سلام على خير الورى

وَأَحسَنُ مِنكَ لَم تَرَ قَطُّ عَيني... وَأَجمَلُ مِنكَ لَم تَلِدِ النِساءُ خُلِقتَ مُبَرَّءًا مِن كُلِّ عَيبٍ... كَأَنَّكَ قَد خُلِقتَ كَما تَشاءُ

ما زلنا نستنشق الروائح الزكية من طلعة الربيع البهية، ربيع الأنوار المحمدية، تفوح الأرض مسكا من طيبة بالحجاز، وتعبق السماء عطرا من ثرى خير الأنام.

هذا النبي المصطفى ﷺ ذكاه الله- سبحانه وتعالى- في خلقه وخلقه، وشهد مشركو مكة- قبل الرسالة- وبعدها بالخلق الحميد ويكفيه شهادة خالقه- عز وجل- "وإنك لعلى خلق عظيم".

وقد عظمه الخالق، سبحانه وتعالى، في خلقه، فكان قرآنا يمشي على الأرض كما ذكرت أم المؤمنين عائشة زوج النبي، ودعانا للأخلاق الحميدة، فقال أكثر من يدخل الناس الجنة حسن الخلق، كما أن أحسنهم أخلاقا أقربهم منزلة من نبيهم.

وفاق أيضاً في الخلق فكان أبهى من القمر، وما أجمل وصف أم معبد الخزاعية حين مر عليها النبي وصحبه يستسقي منها الماء واللبن.

فقالت، وهي تصفه لزوجها: رأيت رجلا ظاهر الوضاءة، أبلج الوجه، حسن الخلق، لم تعبه ثُجْلة، ولم تزر به صلعة، وسيم قسيم، في عينيه دعج، وفي أشفاره وَطَف، وفي صوته صحل، وفي عنقه سطع، أحور، أكحل، أزج، أقرن، شديد سواد الشعر، إذا صمت علاه الوقار، وإن تكلم علاه البهاء، أجل الناس وأبهاهم من بعيد، وأحسنهم وأحلاهم من قريب، حلو المنطق، فضل، لا نزر، ولا هذر، كأن منطقه خرزات نُظمن يتحدرن، رِبعة، لا تقحمه عين من قصر، ولا تشنؤه من طول، غُصن بين غصنين، فهو أنظر الثلاثة منظراً وأحسنهم قدرا، وله رفقاء يحفون به، إذا قال استمعوا لقوله، وإذا أمر تبادروا إلى أمره، محفود محشود، لا عابس ولا مفند ﷺ.

شرفت وزكيت وعلوت منزلة يا سيدي يا رسول الله في الدنيا والآخرة، فلا صلاة لمن لم يصلّ عليك، وضم الإله اسم النبي لاسمه إذ قال في الخمس المؤذن أشهد.

وارتقيت في سماء الدنيا حتى بلغت سدرة المنتهى عندها جنة المأوى، وبلغت منزلة عظيمة فكنت قاب قوسين أو أدنى، وجاءته كل المعجزات فشق له القمر، ونبع الماء بين يديه، وحن الجزع وبكى، وجاء الجمل واشتكى، وجاءته الغزالة، ونصر الله بالرعب مسيرة شهر، وانخلع له الشجر وكلمته الشاة المسمومة، وظله الغمام وأيد بالمعجزة الخالدة الباقية القرآن الكريم.

وتعجز العربية بقوافيها وشعرها ونثرها في أن تبلغ كلماتها لوصف جمال النبي في خلقه وخلقه والوصول الى قدر فلا يعلم قدره إلا ربه، والجدير بالذكر أن علماء الدين اختلفوا في يوم مولده الشريف ﷺ في يوم 12 من بيع الأول إلا أن هذا التاريخ هو يوم انتقاله ﷺ إلى الرفيق الأعلى.

وأختم بقولي عذرا رسول الله ان قصرت في وصف جمالكم فإنه لا يوصفا.

وهذه الكلمات أكتبها في ربيع القلوب، أبغي بها وجه نبينا ﷺ، وحاشاه أن يحرم الراجي مكارمه او يرجع الجار منه غير محترم . صلّ الله عليه وسلم