عاجل
الثلاثاء 14 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

رؤوس أسطوانية

د. إبراهيم مرجونة
د. إبراهيم مرجونة

تعددت وتنوعت أشكال الجمال في إفريقيا، وكل قبيلة لها عادات وتقاليد خاصة بها، ففي قبيلة مانجيبتو التي تعيش في شمال شرق الكونغو، وضعوا مواصفات خاصة للجمال، وهي أن تكون مؤخرة رأس الشخص أسطوانيةً طويلة.



قبيلة الرؤوس الطويلة من أغرب القبائل

قبيلة مانجيبتو الإفريقية تعيش في إفريقيا الوسطى، وفي شمال شرق الكونغو الديمقراطية- زائير سابقًا- ورواندا- وكان لهم معتقد بأن شكل الجمجمة ممدودة مع الجبهة يرضي الآلهة، وتطور هذا المعتقد بمرور الزمن بأن هذا يزيد من التجويف المحيط بالمخ، الأمر الذي يزيد من ذكاء الإنسان فضلًا على أنه أكثر جمالًا للمرأة والرجل على حد سواء- وكانت عملية استطالة الرأس في البداية تخص الطبقة الحاكمة، تمييزًا لها عن بقية الشعب- لكنها انتشرت فيما بعد- ويعتقد بعض الباحثين أن هذه العادة انتقلت إليهم من المصريين القدماء، مستدلين بشكل رأس نفرتيتي وأخناتون وتوت عنخ آمون، فتبدو جماجمهم ممدودة للخلف- وطورت قبيلة مانجيبتو طريقة فريدة لتطويل الرأس إلى الخلف لتأخذ الشكل الأسطواني فتبدأ عملية تطويل الرأس منذ الولادة، حيث تلف رأس المولود بقطعة قماش بإحكام، ثم تتغير وسائل الشد تدريجيا باستخدام الجلود أو الخشب أو الحبال- وبدأت هذه العادة في الانقراض تدريجيًا منذ عام 1950م لأن الاستعمار البلجيكي منع هذه العادة لأنها عمل غير إنساني، لكن بقيت تسريحات الشعر المختلفة التي تميز المانجيبتو عن بقية القبائل.

أما عن تفاصيل طريقة عمل الرؤوس الأسطوانية فهي تبدأ مع مرحلة الطفولة، لأن عظام الطفل في هذه المرحلة تكون سهلة التشكيل، فكانت الأمهات تربط رؤوس الأطفال بقوة بقطعةٍ من القماش، تُعرف عندهم باسم "ليبومبو"، ويظل الطفل بها فترةً من عمره حتى تنمو رأسه على شكلها الأسطواني.

الرؤوس الأسطوانية المميزة لقبيلة المانجيبتو ليست طفرةً جينيةً ولا مشكلةً وراثيةً، لكنها فكرةٌ جماليةٌ اصطنعوها ويعتقدون فيها أن شكل الشخص يكون أكثر جمالًا وتميزًا وذكاء عن بقية البشر، وأيضًا إرضاء للاَﻟﻬﺔ.

في البداية كانت الأسرة الحاكمة في القبيلة المسموح لها فقط بالحصول على رؤوسٍ أسطوانية، وكان يتم تمييزهم وتفرقتهم عن البقية بهذه الطريقة، لكن مع مرور الوقت لم يقتصر الأمر على الطبقة الراقية فقط، بل شمل كل أفراد المانجيبتو بإعطاء أطفالهم تلك الرؤوس.

انتشرت هذه العادة حتى خمسينيات القرن الماضي، لكنها بدأت تقل؛ بسبب توافد الأجانب، أما شعب مانجيبتو الأصليون فما زالوا محتفظين بها.

قبيلة مانجيبتو تسكن شمال شرق الكونغو، وتتوزع في الغابات وأرض السافانا، ويعملون في زراعة البن والفول السوداني والأرز والموز والذرة ونخيل الزيت، ويربون الحيوانات الصغيرة، كما يعملون بصيد الحيوانات البرية وصيد الأسماك.

قبيلة مانجيبتو لديهم نظام عقدي تقليدي خاص بأفكار السحر والشعوذة، إذ إنهم يعتقدون أن قوة ما تكمن في آخر نقطة من الأمعاء الدقيقة التي ترثها الفتاة من أمها ويرثها الولد من أبيه.  

أستاذ التاريخ والحضارة الإسلامية – بكلية الآداب جامعة دمنهور  

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز