
حالة حب
بقلم : د. داليا مجدى عبدالغنى
كثيـر من البشر يخلط بين حب الإنسان أو الحبيب ، وحب حالة الحب ، فالحالة الأولى هي حب شخص بذاته ، بعيوبه ومميزاته ، بنجاحاته وإخفاقاته ، بسلبياته وإيجابياته ، أما الحالة الثانية فهي الرغبة في التعايش في حالة الحب ، أي أننا نريد أن نستمتع بالرومانسية والقدرة على العطاء ، بغض النظر عن شخصية من نحب ، وللأسف ، الحالة الثانية هي التي تجعل الإنسان في حيرة من أمره ؛ لأن بينها وبين الحالة الأولى شعرة رفيعة لا يُدركها إلا أصحاب الخبرة والتجارب .
فحالة الحب تكاد تكون أصعب من الحب الحقيقي ؛ لأنها حالة غامضة تجعل صاحبها معتقدًا أنه يحب حبًا حقيقيًا ، في حين أنه في الواقع يحب الدائرة التي رسمها لنفسه ، باختصار فهي تسمى "وهم الحب" ، فهو تخيل أنه يحب ، في حين أنه نسج قصة من خياله ، ووضع تفاصيلها ، وعاش وتعايش معها ، ولكنه في لحظة الإفاقة يكتشف أنه لم يحب الطرف الآخر على الإطلاق ، ولكنه أحب الحالة التي كان يعيشها كل لحظة تحت مسمى الحب .
وأظن أنها أصعب وأشد وطأة من الحب ذاته ، فأصعب الأمور أن تتخيل شيئًا لدرجة الإيمان والتصديق مثل من يكذب ويصدق كذبته ، فهنا يُصَاب هذا الشخص بحالة صراع شديد بين عقله وقلبه ، بين صدمته في الوهم الذي ظن أنه حقيقة ، وبين رغبته في العودة إلى الحالة التي أحبها واعتادها وعاش حلمه فيها ، وتمنى أن تستمر ، ولكن هيهات أن تستمر الأوهام .
فالوهم له نهاية ، ولابد أن تأتي لحظة الإفاقة التي يثور فيها الواقع على الوهم ، وتفرض الحقيقة نفسها ؛ لأنها هي الأصل ، ومن يظن أن الوهم أو السراب سيظل، فهو واهم ، فليتنا نفصل بين حالة الحب والحب الحقيقي ، فكلاهما حب ، ولكن الأولى وهم والأخرى حقيقة ، ولابد في النهاية أن تنتصر الحقيقة على الوهم.