عاجل
الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

دينا توفيق تكتب: يا حواء

دينا توفيق
دينا توفيق

كل ما تحتاجه "حواء"، هو حقيبة سفر صغيرة تحملها معها، ونظارة شمس تحب أن ترتديها وهي جالسة أمام البحر.. إنها تريد أن تقذف فيه كل همومها وآلامها وتشكو له كل أحزانها وأفراحها.. فهو دائما يسمعها ويحفظ سرها.. أغمضت حواء عينيها التي تشبه اتساع البحر على منظر الأمواج، فهي تشعر أنها تعيش الحياة مثل تلك السفينة التي تصطدم بأمواج البحر، فهي قد ترتفع أو تنخفض بسبب شدة الأمواج، وبالرغم من هذا تعمل جاهدة من أجل الحفاظ على توازنها.. الشيء نفسه تقوم به حواء، فبالرغم مما تتعرض له في الحياة من إحباطات، إلا أنها ترفض الاستسلام.



لقد قررت "حواء" أن ترمي كل متاعبها في البحر الواسع لعله ينقلها بعيدًا عن شاطئها.. فهي تريد أن تفرح وتعيش حياة خالية من الهموم.. لم يعد لديها القدرة للجدال الطويل والنقاش الكثير.. لم يعد لديها الرغبة في العتاب، و"المناهدة".. لن تقبل بعد الآن التواجد في مكان تفتقد فيه الراحة، فراحتها النفسية صارت هي الأهم.. لن تقبل بعد الآن سماع أي كلمات مؤذية من أصحاب النفوس المريضة، لأنها ببساطة قررت أن تحب نفسها.. لقد تحملت حواء كثيرًا وتظاهرت بأن كل ما حدث لها أمر عادي، بينما كان في الحقيقة يؤلمها جدًا.. لكنها أدركت مع مرور الوقت أن نهاية الشيء أفضل بكثير من استمراره بشكل باهت.. لذا لم تعد حزينة لخروج بعض الأشخاص من حياتها، لأن لديها اليقين أن الله أبعد عنها هؤلاء الأشخاص لأنها تستحق الأفضل.. إنها تستحق أن تكون بالقرب فقط مع من يشبهها.. لقد كانت "حواء" بخير لولا اختيارها الخاطئ، لكن هذا هو حال القلوب النقية، فهي كثيرًا ما يتم خداعها، وأسوأ ما يواجه المرء هو أن يُعاقب على طيبة قلبه.. لكن تأكدي يا عزيزتي أن التجارب السيئة هي التي تقودنا بعد ذلك للعلاقات السليمة.. وربما كان عزاؤك الوحيد أن الله أنقذك في الوقت المناسب.. فمازالت الحياة مستمرة ومازال الأمل موجودًا.

ابتسمي يا "حواء" ولتنسي كل ما بقلبك من نقاط سوداء، وتأكدي أنه يمكنك عبور البحر بمجرد الوقوف والتحديق في الماء.. فالبحر يأخذنا بعيدا عن دنيانا إلى مكان بعيد ننسى معه همومنا وأحزاننا.. وعندما نصطدم بأمواجه نشعر بأننا نحيا من جديد، حيث تأخذنا تلك الأمواج إلى وديان من الحب والطاقة الإيجابية.. سيظل يا "حواء" البحر هو غايتك وملجأك حين لا تجدين من يستوعبك.. فبمجرد النظر إليه تشعرين بالراحة والطمأنينة.. لم تكن حياتك على وتيرة واحدة، وإنما هي كأمواج البحر، فكما هناك مد وجزر، كانت حياتك يتخللها الفرح والحزن.. أما منظر غروب الشمس فوق البحر فهو وحده كفيل بأن ينسيكِ كل هموم العالم.. ويجعلك تشعرين بالسكينة التي طالما كنتِ تبحثين عنها.

إن أمواج البحر الهائج يا حواء تشبه نفسك الثائرة بكل ما فيها من تقلبات وجنون وغضب، فالبحر الهائج لا يستطيع أي أحد أن يجعل أمواجه تهدأ قليلًا.. المهم هو أن تتعلمي يا عزيزتي الإبحار مع الرياح العالية، فأنتِ تمتلكين الجرأة، فلا تترددي في عبور البحر ولتبتعدي عن الشاطئ، راقصي الأمواج، رافقي تحركات البحر ودعي إيقاع الماء يحرر روحك.. وثقي أن الأمواج ستمحو وتزيل جميع همومك وأحزانك.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز