السفير الصيني لياو ليتشيانج لـبوابة روزاليوسف:
الصين ومصر رفيقان في خندق واحد في معركة ضد الجائحة!
هدى المصري
قال السفير الصيني لدى مصر، لياو ليتشيانج إنه قبل يومين، حضر منتدى الاقتصاد والاستثمار الصيني المصري، حيث اجتمع مع وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية د. هالة السعيد، والأمين العام الأسبق للجامعة العربية عمرو موسى، ورئيس الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية بقناة السويس وليد جمال الدين و غيرهم من 300 صديق من مختلف الأوساط، وتحدث عن خبرات التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين واستشراف آفاقه المستقبلية.
وأضاف لياو ليتشيانج، في تصريحات خاصة، لـ”بوابة روزاليوسف”: إن منتدى الاقتصاد والاستثمار الصينى المصري هو أول منتدى للاقتصاد والاستثمار الذي تقيمه الصين ومصر منذ تفشي الجائحة، وبعث رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي رسالة التهنئة للمنتدى، الأمر الذي يعكس اهتمام الجانب المصري البالغ بالتعاون الصيني المصري. وكانت الوزيرة هالة وغيرها من الضيوف الحاضرين يسجلون تقييما إيجابيا للتكاتف الصيني المصري في مواجهة الجائحة والتحديات الدولية والإقليمية وما حققه الجانبان من النتائج المثمرة في كل المجالات.
وقال السفير الصيني: لقد أستمرت الجائحة ثلاث سنوات، خلال هذه الفترة، تكررت الجائحة موجة تلوى أخرى، ودخل العالم فترة الاضطراب والتغير الجديدة، على هذه الخلفية، لماذا يستمر التعاون الصيني المصري في تحقيق نتائج ملحوظة كالمعتاد؟ أعتقد أن هناك سببا مهما وراءه يكمن في تضامن وتكاتف البلدين كونهما رفيقين في خندق واحد في المعركة ضد الجائحة. لن تتغير النية الصادقة بين البلدين في مكافحة الجائحة يدا بيد.
يقول العرب إن "الصديق وقت الضيق"، وفي الصين قول مماثل. عندما مرت الصين بأحلك فترة تفشي الجائحة، بعث فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي برقية المواساة للرئيس شي جينبينغ، ووجه الجهات المعنية المصرية بإضاءة مواقع التراث الثقافي العالمي الثلاثة بعلم النجوم الخمس عن طريق "عرض الصوت والضوء"، وهو العرض الأول من نوعه، كما أرسل مبعوثه الخاص إلى الصين حاملا معه المواد لمكافحة الجائحة.
وبعد انتشار الجائحة في مصر، ساعدت الصين مصر في إنشاء خطوط الإنتاج للكمامات وتعاونت مع مصر في إقامة أول خطوط الإنتاج للقاح في إفريقيا وساعدت مصر في بناء أكبر مخزن للقاحات في إفريقيا. لغاية اليوم، قد وفرت الصين 77 مليون لقاح لمصر. وفي الشهر الماضي، خلال اللقاء بين رئيسي البلدين في الرياض، أكد الرئيس شي جينبينج مجددا على الاستعداد لتوسيع التعاون مع مصر في إنتاج اللقاحات.
وتابع: اليوم، دخلت الصين مرحلة جديدة للوقاية والسيطرة على الجائحة. ابتداء من يوم 8 يناير، ستطبق الصين لائحة جديدة بشأن الدخول والخروج، حيث لا يحتاج المسافرون إلى الصين إلى طلب كود الصحة مسبقا، ولا داعي لإجراءات الاختبار النووي والحجر الصحي، الأمر الذي لقى ترحيب كافة الأطراف، حيث أعربت جنوب إفريقيا وغيرها من الدول عن عدم فرض القيود والاختبار النووي على المسافرين القادمين من الصين.
كما أعربت تايلاند وإندونيسيا وماليزيا عن الترحيب الحار بالسياح الصينيين. اليوم، لم تكن متحورات أوميكرون موجودة فقط في الصين، بل تنتشر في دول عديدة في العالم. لكن اتخذ بعض الدول الإجراءات التمييزية للمسافرين القادمين من الصين وحتى منعت دول قليلة المسافرين القادمين من الصين من الدخول.
وأفاد: تدعو الصين جميع الأطراف إلى اتخاذ إجراءات الحجر الصحي العلمية والمناسبة التي لا تستهدف أي دولة معينة، وتجنب أي أقوال أو أفعال من شأنها تسييس الجائحة، والعمل على ضمان التنقل الطبيعي للأفراد.
وستعمل الصين على استئناف سياحة مواطنيها إلى الخارج بشكل منتظم وعلمي وبمبدأ التجريب قبل التعميم، مع الأخذ في الاعتبار وضع الجائحة في العالم وقدرات الجهات في مجالي الخدمات والضمانات. نثق بأن إجراءات الصين الجديدة في الوقاية والسيطرة على الجائحة ستحظى بالفهم والدعم من الأصدقاء المصريين كالمعتاد.
لن تتغير الغاية الأصلية للبلدين في التنسيق بين مكافحة الجائحة والتنمية الاقتصادية والاجتماعية. يسعدني أن أرى، كسفير للصين لدى مصر، أن مصر تجاوزت عدة موجات للجائحة تحت القيادة القوية من فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي، وكسبت تجارب مهمة في مكافحة الجائحة وشهدت تعافي التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتوجهت بخطى واسعة نحو بناء "الجمهورية الجديدة". وتشهد الصين نفس المشهد.
ما زلنا نتذكر جيدا أنه في مطلع عام 2020، وكان الفيروس أكثر انتشارا وفتاكا، حشدنا القوى الوطنية الكافية لتنفيذ عملية واسعة وغير مسبوقة لإنقاذ الأرواح، ونجحنا في حماية حياة وسلامة 1.4 مليار من المواطنين إلى أقصى حد، حيث عملت الصين على تلقيح أكثر من 3.4 مليار جرعة، وبلغ معدل التلقيح ومعدل التلقيح الكامل 92 و90% من سكان البلاد، وبلغ معدل التلقيح للمسنين فوق 60 عاما 86%. هناك 13 نوعا من اللقاحات ضد كورونا في الصين، وتجاوزت قدرة الإنتاج السنوي 7 مليارات جرعة، وظل معدل الحالات الخطيرة والوفيات في أدنى مستوى فى العالم، وارتفع متوسط العمر المتوقع من 77.3 عام إلى 78.2 عام. على خلفية تراجع مؤشر التنمية البشرية لسنتين متتاليتين، ارتقت الصين بست مراكز في المؤشر.
وفي مواجهة الوضع الجديد والمهمة الجديدة، بادرت الصين إلى تعديل إجراءاتها لمكافحة الجائحة وفقا لتغيرات الوضع، وأصدرت على التوالي "إجراءات البنود الـ20" و"الإجراءات الجديدة بالبنود الـ10"، وقررت تحويل تصنيف فيروس كورونا من "الفئة آ" إلى "الفئة ب"، كما حولت مركز العمل من الوقاية من العدوى إلى الوقاية من الحالات الخطيرة وضمان الصحة. بعد تعديل إجراءات الوقاية والسيطرة، تسارعت خطوات التعافي الاقتصادي في مختلف المناطق الصينية، حيث بلغ معدل استئناف العمل للمؤسسات الصناعية الكبيرة 90%، كما استأنف أكثر من 70% من المواقع السياحية أعمالها، وعادت الحياة المألوفة إلى طبيعتها تدريجيا.
واليوم، تقبل الصين على أهم عيدها التقليدي – عيد الربيع، من المتوقع أن يبلغ عدد المسافرين خلال هذا العيد مليارين و95 مليون نسمة، بزيادة قدرها 99.5% على أساس سنوي، ليشكل 70.3% مما كان عليه في نفس الفترة في عام 2019. كما يتوقع العديد من الوكالات الدولية أن الصين ستحقق نموا بمعدل أكثر من 5% في عام 2023، وهو رقم أعلى بكثير من نظيراتها في العالم والاقتصادات الرئيسية الأخرى. كل ذلك يدل بجلاء على أن وضع مكافحة الجائحة في الصين مستقر وقابل للسيطرة ومتجه نحو الأفضل. على هذه الخلفية، ومع استقرار وضع الجائحة في العالم وتطبيق إجراءات التنمية العالية الجودة التي حددها المؤتمر الوطني الـ20 للحزب الشيوعي الصيني، سيشهد اقتصاد الصين نموا أسرع، بما يقدم مساهمة أكبر للنمو الاقتصادي العالمي.
وتابع السفير الصينى: لن يتغير التزام البلدين باستئناف العمل والإنتاج. خلال السنوات الثلاث الماضية، صمدت الشركات الصينية في مصر أمام ضغوطات الجائحة، وعملت على دفع المشاريع النموذجية للتعاون الصيني المصري للتقدم بخطوات ثابتة، حيث أنجزت الشركات الصينية أطول جسر سكة حديدية ذات هيكل فولاذي دوار في العالم، ودشنت أول سكة حديدية مكهربة في إفريقيا – السكة الحديدية بمدينة العاشر من رمضان.
كما دفعت مشروع تجمّع صناعة الإسمنت الأكبر حجما والأعلى تكنولوجيا في إفريقيا بخطوات ثابتة، ووقعت الاتفاقيات بشكل رسمي بشأن أكبر مشروع طاقة الرياح والطاقة الشمسية في مصر. في عام 2021، ازداد حجم التجارة بين البلدين بـ37.3%، وبلغ 19 مليار و980 مليون دولار أمريكي.
وفي الشهر الماضي، تقابل الرئيس شي جينبينغ والرئيس عبدالفتاح السيسي في الرياض، وهو ثاني لقاء بينهما خلال عام 2022، الأمر الذي يشكل دفعة قوية وجديدة لعلاقات الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين، ويعكس متانة وصلابة الصداقة بين البلدين رغم التحديات، ويؤكد على الصداقة والأخوة والشراكة الجيدة بين البلدين. في المستقبل، نحرص على تعميق التعاون مع مصر في بناء "الحزام والطريق"، والدفع بإنجاز مشروع منطقة الأعمال المركزية للعاصمة الإدارية الجديدة بجودة عالية وفي الموعد المحدد، وحسن تنفيذ مشاريع التعاون الهامة مثل "منطقة التعاون الاقتصادي والتجاري بقناة السويس"، وتوسيع التعاون في مجالات الاستثمار والتمويل والإنتاج المشترك للقاحات والفضاء، ومواصلة التعاون في ورشة عمل لوبان وتعليم اللغة الصينية، بما يكوّن المزيد من سفراء الصداقة بين الصين ومصر.
ولن تتغير عزيمة البلدين على المساهمة في الجهود العالمية لمكافحة الجائحة. تعمل مصر، كدولة عربية وإفريقية كبيرة، على أن تصبح مركزا إفريقيا لإنتاج اللقاحات، ومساعدة الدول الإفريقية الأخرى على مكافحة الجائحة. في العام الماضي، عُقدت الدورة الأولى للمعرض الطبي الإفريقي بالقاهرة، وأعلن الرئيس عبدالفتاح السيسي خطة مصر لتوفير 30 مليون جرعة من لقاح كورونا إلى الدول الإفريقية. كما عملت الصين ومصر، من خلال مصنع Vacsera، على توفير اللقاحات إلى فلسطين، ومساعدة أبناء الشعب بقطاع غزة على مكافحة الجائحة والتخفيف من الأزمة الإنسانية.
لا تتحمل الصين، كدولة كبيرة مسؤولة، على عاتقها مسؤولية أرواح وسلامة مواطنيها فحسب، بل أرواح وسلامة جميع شعوب العالم. وفقا للإحصاءات، قد أجرت الصين أكثر من 60 تبادلا تقنيا مع منظمة الصحة العالمية. كما تستمر الصين في مشاركة البيانات الوراثية للفيروس من خلال قاعدة البيانات التشاركية العالمية للإنفلونزا (GISAID). كما بادرت الصين إلى تصنيف اللقاحات كالسلع العامة الدولية، وقد قدمت أكثر من 2.2 مليار جرعة من لقاحات كورونا إلى أكثر من 120 دولة ومنظمة دولية، كما قدمت كمية هائلة من مواد مكافحة الجائحة إلى أكثر من 150 دولة و15 منظمة دولية، وشاركت 180 دولة وأكثر من 10 منظمات دولية خطة الوقاية والسيطرة والعلاج، وقدمت التبرعات لمنظمة الصحة العالمية. ستواصل الصين متابعة عن كثب تحور الفيروس، وتنشر حالة الجائحة أولا بأول، وتتعاون مع المجتمع الدولي في مواجهة التحديات الناجمة عن الجائحة. يمثل كل ما مضى بداية لصفحة جديدة.
كتبت القمة الصينية العربية الأولى صفحة جديدة للعلاقات الصينية العربية، كما كتب لقاء الرئيسين بالرياض صفحة جديدة للعلاقات الصينية المصرية، وأطلق التعاون المثمر بين البلدين في مكافحة الجائحة مسيرة جديدة لتعميق الصداقة بين البلدين. في العام الجديد، نحرص على مواصلة التعاون مع مصر وكتابة آيات جديدة للتعاون في مكافحة الجائحة وغيرها من المجالات المختلفة!