عاجل
الأحد 12 يناير 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي
الطفل «بيشوى» والبابا «وجيه»

الطفل «بيشوى» والبابا «وجيه»

بقلم : أسامة سلامة



قرأ الأنبا باخوميوس أسماء الأطفال الـ 12 الذين سيتم اختيار واحد منهم لسحب قرعة البابا الجديد، ساعتها أدركت كم تغيرت مصر خلال الفترة الماضية كانت الأسماء «جورج، مكاريوس، مينا «مرتين»، كيرلس «مرتين» جوزيف، بيشوى «مرتين» فلوبايتر ديفيد» أسماء قديسين نعتز بهم ونوقرهم ولكنها  توضح ما حدث للمجتمع من فرقة وانقسام، عندما أسمى المسلمون أبناءهم مصعب وعاصم والزبير وزياد وقتيبة وغيرها من الأسماء ذات الدلالة الإسلامية، كان رد الفعل القبطى إطلاق أسماء القدسيين على أبنائهم.

ما يؤلم أن الأجيال السابقة على هؤلاء الأطفال لم تعرف هذه القسمة، وكانت المفارقة الكاشفة أن الطفل الذى سحب الورقة اسمه «بيشوى» بينما كان الاسم العلمانى للبابا  تواضروس قبل رهبنته «وجيه صبحى»  اسم يمكن أن يحمله مسلم أو مسيحى.

 

هذا هو الفارق بين مواليد 1952 - تاريخ ميلاد الأنبا تواضروس - وبين الطفل بيشوى الذى يتجاوز السادسة بقليل.

كان المواطنون فى مصر حتى منتصف السبعينيات يحمل معظهم أسماء ليس لها دلالات دينية مثل وائل وعادل وطارق وعماد وباسم وغيرها من الأسماء التى يحملها المسلم والمسيحى والفتيات هويدا ونجوى وسهام وعبير لم تكن هناك قسمة فى الأسماء حتى أن قيادات الجماعات الإسلامية والجهادية كانت أسماؤهم لا تعبر عن الهوية الإسلامية كان هناك ناجح وطارق وصفوت وياسر وأسامة وأيمن وحازم.

بعد ذلك تغير المجتمع وأصبح حريصا على كشف انتمائه الدينى حتى فى المشاريع التجارية أطقلت أسماء دار الأرقم والنور والإيمان  والتوحيد والهدى فى مقابل مارجرجس ونور العذراء وفلوباتير وأم النور ودميانة.. كان الجميع يصر على أن المجتمع أصبح اثنين فى الشكل والاسم.. الصليب فى مواجهة الهلال.. والترانيم فى مواجهة الترتيل والأيقونات أمام براويز الآيات القرآنية.

برزت هذه الاتجاهات فى السبعينيات مع صعود التيارات الإسلامية.. كانت البداية فى الجامعات ويتندر كثير من الأقباط بواقعة ربما حدثت فى إحدى كليات الطب ولكنها تروى باعتبارها وقعت فى كل كلية أحد الأساتذة فى امتحان الشفوى سأل طالبا عن اسمه فلم يتبين فى الاسم حتى الجد إن كان مسلما أم مسيحيا وعندما سأله عن اسم الجد الرابع قال «حنين» عندها ارتاح الأستاذ، وقال: «حنا» واحد أسقطه وماذا أفعل فى «حنين» ربما كانت الواقعة مختلقة أو حقيقية.. لكنها تقول أن أستاذ الجامعة يعطى الدرجات حسب الديانة.. المسلم ينجح أما المسيحى فلا يحصل على درجاته التى يستحقها حتى لا يتم تعيينه معيداً فى الجامعة.. ومع مرور الأيام بدأ المسلمون فى اختيار أسماء تكشف عن ديانة الابن وتبعهم الأقباط بنوع من رد الفعل وأصبح لدينا جيل منقسم لا يلعب الطفل إلا مع شبيهه الدينى.. يجلس المسلمون  معا ولا يجمعهم ديسك أو التختة بمسيحيين.

لاحقا فى الجامعة اختار المسيحيون شوارع يطلق عليها  Ct يجلسون فيها ويقفون معا والباقى للمسلمين ولا يجوز اختلاط بين الفريقين.. ثم تطور الأمر وجاء يوم لا يمكن للفريقين السكن معا، برج سكنى لأهل الصليب وآخر لأصحاب الهلال وعلى البوابات علامة تدل على دين السكان.

هذه القسمة تزداد فى المجتمع، فقط توقفت 18 يوما هى أيام الجنة فى التحرير منذ بداية الثورة وحتى تنحى مبارك، ولكن صعود تيارات الإسلام السياسى، أعاد الأمر مرة أخرى إلى ما كان عليه وربما أكثر.

الآن ماذا نفعل قد يكون البابا تواضروس من آخر الأجيال التى تحمل أسماء مشتركة - أقصد اسمه العلمانى-  وهو بالطبع عاصر حتى رهبنته الفترة التى لم تشهد هذا الانقسام فأرجو أن يكون له دور فى دفع الأقباط للاندماج فى المجتمع بعيداً عن أسوار الكنيسة.

أيضا الأمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ جامع الأزهر والدكتور على جمعة مفتى الجمهورية عاشا هذه الأيام الجميلة وهما يستطيعان مواجهة التيارات المتطرفة التى تحرم صداقة المسلم والمسيحى.

ولكن هل نعتمد فقط على المؤسسات الدينية لمواجهة انقسام المجتمع؟!.

أعتقد أن المجتمع المدنى مطالب بالقيام بدوره وإذا كانت التيارات المتأسلمة تحاول السيطرة على الدولة ومفاصلها فإننا نستطيع المقاومة وأن نضع خطة لمواجهة هذا الانشطار الخطير علينا أن نبدأ بالمدارس والجامعات حيث الرحلات المشتركة وفى النوادى من خلال اللعبات الرياضية التى تضم الشباب دون النظر لديانتهم بجانب الأنشطة المشتركة للجمعيات الأهلية وأيضا الأحزاب السياسية التى تتبنى الدفاع عن الدولة المدنية مع ضرورة وضع قانون لتجريم التمييز على أساس الدين أو الجنس أو الوضع الاجتماعى وعندما يشعر كل مصرى بالمواطنة الحقيقية وأن الحقوق والوجبات واحدة،وقتها ستعود الأسماء التى لا تعرف القسمة.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز