عاجل
الأحد 22 ديسمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي
تناسخ الأرواح

تناسخ الأرواح

بقلم : د. فتحي شمس الدين

   هل شعرت يوما عند مرورك بأحد الأماكن أنك زرت هذا المكان من قبل؟, هل أحسست يوما بحنين إلى أحد الأشخاص لم تتلقيه يوما في حياتك, لكنه ظل قابع في مخيلتك طول عمرك وتشعر أنك تبحث عنه؟, هل أحسست يوما أنك تبحث عن هدف أو غاية أو تسعي لتحقيق أمر ما وتشعر بأن هناك شيء داخلي يدفعك لتحقيق ذلك الأمر دون أن تعرف ما هو؟ هل تملكك حلم ما وشعرت أنك يجب أن تصل إلية وتقتنصه مها كان صعبا؟ بالطبع أغلبنا أحس بمثل تلك الأمور, لكن هل هذا هو تناسخ الأرواح !!؟؟ ... هل كنت أنت ذلك الشخص الذي كان في منصب عظيم في زمن مضى, أم أنك التقيت شخص ما وأحببته بكل جوارحك في وقت مضى, وهاأنت في عالم جديد بروحك ذاتها لكن مع جسد جديد في واقع مختلف ؟



فكرة تناسخ الأرواح هي فكره فلسفيه تدور حول عودة الروح إلى جسد أخر بعد أن تفارق الجسد الذي عاشت داخلة, فتتجسد في جسد أخر, والاعتقاد بالتناسخ وتكرير الخبرة الدنيوية جاء في بعض المعتقدات القديمة مثل الهندوسية والبوذية, وظهرت في بعض الأوقات في مصر القديمة وأثينا.


 وفي الوقت المعاصر أشارت بعض التحقيقات الصحفية إلى موضوع تناسخ الأرواح حيث ظهرت العديد من الشخصيات التي تؤكد أنها عاشت في وقت مضى وجاءت مرة أخرى لتستكمل ما بدأته في الماضي والمثال الأشهر على ذلك أن نابليون بونابرت كان دائما يشعر أن روح الإسكندر الأكبر هي التي تتملكه لاستكمال ما بدأه من غزوات كبرى حول العالم, وكذلك قصة ذالك الفتي العشريني الذي زعم أنه كان في الحرب العالمية الأولى, وقتل أثناء المعركة وكان يرغب بشده في أن يؤسس عائلة قبل أن يموت فعادت روحة مره أخرى لتحقيق ذلك الهدف. والغريب أن ذلك الشاب وصف بدقه تفاصيل معارك وأسماء أشخاص لا يمكن معرفتها إلا لمن عايشها, بل واخبر عن مكان لمعركة لم يعلم بها أحد حيث لم يتم تحديد مكانها من قبل.


 وفكرة التناسخ تعني عودة الروح بعد الموت إلى جسد آخر جديد. فإذا عادت أرواح البشر في أجسام بشرية مماثلة سمي ذلك بالنسخ وهو إشارة إلى انتقال الإنسان إلى نسخة مماثلة لما كان عليه. وإذا زادت سيئات الإنسان على حسناته فان روحه تحل في جسم حيوان والذي يناسبه في أوصافه ويستحقه بأعماله، وهذا هو المسخ لأن الإنسان مسخت صورته عقاباً له على ما اجتراح من خطايا بشكل حيوان. وإذا زادت خطاياه ولم يزدجر من المسخ فإن روحه تنحدر إلى النبات ويسمى هذا بالفسخ لأنها انفسخت عن عالم الإنسان والحيوان. وإذا تمادى أكثر في غيه وجهله فإنها تحط إلى عالم الجماد فترسخ فيه سجينة وهذا هو الرسخ .


     وظهور وانتشار الحديث عن تناسخ الأرواح هو أمر يرفضه الدين الإسلامي, لأن الروح ومكنوناتها لا يعلمها إلا الله وهو ما بينه لنا قوله تعالي "‏وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً" (سورة الإسراء – أيه 85), ونجد أن الهدف الغربي لنشر مثل هذه الأفكار في المجتمع خاصة بين الشباب يهدف لخلق جو من الشك والارتياب وإنكار البعث والثواب والعقاب والحياة الآخرة .


 ولكن ما تفسير شعور الإنسان أنه قد عاش بعض اللحظات السابقة, وإحساسه بالألفة عند مروره بمكان معين أو بالحميمة عن رؤيته شخص معين؟أو حتر رغبته في تحقيق هدف معين؟ قام العلم بتفسير ذلك بأنها ظاهرة تسمي” ديجا فو" Déjà vu وهي كلمة فرنسية تعني شوهد من قبل، وهي ظاهرة تحدث لكثير من الناس بأن يشعروا أنهم عاشوا الأحداث من قبل وأنها لا تحدث للمرّة الأولي, ويقول الباحثين عن الديجو فو: بأنّ العقل اللاشعوري أو الباطن, يسجّل معلومات في فترة قريبة مع العقل الواعي؛ لذا يتوهّم الشخص أنه رأي مكان معين أو شخص معين أو حدث معين من قبل, وعلي الرغم من أن ذلك الأمر حدث في ثواني معدودة,  إلا أن عقله الباطن يوهمه أن ذلك الأمر حدث منذ فترة بعيدة رغم أنه لم يحدث في الحقيقة, وينسُبْ عدّة محلّلون نفسانيّون ظاهرة "الديجو فو" إلى الخيال البسيط لدى الإنسان، وبعض الأطباء يعزون ذلك إلى خلل لحظي في الدماغ لمدّة ثواني قليلة؛ وهناك ظاهرة أخري عكس الديجو فو تسمي (Jamais Vu) حيثُ يكون الإنسان في مكان مألوف ودائم له، ثمّ يشعر فجأة بأنّ ما يحيطه غريب كُليّا عليةً. وهو ما تم تفسيره بتأخر وصول الدم من الفص الصدغي الأيمن إلى الأيسر بعد أن يكون المشهد أصبح ذكرى بالنسبة للفص الأيسر  فيشعر الإنسان بالغربة عما حوله, وهي التفاسير العلمية التي تدحض فكرة تناسخ الأرواح فروح الإنسان لا تحل في إنسان آخر أو حيوان أو نبات أو جماد, فلقد خلقنا الله وأحسن صورنا فيقول الله عز وجل "خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (سورة التغابن – أية 3) فلا تقمّص أو تناسخ أو تماسخ أو تفاسخ أو تراسخ, كما يدعي البعض بل حياه واحده يحياها الفرد, ثم ينتقل إلي عالم البرزخ, ومنه إلي الجنة أو النار.

 

 مدرس الإذاعه والتليفزيون بجامعة بنها

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز