عاجل
السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
تطوير القرى المصرية انجازات عهد السيسي حياة كريمة المؤتمر الاقتصادي - مصر 2022
البنك الاهلي
الرئيس بين فلسفة الحكم وفقه الدولة 

الرئيس بين فلسفة الحكم وفقه الدولة 

كلمة تاريخية، تلك التي ألقاها الرئيس عبدالفتاح السيسي بالجلسة الافتتاحية للمؤتمر الاقتصادي 2022، كونها أشبه بكشف حساب رئاسي، ينطلق من تشخيص لتحديات الدولة المصرية، منذ تحولها من الملكية إلى الجمهورية.



 

تناول الرئيس عبدالفتاح السيسي في كلمته، فلسفة الحكم، وفقه الدولة، وهي من القضايا المهجورة في النقاشات العامة، في ظل زخم التحديات اليومية، وهجمات تزييف الوعي العام ومحاولات زعزعة الاستقرار وبث روح اليأس.

 

انطلق الرئيس من التأكيد على أن كلمته تلك تعبر عن شخصه، كمواطن مصري قرأ تاريخ الدولة الحديثة، رصد أعراضها وشخّص أمراضها، بحثًا عن علاجات جذرية ناجعة لتحديات ومشكلات متجذرة.

 

حدد الرئيس مسؤولية الحاكم في القدرة على اتخاذ القرارات الحاسمة المدروسة بعناية، بحساب مدى تحقق الأهداف، قياسًا على كلفتها التي تتحملها الدولة.

 

وهنا يلخص الرئيس فلسفة الحكم في القدرة على اتخاذ قرارات شجاعة تتسم بالفضيلة، وهذا يتطلب دراسة جميع الأبعاد الاجتماعية والسياسية والاقتصادية للقرار، بحيث يكون العائد الوطني منه أكبر من كلفته.

 

وانطلاقًا من ذلك، يغوص الرئيس في أعماق الدولة المصرية الحديثة، والقرارات المصيرية التي شهدتها، والتحديات التي جابهتها، وأثر تلك الصدمات على قدراتها وتزايد تحدياتها.

 

فقد تجوّل الرئيس في دروب التاريخ الحديث، راصدًا الصدمات الكبرى التي تعرضت لها الدولة المصرية، من ثلاث حروب عسكرية 56، 67، وحرب اليمن، ثم 73، وما تلاها من موجات التنظيمات الإرهابية في الثمانينيات والتسعينيات.

 

كل تلك الصدمات أنهكت الدولة، التي لم تكن لديها القدرات التي تفوق تلك الصدمات، لتأتي أحداث 2011، 2013؛ لتزيد من إنهاك الدولة وتعاظم من تحدياتها.

 

 وهنا يؤكد الرئيس على أن: "من يتحمل مسؤولية الدولة والحفاظ على حاضرها ومستقبلها، هو من ينتبه لكل خطوة قبل أن يخطوها، فالأمر ليس شجاعة قرار بل جدوى القرار قياسًا على تكلفته".

 

ولا يكفي أن يُدرك المسؤول القرار الواجب اتخاذه وأهميته، بل المهم توافر البيئة المناسبة لاتخاذ القرار، وهذا يتطلب صلابة الدولة، وقابلية الرأي العام، لتحمل التكلفة، وهنا يتوقف الأمر على رصيد شعبية القائد والثقة في الدولة.

 

يقول الرئيس، "باستثناء فترة حكم الرئيس عبدالناصر، رصيد القيادة السياسية والحكومة لم يكن بالقوة اللازمة، التي يمكن أن تُشكل قاعدة لخارطة عمل صعبة ومريرة تحتاج لسنوات عمل شاقة وطويلة".

 

وهنا يُشير الرئيس السيسي إلى استغلاله رصيد شعبيته، في اتخاذ قرارات إصلاحية تنموية صعبة، دون الالتفات لتحذيرات أثر القرارات الضرورية على شعبيته.

 

فيقول الرئيس أخطر شيء، هو قياس الرضا الشعبي، بما يتحصل عليه المواطن مباشرة، وحرص الحاكم عليه، حتى لو كان على حساب حاضر الوطن ومستقبله.

 

فالرئيس يقدم فلسفته في الحكم، من منطلق رؤيته لأهمية القرار في حاضر الوطن ومستقبله، حتى وإن كان الثمن المدفوع للعلاج المر من شعبيته، فالأصل لديه استثمار الشعبية لتقبل إصلاحات جذرية عبر قرارات مصيرية تأخرت كثيرًا؛ بسبب عدم قدرة حكام سابقين على اتخاذها. 

 

ويُشير الرئيس إلى أن تأخر تلك القرارات الإصلاحية للاقتصاد المصري على مدار عقود ماضية، أسفر عن تنامي التحديات، مع زيادة سكانية، وأزمات معيشية، وتزييف للوعي، بتحويل الدولة إلى عدو للمواطنين.

 

وعن ذلك يضرب الرئيس مثالين، الأول: ذلك العمل الدرامي الذي يُظهر موظفًا بيروقراطيًا يقول لطالبي الخدمة "فوت علينا بكرة يا سيد"، فهذا البيروقراطي مواطن لم يوجه إليه اللوم، بل للدولة، والثاني: والد أنجب أبناء عدة ولم يعتذر لهم لإنجابه عددًا لا يستطيع تلبية احتياجاته، بل وجه اللوم للدولة وجعل منها عدوًا لأبنائه.

 

تزييف الوعي والتحريض ضد الدولة، ليس وليد لحظة راهنة، بل عمل مُمنهج عكفت تيارات الإسلام السياسي على تغذيته منذ الخمسينيات، بنشر روح اليأس وادعاء المظلومية.

 

ومع أحداث 2011، 2013، باتت الفرصة سانحة لصعود الإسلام السياسي لسدة الحكم، ومع الفشل في القيادة، أعاد إنتاج خطاب المظلومية، وبدلًا من الاعتراف بالفشل جعل معارضيه أعداء للدين.

 

وهنا يُشير الرئيس إلى اعتماد مدعي الحديث باسم الدين، على الدعاية الكاذبة والشائعات، ومع الدعوة لمصالحات إلا أن الثابت تاريخيًا يؤكد أنهم لا يتراجعون عن منهجيتهم العدائية والتكفيرية لمخالفيهم.

 

وفي ظل تلك التحديات المصيرية، محلية ودولية، انتهج الرئيس استراتيجية العمل المتوازي، لتعزيز البقاء والبناء، بقاء الدولة وإصلاح مشروعاتها ومدنها القديمة، وإنشاء مجتمعات عمرانية حديثة بلغت 40 مدينة ذكية.

 

وفي سياق كلمته تطرق الرئيس للشائعات العدائية، والحرب النفسية، فحول المدن الجديدة وما يثار حولها، أكد الرئيس أنها أضافت لأصول مصر نحو 10 مليارات جنيه على الأقل، ولم تستهلك جنيهًا واحدًا من ميزانية الدولة، فقد تحوّلت الصحراء إلى مدن ذات قيمة اقتصادية.

 

وعن الإنفاق على البنية التحتية من طرق وكباري وغيرها، أكد الرئيس أنها في المقام الأول لتخفيف معاناة المواطنين وتيسير حركتهم وتنقلاتهم على مساحة المعمور المصري، البالغة 70 ألف كيلو متر مربع، والمستهدف زيادتها إلى 120 ألف كيلو متر مربع.

 

هناك بالفعل مشكلات في قطاعي الصحة والتعليم، لكن المؤكد أن هناك إصلاحات تدريجية، فعدد الأسرة في المستشفيات- يقول الرئيس- 50% من المعدل العالمي قياسًا على عدد السكان، واحتياجنا من الفصول الدراسية الإضافية سنويًا 60 ألف فصل، وتوفر منها الدولة 21 ألفًا، في ظل إمكاناتها الحالية.

 

تحدث الرئيس عن فلسفة الحكم وفقه الدولة، من خلال تحقيق أفضل معدلات إنجاز في ظل المتاح والتحديات، مراهنًا على وعي الجماهير، في لحظات تتعالى فيها موجات التحريض، والتآمر على الوطن للنيل من استقراره.

 

فإذا كان السياق التاريخي، ضاعف من تحديات الدولة فشعر أبناؤها بهذه المعاناة، فإن من الخطر الانسياق خلف محاولات زعزعة الاستقرار، فالنتيجة الحتمية لأي توترات تضاعف التحديات ومزيد من المعاناة.

 

لذلك فإن الحوار الوطني، والحوار الاقتصادي، بحثًا عن خارطة أولويات وطنية وحلول توافقية لمشكلات كل القطاعات هو السبيل الأمثل، مع مراجعة بعض السياسات، لإعطاء مزيد من الأولوية لملفات الصحة كونها خدمات يحتاجها مئات الآلاف من المواطنين يوميًا، فيسبب سوء الخدمة بالمستشفيات العامة حالة من السخط.

 

الملف الثاني، البطالة وخلق فرص عمل للشباب، ومع توقف التوظيف بالقطاع الحكومي وضعف الأجور في القطاع الخاص، فإن الحل الأمثل في خلق بيئة مواتية لنمو الاستثمار في المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتدريب وتأهيل الشباب على الإدارة العلمية وريادة الأعمال وتوفير دراسات الجدوى والتمويل والإشراف على مشروعاتهم لبناء جيل شاب من المستثمرين.

 

تحيا مصر عظيمة عزيزة أبية آمنة مستقرة  

 

[email protected]

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز