الثلاثاء 8 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي
لم ينجح أحد

لم ينجح أحد

بقلم : أسامة سلامة
هل تريد الحكومة والأحزاب إجراء الانتخابات البرلمانية فعلاً؟ طريقة إجراء الحوار المجتمعى حول قانون الانتخابات تقول لا، وإنه لم ينجح أحد فى اختبار الديمقراطية، الحكومة دعت كل من هبّ ودبّ من الأحزاب، بعضها عبارة عن يافطة على مقر فى شقة صغيرة وعدد من الأعضاء لا يتجاوز أصابع اليدين، معظمهم أقارب وأصدقاء، والسبب الظاهر من دعوة هؤلاء هو الديمقراطية والاستماع إلى كل وجهات النظر، ولكن الواقع كان ينبئ أن هذه الأحزاب ستشعل الخلافات بحثًا عن موطأ قدم فى البرلمان وجزء ضئيل من الكعكة، وفى المقابل فإن الأحزاب الكبيرة أو التى  من المفترض أنها معروفة تريد قانون تفصيل وعلى المقاس، بحثًا عن أكبر قدر من المكاسب الخاصة، حتى ولو كان فى النهاية على حساب الوطن، ولهذا فقد انتهى آخر اجتماع بخناقة بين الأحزاب وانسحاب بعضها ومقاطعتها للجلسات، يحدث هذا وسط سعادة غامرة من الحكومة، فلا أحد يملك لومها وحجتها جاهزة: دعوناهم فلم يتّفقوا واختلفوا..
 
 
وطبقًا لهذا السيناريو أمامنا طريقان: إما تأجيل الانتخابات وإما إصدار قانون فى الغالب سيأتى معيبًا ويتم الطعن عليه، وسترفض المحكمة الدستورية بعض مواده ويتم وقف الانتخابات لحين إجراء تعديلات أخرى عليه، وأما الأحزاب فحجتها واضحة: الحكومة لا تريد أن تستمع إلى ملاحظاتنا، وبالتالى إن لم يأتِ القانون على هواها، فإما مقاطعة الانتخابات وإما السعى لتأجيلها، خلافات الأحزاب حول القانون كثيرة، مثلًا بعضها يرفض تعديل النص الخاص بالقوائم ويطلب استمرارها كما هى أربع قوائم فقط، حتى لو كانت إحداها من الجيزة إلى حلايب وشلاتين، وذلك لأنهم «سستموا» أمورهم ووضعوا أنفسهم فى قائمة يظنّون أنها الناجحة، وحجتهم أن المحكمة الدستورية أقرّت المواد الخاصة بالقوائم وعددًا من المواد الأخرى، وأى تغيير بها قد يعرضها لعدم الدستورية، وينسى هؤلاء أن المحكمة لم تحكم بدستورية هذه المواد، وإنما رفضت نظر الطعن لإقامته من غير ذى صفة، وهو ما يجعل هذه المواد معرضة لعدم الدستورية إذا أُقيمت الدعوى ممن له صفة، والبعض الآخر من الأحزاب يطلب تعديل القوائم لتصبح ثمانى، وهو أمر يؤخّر إجراء الانتخابات ولا يعفيها من الطعن عليها دستوريًّا، وآخرون يطالبون بزيادة عدد مقاعد البرلمان بدعوى أنها الوسيلة الوحيدة لحل مشكلة عدم دستورية تقسيم دوائر «الفردى»، ولا يخلو الأمر من زيادة الفرص فى دخول مجلس النواب والفوز بعدد من المقاعد، وهكذا يبدو فى الظاهر أن الجميع يسعى لإجراء الانتخابات بجديّة، الحكومة تريد أكبر قدر من الديمقراطية، والأحزاب تسعى نحو قانون أفضل، ولكن الحقيقة أن الجميع يرغب فى تحقيق مصالح خاصة وضيّقة، الحكومة لا تريد برلمانًا إلا لو كان على هواها ولا يسبّب لها صداعًا أو يرفض قوانين تريد إصدارها، والأحزاب جميعها تدرك أنه ليس لها وجود حقيقى فى الشارع، وأن إجراء أى انتخابات حقيقية تعرضها للفشل الذريع ولا حل أمامها إلا فى قانون يتيح لها نوعًا من الوجود والتمثيل فى البرلمان المقبل، ويشارك جميع الأحزاب فى هذا الوضع رغم الجهود الطيبة لبعضها، والتى تقودها شخصيات سياسية معروفة بأفكارها الجذابة ومواقفها الوطنية، إلا أن التحامها بالمواطن البسيط ضئيل للغاية، مما يقلل من فرص نجاحها إذا جرت الانتخابات فى ظل هذه الظروف، إذن ما الحل؟ أعتقد أنه لا بد من إعداد قانون كامل جديد للانتخابات وعدم ترقيع القانون الحالى الذى صدر معيبًا وولد ميتًا، وبدلًا من الحوار المجتمعى الفاشل يقوم كل حزب بتقديم مقترح مكتوب إلى لجنة إعداد القانون، وليتها لا تكون لجنة الهندى وزير العدالة الانتقالية، والتى أعدّت قانونًا معيبًا من قبل، والأفضل تشكيل لجنة قانونية مستقلة عن الحكومة والأحزاب ومحايدة وفنية تتولّى إعداد القانون على أن تراعى فيه مواجهة كل الطعون التى أخذت على القانون الحالى، وأن يحال قبل إصداره إلى المحكمة الدستورية للبت فيه، ولو أخلصنا النيات فإنه يمكن الانتهاء من القانون خلال شهر وإجراء الانتخابات بعد شهر رمضان، على أن يكون لدينا برلمان فى شهر أكتوبر القادم.



تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز