلك أن الجمال عندما يقترن ببهجة الكوميديا تكتمل المتعة والارتقاء بالذوق العام، نحو قدرة الجمال في حد ذاته على خلق حالة انسجام وجداني من نوع عميق. 

 

وقد فكرت في نماذج مقترحة يمكن النظر لها أو تقديمها أو استلامها، ومنها ما يقوم المسرح القومي حاليًا بتحضيره، وهي مسرحية سيدتي الجميلة المأخوذة استلهامًا من رائعة برنارد شو "بجماليون"، وهو ذلك المثال الذي صنع تمثالًا جميلًا لفتاة فوقع في هواها.

 

والنماذج القابلة للفهم وللدرس وللاستلهام هي نماذج لا حصر لها بمراجعة إنتاج كتابنا المصريين والعرب، وكتاب المسرح العالمي.

 

ولكن شكسبير قد حضر لي وفتن روحي وعقلي ووجداني عندما بدأت أفكر في هذا الاتجاه. إنه مواطننا الإنجليزي النشأة عالمي الانتشار.

 

ولم أخرج من جاذبية إعادة قراءة مسرحية الأكثر صخبًا وجمالًا وإضحاكًا، وهي أكبر أعماله قدرة على النجاح الجماهيري في كل أنحاء الدنيا أينما ومتى تم تقديمها، لأنها تثير الضحك عبر المشترك الإنساني وهو القاسم المشترك بين البشر في كل مكان وزمان.

 

إنها مسرحيته النادرة ترويض الشرسة، المشهورة بترويض النمرة، وفقًا لترجمتها وإعادة صياغتها الباكرة في مطلع القرن العشرين في مصر.

 

وفي تقديمها لمسرحية ترويض الشرسة تقول د. سهر القلماوي: 

"تعتبر مسرحية ترويض الشرسة من أكثر مسرحيات شكسبير رواجًا على المسرح إلى يومنا هذا، وما ذاك إلا لأن موضوعها من الموضوعات الحية منذ قديم الزمان ونماذج الشخصيات فيها نماذج طبيعية لا يبليها الزمن ولا تتقيد بمكان دون غيره.

 

فالمرأة الشرسة والزوج المروض لها باللين والقسوة، بالحيلة والقوة، صورة خلدها الأدب الشعبي والقصص الديني على السواء منذ أقدم العصور، وإنا لنصادفها في أول قصة من قصص ألف ليلة وليلة، في قصة الحمار والثور مع صاحب الزرع.

 

أما المقدمة التي يظهر فيها سلاي الصعلوك وقد أفقده وعيه الشراب فانتهز شريف الفرصة ليتسلى به بأن هيأ له جو القصور حين يفيق ليوهمه أنه نبيل.

 

فإنها أيضًا موضوع قديم وتروي في بعض القصص الشعبي قصة مثلها عن هارون الرشيد مع من يدعونه أبا الحسن".

 

هكذا تفهم الناقدة الكبيرة والمترجمة أستاذة اللغة الإنجليزية وآدابها بكلية الآداب جامعة القاهرة د. سهير القلماوي أستاذة الأجيال وليم شكسبير، وهكذا أيضًا تحلل وترصد علاقات التفاعل الثقافي الشرقي والغربي بالعودة إلى أصل فن الراوية الإنسانية الحديثة والمعاصرة درة فن الروي ألف ليلة وليلة.

 

ترويض الشرسة مسرحية تستحق التأمل والتفكير وهي نموذج يجب تأمله بدقه، فهي تحمل دروسًا في علاقة الضحك بعلم الجمال وفي المشترك الإنساني في فن الكوميديا، وفي المقدرة على صياغة الدراما بمهارة وبرشاقة وبطريقة تعد هي في ذاتها طريقة في البناء الدرامي تحقق إمتاعًا كبيرًا مرجعه الاستمتاع بدقة واقتدار البناء الدرامي.

 

ترويض الشرسة لوليم شكسبير واحدة من النماذج الدرامية المهمة، هي وغيرها من درر الإنتاج الدرامي الإنساني التاريخي، فهل يمكن لكتاب وصناع الكوميديا في مصر الآن العودة قليلًا لتأمل تاريخ الدراما؟ ففي قصة نشأة الدراما وتاريخها لا ينحصر الأمر في تواريخ الأعمال الفنية ورصد إنتاج الكتاب وما إلى ذلك، ففيه كنوز ودروس ومواد أصلية للتحليل والفهم والاستلهام.

 

حقًا يجب علينا الآن النظر بكل اهتمام لعودة إنتاج الفنون التعبيرية المصرية- وعلى رأسها الدراما- كي تتوجه للجمهور العام، وكي تستعيد حضورها الذهبي في وجدان المصريين والعرب.

 

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز