عاجل
الثلاثاء 19 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
فن الدبلوماسية وإتيكيت التصميم الداخلي

فن الدبلوماسية وإتيكيت التصميم الداخلي

رُبَّ سائلٍ يسأل: ما علاقة فن الدبلوماسية بعلم ومفاهيم التصميم الداخلي؟ وهل يُعد التصميم الداخلي من الأولويات للدبلوماسي وكبار الشخصيات؟ ولماذا تتسارع الآن المعاهد الدبلوماسية لتدريس هذه المفاهيم في محاضراتها وحلقاتها؟!



يُعد التصميم الداخلي الكاريزما والمرآة التي تعكس ثقافة وطبيعة وذوق الشخص أو العائلة أو ربة المنزل التي تملك ذوقًا مرهفًا وإحساسًا عاليًّا في مفاهيم التصميم الداخلي، وقد تعلمنا من المعهد الدبلوماسي البريطاني أن قبل التطرق إلى التصميم الداخلي واختيار الألوان وتنسيق الأثاث، علينا أن نعرف طبيعة ونفسية وصفات ووظائف الأشخاص قبل المساحة الهندسية.

نتعرف أولًا عن التصميم الداخلي: هو تصميم الفراغات والمساحات والديكورات الداخلية لجعله أكثر راحة وجمالًا، سواء داخل الغرف أو المكاتب أو المولات أو المنازل.

يبدأ التصميم الداخلي من الباب والنافذة والسقف والجدران والستائر والضوء والأثاث واللوحات الفنية واختيار الألوان، وإيجاد الانسجام والتناغم بينهم.

والمعروف أن هناك فرقًا كبيرًا وجوهريًّا بين فن الديكور وفن التصميم الداخلي، حيث الديكور يهتم بالنواحي الجمالية للمكان، أما التصميم فيهتم بالناحية الوظيفية ويُلبِّي رغبات واحتياجات الإنسان. تتفاخر المدارس والمعاهد الدبلوماسية بتوقيع الاتفاقيات الثنائية مع مدارس التصميم الداخلي؛ لغرض وضع اللمسات الجميلة والراقية وذات الأحاسيس الهادفة التي تعكس شخصية الدبلوماسي الإيجابية وطبيعة تفكيره وثقافته وذوقه العام، كل هذه المفردات تحرص أن تكون في منزله أو مكتبه حتى أن الزائر سوف ينبهر من جمالية المكان ويأخذ انطباعًا راقيًا عن هذا الدبلوماسي وليفهم شخصيته دون النطق بكلمة واحدة.

مدارس التصميم الداخلي تعتمد كثيرًا على مفاهيم علم النفس الاجتماعي ورغبات وسلوكيات الشخص المراد أن يعمل له التصميم، فتدرس الأوجه الآتية: مهنة الشخص، العمر، والعائلة عدد الأفراد، الخلفية الثقافية والعشائرية إن وجدت، المساحة الهندسية والتكلفة المالية.. وغيرها.

يراعى المصمم الداخلي ما يلي: إيجاد صفات مشتركة في الأجسام الموجودة في مكان واحد، وإيجاد توازن في توزيع المسافات معتمدًا على اللون والشكل والخط والضوء والظل وعدد الشبابيك وحجمها والأبواب بحيث يكون هناك توازن في الأشكال (مربعات، مستطيلات، مثلثات.. وغيرها)، وبالتالي فإنَّ الخطوط والشكل والضوء واللون والنمط يلعب دورًا أساسيًّا في عكس صورة وثقافة الشخص، ومثال ذلك، إذا دخلنا بيت أحد زملائنا من الكادر الدبلوماسي ونجد أثاث بيته هادئًا وبسيطًا وتناسقًا وتناغمًا باللون بين الجدران والسقف والستائر والأبواب، بالإضافة إلى اختيار أماكن ونوعية الإكسسوارات من لوحات وفازات وطاولات، وبالتالي سوف يكون رد فعلنا وتقييمنا لهذا الشخص بأنه ذو خلفية أكاديمية طيبة وذوق جميل ومشاعر هادئة وحس مرهف، عكس الشخص الذي ندخل بيته ونرى المجلس عبارة عن مجموعة كبيرة مختلفة من الألوان يبدأ من ضخامة قطع الأثاث واختلاف أحجامه وارتفاعاته مع الطاولات كأننا في محال متخصصة لبيع أنواع مختلفة من الأثاث واللوحات الفنية التي ليس لها علاقة بلون الستائر، بالإضافة إلى عدم وجود تنسيق مع لون الجدران والمساحات الأخرى، مما يعطي انطباعًا لدينا بأن هذا الشخص بأنه مشتَّت الأفكار وليس لديه الخبرة والثقافة الأكاديمية والحس المرهف في هذه المجالات، وأنه مجرد تبذير وإسراف مالي لا مبرر له، لذلك تركز دوائر المراسم أو التشريفات على مفاهيم جمالية مكاتب كبار الشخصيات وصالات الاستقبال والاجتماعات لما تعكس ثقافة وخبرة ومهنية الشخص.

بدأت مفاهيم التصميم الداخلي تشغل أهمية كبيرة ليس فقط للمدارس والمعاهد الدبلوماسية؛ لكونه يعكس ثقافة وذوق ومهنية الدبلوماسي، ولكن بدأ كبار الشخصيات اهتمامهم لمكاتبهم أو صالات السفارات وأماكن الاستقبال والاجتماعات وقاعة الاحتفالات، وأول من اهتم بمدارس التصميم الداخلي هي شركات السيارات الفارهة وذات تاريخ عريق وسمعة كبيرة، حيث بدأوا بضخ أموال طائلة لتطوير هذا المفهوم الذي كان حكرًا في الكليات المعمارية والهندسية ليتحول بعد ذلك إلى مدرسة متخصصة لنشر هذه الثقافة، وبدأت القصور الملكية والعوائل الارستقراطية الاهتمام بالمختصين بهذا العلم حتى أن الحدائق الخارجية لكثير من القصور والقلاع تستعين بالمبدعين لغرض إظهار جمالية هذه الأماكن.

أما إدارة التشريفات أو المراسم في القصور الرئاسية فهي تستعين بمدارس التصميم العالمية المعروفة لوضع البصمات الجميلة والمميزة بالنسبة لألوان الأثاث وأماكنها، وكذلك الستائر واللوحات الفنية، بالإضافة إلى أماكن وضع الزهور وألوانها، وتتبارى الكوادر القيادية والمناصب العليا كثيرًا بجمالية وهيبة مكاتبها وغرف الاجتماعات وغرف الاستقبال لأنها تعكس ذوق وشخصية الإنسان أو الشخص المسؤول، حتى قسم من السفراء كان يدقق في ارتفاع الكراسي على الأرض وبالتنسيق مع ارتفاع الطاولات المجاورة له؛ لما له أهمية في إظهار جمالية المكان.

لم يقتصر التصميم الداخلي على السفارات ومنازل الدبلوماسيين وكبار الشخصيات في الدول، بل بدأ ينتشر بسرعة كبيرة بالدول العربية، وخصوصا في سلطنة عمان الحبيبة بين عامة الناس وحتى في المباني الجديدة لكبار الشركات والشركات الناشئة؛ لكي يعكس جمالية وذوق وشخصية الشركة، وتعدى إلى أكثر من ذلك بالاستعانة بالمصممين للفيلا الجديدة حتى يضعوا لمساتهم الجميلة بخصوص تناسق الألوان بين الجدران والسقوف والستائر والأثاث وحتى لون الباب الموجود، بالإضافة إلى ما يعلق من لوحات وألوانها على الجدران.

وفي الختام، فإن فن الدبلوماسية يعتمد كثيرًا على مفاهيم وأُسس التصميم الداخلي في ورش إتيكيت تناسق الألوان؛ لكونه يمسُّ حياة وثقافة الدبلوماسي على مختلف الدرجات لكون يمثل دولة.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز