عاجل
الأربعاء 12 مارس 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي
لا للعنف ضد تاء التأنيث

لا للعنف ضد تاء التأنيث

بقلم : د. نهلة زيدان الحوراني

 



 لا تتسع قصور رجال الأرض جميعًا لصرخة امرأة تعلم أن أحدًا لن يسمع ألمها ... ولا يمكننى أبدًا أن اسامح رجلًا استخدم حنجرته ويديه لتحويل كل الخطوط المستقيمة الصاعدة فى حياة امرأة لمنحنيات ... فكيف يستطيع هذا الرجل أن يحترم نفسه حتى يحترمه الآخرون ؟! ... وهل تصبح دول معظم رجالها على شاكلته دولًا يمكن أن يشعر أفرادها بالكرامة والعلاقة بين رجالها ونسائها علاقة القاهر بالمقهور ؟! ... وهل أنت حقًا تشعر بالقوة وهناك من يفقد قوته تحت نير ضحكة سيادتك ؟! .... الحق كل الحق أن القوة حق والقوة بدون حق تصبح سلبًا ونهبًا لحياة الآخرين ...

 

    على الرغم من أننى لا أنسجم كثيرًا مع حياة الفرنسيين إلا أننى أؤمن جدًا بالمقولة الفرنسية : (إن أردت أن تقيس حضارة أمة فانظر إلى نسائها) ... ولو حاولنا تطبيق المقولة حرفيًا لوجدنا أن أزهى عصور الأمم هى تلك التى أظهرت فيها كتبهم وصحفهم أسماء سيداتهم باحترام ممزوج بإنجازات هؤلاء النساء ... وفى الوقت الذى تتحول فيه المجتمعات لعنصرية الجنس فإن نصف طاقتها تُصرف على قمع نصف هذه المجتمعات ...
 
فأى تقدم نتوقعه من قوم لا يوجهون طاقتهم الكاملة للعمل من أجل الإنجاز ؟! ... ربما يكون فهم بعض الدول للإنجاز جزئيًا ويعتمد على خطط وضعها أفراد فى حدودهم الفردية لكن الحقيقة التى يثبتها التاريخ والحاضر هى أن الخطة القومية التى لا تتحول فى أحد أشكالها لخطة يتبناها كل فرد فى الدولة فى مجال العمل هى خطة لا تحقق الحضارة ...
 
    فى هذه اللحظة التى نتحدث فيها الآن توجد ملايين النساء فى الأرض يعالجن دوائر زرقاء فى وجهها تمثل بقايا ليلة عنيفة ... وملايين النساء يراقبن نظائرهن وهن يحملن كتب المدرسة بعيون باكية مقهورة محرومة من العلم ... وملايين النساء اللائى عرفن شكل خاتم الزواج قبل أن يعرفن معنى كلمة رجل لصغر سنهن ... وملايين النساء يعشن مع رجال رغم أنوفهن لأنهن لا يجرؤن على طلب الطلاق ولا الحصول على الخُلع بعد تأديب عنيف من آبائهن ... فكيف يُمكن أن نشعر بالفخر وهذا عالمنا ؟! ... أنا لا أتحدث عن العالم الثالث مع الأسف بل إن النساء يُعاملن بأسوأ صور المعاملة فى العالم الأول المتقدم أيضًا ... وكل ذلك على الرغم من القوانين الصارمة ... هذا العالم لا يُمكن لأحد أن يفخر به ...
 
    أصبحت مع الوقت أتوقف كثيرًا قبل توجيه رد فعل سلبى لنساء يحاولن أخذ حقهن بأيديهن ... كتلك المطربة العالمية المشهورة - الجميلة رغم تجاوزها الستين – التى اتهمها زوجها فى دعوى طلب التطليق أنها ضربته ضربًا مبرحًا ... وتلك الفنانة المشهورة التى تجاوز عدد أزواجها العشرة أزواج مدعية أنهم يطلبون ما يتجاوز التفاهم الروحى قبل التفاهم الروحى ... أو تلك السياسية المشهورة التى كان زوجها يدّعى أنها تركت له مسؤولية أطفالهما وقضت على طموحه لأنها (مفترية) ... ربما يتصور البعض أننى متحيزة لكن الحقيقة تفرض عليك أن ترى الصور فى إطارها الأعم الأكبر ... كيف يمكن أن تحصل هؤلاء النساء على حقوقهن أو حتى مجرد رفع الظلم عن أنفسهن دون اللجوء لردود فعل غير معتادة ؟! ... أليس القهر هو المعتاد ؟! ... ونكتشف فى نهاية كل القصص أن المرأة لا تحتاج كى تمتلك حقها إلا أن تمارس هذا الحق مجموعات كبيرة من النساء كموجات من التغيير الجماعى ... يُدهشنى حقًا أن هناك من يستأذن قبل أن يمارس حقه ... فلا إذن قبل ممارسة حقك إذ يصبح منعك من ممارسته أمرًا شاذًا لا يمكن السماح به ... فالمرأة هى المشكلة وهى الحل معًا فى كثير من الأحيان ...
 
    اليوم ونحن نشهد فعاليات اليوم العالمى لمكافحة العنف ضد المرأة – الذى مر على العالم أمس الأول - أرفض تمييز المرأة فى أى شئ سواء بالسلب أو الإيجاب ... أريد أن أشعر بهؤلاء النساء يستمتعن بذات القدر من نور الشمس داخل عقولهن الذى يستمتع به الرجال دون أن أرى كفوفًا خشنًا تحاول قمع النور بظلها ... وأطالب بأن تكون كل التشريعات والقوانين إنسانية بحتة لا تميز إطلاقًا بين إنسان وآخر لكونه خاضعًا للجمع المذكر السالم أو مستخدمًا لتاء التأنيث ... ويجب أن تعاقب هذه التشريعات والقوانين كل منتهك لهذه الحقوق دون هوادة ...

 

 الأمر يبدأ من أمام عينيكِ وبين يديكِ عزيزتى ... فلا تبكِ وانطلقى فى طريق أنتِ مالكه الوحيد دون أن تستأذنى فى دخول أملاكك ... وقوليها بكل قوة دون أى تحرُّج : (عفوًا ... أنا لا أصطحب تاء التأنيث فى كل مشاويرى) ...

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز