عاجل
الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي
تقزيم مصر.. اللعبة المستحيلة

تقزيم مصر.. اللعبة المستحيلة

بقلم : منير عامر

لم يكن إسقاط طائرة مصر للطيران سوى محاولة فاشلة أخرى تضاف إلى المحاولات الأخرى الفاشلة أيضا، وكلها محاولات لتقزيم مصر.



فإذا كانت الدنيا قد استيقظت صباح أحد الأيام لتجد زلزالا بشريا يرتج له عرش ركود عصر مبارك فى الخامس والعشرين من يناير 2011، وإذا ما دارت المحاولات المحمومة لسرقة نتائج الزلزال، مرة بالزج بتلك الوجوه التى تم تدريبها فى معاهد المخابرات الغربية، ومرة أخرى بالتوافق مع تيارات المتأسلمين، وكانت النتيجة المخادعة هى صعود المتأسلمين إلى مقاعد الحكم، لتبدأ رحلة تنكيل بالتاريخ المصرى الحديث، مثلما حدث فى استعراض المتأسلمين لجمهورهم فى ستاد القاهرة يوم السادس من أكتوبر، وجرت محاولات لايهدأ لها بال لتبديل الأفكار الأساسية التى يفرضها الوعى بالتاريخ والجغرافيا، جرت محاولات للزج بمصر فى تلافيف تبديد النضال الفلسطينى بقبول صفقة مريبة لتأسيس كيان متأسلم على حدود مصر يدعى إمارة غزة الإسلامية، ولم تنجح المحاولة رغم خطف بعض رجال الأمن المصريين الذين نصح المخلوع محمد مرسى زوجة أحدهم بأن تسرع بالزواج مادام الزوج مفقودا«!». ولم يسمح المصريون بمظاهرة يندر وجود مثيل لها فى النبالة حول قصر الاتحادية رفضا لإعلان دستورى انتهك به محمد مرسى كل ما ناضل المصريون من أجله، وليتقلب الحال بعدها إلى مجزرة يتم تعذيب وقتل رموز ممن رفضوا ذلك الإعلان. وبالوقاحة الزائدة عن الحد، حاولوا سرقة دم شهيد قتلوه هو الحسينى أبو ضيف وحاولوا إشاعة أنه واحد منهم، ولكن الحس الشعبى والمتابعة الدقيقة رفضت هذا التزوير العلنى للوقائع، ولم تمر سوى شهور ليتحرك المصريون فى مشهد لا ينساه أحد لا لأنه مشهد محفوظ فى سجلات الأقمار الصناعية فقط، ولكن لأن كل منا دفع فيه بعضا من أعصابه ووقته، وشهدنا جميعا مشهد سقوط مرسى والمتأسلمين من عرش مصر لتبدأ من بعدها محاولة زعزعة الوضع الأمنى بسيناء عبر المتسللين القادمين من غزة. ولتمر مصر باختيار رجل يمثل امتدادا علميا لمسلسل القادة العظام وهو عبدالفتاح السيسى ليكون رئيسا لمصر بعد إعداد دستور، ثم بعد أن جاء السيسى رئيسا جاء البرلمان الجديد الذى مهما قيل فى « قصور حنكة أعضائه إلا أنها انتخابات لم يشهد التاريخ المصرى نزاهة مثلها.

ولكى تفيق مصر لمواجهة تلال المشكلات المزمنة التى تركها عصر الركود الذى لا نظير له، وكان ركودا مصحوبا بنهب أرعن متوحش لما أنجزه المصريون عبر سنوات يوليو بقيادة جمال عبد الناصر، ولكى تفيق مصر لتلك الرحلة الصعبة كان عليها أن تخرج من حصار فرضته عليها «أراجوزات الديمقراطية الغربية» تلك الأراجوزات التى قبلت تقسيم العراق بين الطوائف عبر برلمان يكون مرتب النائب فيه أعلى من مرتب رئيس الولايات المتحدة، ومادام النواب يرتشون ويقتسمون كعكة العراق عبر الطوائف فلماذا لا تكون مصر مثل العراق؟. ولأن مصر رفضت ذلك جرى حصارها بدعوى أن ما حدث فى الثلاثين من يونيو والثالث من يوليو هو انقلاب عسكرى، ولأن عرش السلطان أردوغان قد انكسرت سيقانه فى مصر المحروسة لذلك مضى يصرخ مستنجدا بأتباعه من المتأسلمين، لكن قيادة السيسى التى آمنت بقدرات المصريين بدأت رحلة البناء، ومع رحلة البناء جرى الحصار على جميع المستويات، سواء عبر الإتحاد الأوروبى أو بخفايا انكسار الحلم بعودة مصر إلى حظيرة الولاء الأعمى للولايات المتحدة، ولم تنجح محاولات الحصار، فجاءت كراهية النفس لدى المتأسلمين بتفجير الطائرة الروسية فى سيناء، وتبعتها محاولات مشتتة لتشويه سمعة هذا البلد عبر تنشيط جماعات أراجوزات الديمقراطية، وأخيرا جاء إسقاط الطائرة المصرية القادمة من باريس.

والغريب أن تلك المحاولة لم تنجح مثلما سبقها من محاولات، وطبعا الصراع يدور حول تطبيق المقولة التى نطق بها ويليم سايمون وزير الخزانة الأمريكى للخزائن العربية عام 1974، «يمكنكم مساعدة مصر فى حدود أن يبقى أنفها فوق الماء لتتنفس، أما فمها فعليه أن يبقى تحت الماء فلا نسمع لها صوتا»، ولأن العرب انتبهوا إلى ما جرى فى العراق، ثم فى سوريا ثم فى ليبيا، لذلك لملمت الأمة العربية قوتها لتتساند ولتسند عمود خيمتها وهو مصر بجيشها، لذلك لم يعد صالحا ذلك اللعب الساذج لعزل مصر، فهى عصية على العزل.

ولن تعود مصر قزمة كما كانت على أيام مبارك.

والسطور السابقة هى لزوم التنويه فقط لا غير.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز