عاجل
الثلاثاء 20 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي

"اللصيمة" أكلة شعبية ومن التراث السيناوي

يتميز المجتمع السيناوي بمحافظته على عاداته وتقاليده الموغلة في القدم، وقد أدت الطبيعة الصحراوية والتربة السيناوية المتميزة إلى التأثير في هذه العادات والتقاليد، فانسحبت على عاداته الغذائية وطعامه، فكان طعامه وأدواته بسيطة مشابهة لبساطة الطبيعة المحيطة من حوله، مما حدا به لاختصار هذه الأدوات إلى أبسط صورها حتى لا يتكلف جهدًا أو مشقة في الحل والترحال.



ويؤكد عبدالعزيز الغالي عضو اتحاد كتاب مصر ومؤلف كتاب: "مطبخ سيناء" وأمين عام المتحف السيناوي، أن أكلة "اللصيمة"، تعتبر واحدة من مكونات هذا التراث مثلها في ذلك مثل أكلات شعبية عديدة اشتهرت بها سيناء مثل: "الجريشة – الرقاقة -حرقة الأصبع – الطشطاشة – المنسف – المقلوبة – السمان – الصيادية -البيض المقعد –وأخيرًا، شهقة العجوزة".

ويضيف: لقد أضحى التراث السيناوي ومن ضمنه أكلة اللصيمة أحد ابتكارات الفرد السيناوي، تلبية لحاجات المجتمع ومستغلا لمنتجات الطبيعة من البيئة البرية الخاصة والمحيطة به، وبما يتناسب مع احتياجاته الشخصية والمعيشية.

 

ولأن العادات الغذائية، هي وليدة أي مكان فكانت مواده ومنتجاته أصلية ونابعة من الطبيعة المتفردة للتربة والمناخ، الذي تتمتع به شبه جزيرة سيناء، ما جعل تفردها هذا تميزا لها عن باقي محافظات الوادي، واذا ما وجد ما يشابه منتجاتها من حيث الاسم أو الشكل، إلا أنه لا يتساوى معها من حيث الجودة والطعم وحلاوة المذاق مثال: "الخوخ – الكانتلوب – التين – المشمش – البطيخ - الأعشاب العطرية -النباتات الطبية'، وكلها "بعلية" أي مروية على مياه الأمطار ، وتفردها بإنتاج زيت الزيتون البكر والفاخر الغني بمكوناته الغذائية العالية، والذي يعتبر مكونا رئيسيا للصيمة.

 

ويشكل الطعام السيناوي ببساطته وطريقة طهيه على الحطب المأخوذ من الأشجار المتواجدة بالطبيعة ميراثا عريقا وعظيما، فهو جزء من ثقافة وحياة سكان شبة الجزيرة، حيث يصل الماضي بالحاضر.

واللصيمة من أشهر أطباق وأكلات سيناء وألذها وأحبها وأقربها إلى قلوب أبنائها، بدوا وحضرا يتنسمون فيها عبق الماضي والزمن الجميل، وإن كانت مكوناتها لا تعدو أن تكون من المشهيات حين تصنع كسلاطة ولكنها تصبح طبقا رئيسيا حين يضاف إليها فت "قرص الملة"، والذي يدفن في رمضاء النار فيتطهر وينضج ومكتسبا طعما ومذاقا لا يقاوم، وأضحى لها موسما يتزامن مع بواكير وبشاير البطيخ، متمثلة في صغار ثمار البطيخ قبل النضج مما يسمى "العجر"، ويلذ تناولها بليالي الصيف المقمرة.

 

وهي أكلة جماعية لا تتم ولا يستطاب طعمها إلا بوجود صحبة أو جماعة تتعاون على انضاجها وتسويتها وصنعها، فهي عمل جماعي، ومازال أهل سيناء يحافظون على تقاليدها وطقوسها ويأكلونها في رحلاتهم الخلوية بالبر أو على شاطئ البحر أو في المزارع أو في أفنية المنازل.

 

والتراث يحكي أنها كانت تقدم في وعاء كبير يسمى "لقن" مصنوع من الفخار الذي تصنع منه الطواجن "البرام"، و"اللقن" كلمة طاشقندية نسبة إلى طشقند إحدى مقاطعات الاتحاد السوفيتي، والتي وردت الينا عن طريق الأتراك، وهو صحي أكثر بكثير من الأوانى المعدنية الحديثة المليئة بالعيوب الصحية من أول الألومنيوم وانتهاء بالتيفال، بل ان الفخار يضفي عليها مذاقا مميزا، وتقدم في وعاء أصغر يسمى "الهنابة"، كما أنها تقدم في "باطية" من الخشب الجيد مما يصنع منه الجرن العرايشى الشهير، وهي أدوات مناسبة جدا للبيئة الصحراوية، فإلى جانب حفاظها على الطعم المميز لما يوضع بداخلها من طعام فهي ملائمة تماما مع ظروف المناخ والطقس وتتناسب مع ارتفاع وانخفاض درجة الحرارة وتتسق مع تكيف الطعام مع البناء الفسيولجى والبيولوجي لجسد الإنسان، مما يدفعه للتكيف مع البيئة المحيطة.

 

أما مكونات اللصيمة الغذائية البسيطة والصحية والغنية بفوائدها تجعلها تتربع على قمة الأطعمة النباتية المتميزة من أول فوائد "العجر" المشوى و"البندورة" و"الفلفل" العرايشي الحار و"الثوم" و"الجرادة" و"البصل"، الذي يضاف إليها أو يقدم بجانبها.

 

ويعود شموخها إلى وجود زيت زيتون سيناء المقدس بها، الذي يعطيها مذاقا متميزا بطعم عسلي فلا يضاهيه مذاق آخر، فهو إلى جانب مكانته الدينية المحترمة، فهو صحي يتفوق على باقي زيوت الزيتون الأخرى المنتجة في العالم بـ36 عنصرا لا تتواجد إلا في زيت زيتون سيناء، وكل مكونات "اللصيمة" النباتية وخلوها من اللحوم جعلها تتسق مع الغذاء المتوسطي ووقوعها على ساحله، مما يؤهلها للانضمام بفخر لعضوية نادي البحر الأبيض المتوسط العالمي، والذي يجعلها مثالية ومتوافقة مع شروط النادي الذي تتميز أطعمته بخلوها من "الكوليسترول" صحية لغناها بالألياف والخضروات الطازجة، والتي تساعد على المحافظة على الرشاقة ولا تتسبب في السمنة.

 

فالعجر المشوي "البطيخ البغو"، المكون الأساسي للصيمة فوائده لا تعد ولا تحصى، فهو يغسل المثانة ومدر للبول وينظف البطن ويكثر ماء الظهر ويعين على الجماع وينقى البشرة، وهو ملين خفيف يساعد في حالات الإمساك ومدر للبول وعلاج لضغط الدم المرتفع، وهو كذلك من الأغذية المفضلة لمرضى قرحة المعدة والذين يعانون من الحموضة ويقوى الدم ويفتت حصى الكلى ويخفف الأمراض الجلدية.

 

ثم المكون الثاني وهو البندورة، "الطماطم" ذات الأصل المكسيكي، والتي نقلها للعالم بعد ذلك المكتشفون الإسبان، وتعتبر من أهم الخضروات على أي مائدة، فهى غنية بفيتامينات "ب" و"ج" و"أ" و"د"، علاوة على احتوائها على كمية لابأس بها من العناصر الغذائية الأخرى كالبروتينات والكربيوهيدرات والأملاح المعدنية والمواد الدهنية والملونة التي تمنع الأكسدة ، وتكفي ثمرة واحدة منها لتمد الفرد بحوإلى ثلث حاجته اليومبة من فيتامين "ج"، وتوصف لالتهابات المفاصل والتعفنات المعوية ومكافحة الامساك وخروج الفضلات ، وعصيرها سهل الامتصاص ويدخل في الدورة الدموية حاملا معه أهم العناصر اللازمة لبناء الجسم.

وتناول البصل إلى جانب اللصيمة يساعد مساعدة فعالة في علاج مرض السكر وارتفاع ضغط الدم وتنظيم عملية هضم الطعام ناهيك عن فوائد الثوم الجمة والتي لا تعد ولا تحصى.

 

إلى جانب فوائد الفلفل الحار الفاتح للشهية والملئ بفيتامين "أ" و "ب" و"س" وغنى بالكالسيوم والفسفور والحديد، وهو يحافظ على صحة القلب ومليء بالبيتاكاروتين ويعمل كمضاد للأكسدة ومطهر ومساعد على الهضم ويساعد على التعرق "إفراز العرق"، ويجعل ضخ الدم فعالا ويساعد على تنظيف الدهون من الشرايين ويحسن من توزيع الأكسجين في الدم والذي يقطع البلغم، ويطرد الريح ويقطع الرطوبات الفاسدة.

 

أما زيت الزيتون المكون الأساسي الذي يوضع آخر شيء على وجه اللصيمة، فهو يتربع بمنافعه العديدة ويزهو ويتباهى بمنافعه وفوائده العديدة، فهو مدر للبول وخافض لمعدل السكر ومفيد لتصلب الشرايين ومفيد للامساك ومدر للصفراء وخافض للحرارة وملين للمعدة ومفيد في التخلص من السموم المختلفة، وطارد للديدان ويقلل حدوث مرض تصلب شرايين القلب التاجية، ويقي من سرطانات الرحم والمبايض ويقلل من حدوث سرطان المعدة.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز