عاجل
الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

د.إيمان بيبرس تكتب: لا تصالح مع المغتصب ولو منح الذهب

لا تصالحْ! ..ولو منحوك الذهب أترى حين أفقأ عينيك ثم أثبت جوهرتين مكانهما.. هل ترى...؟ هي أشياء لا تشترى.. لا أجد أكثر من هذه الأبيات للشاعر أمل دنقل لأفتتح بها مقالي، الذي أكتبه بعد ما سمعته حول وجود نية للتصالح في إحدى قضايا الاغتصاب التي ظهرت خلال اليومين الماضيين، فقد ثار غضبي واستيائي مما سمعته حول ما أثير بالخطأ من إلزام محكمة جنايات مرسى مطروح أحد المتهمين باغتصاب فتاة، بالزواج منها ودفع مهر ومؤخر وذهب وقائمة منقولات، بما يصل إلى مليون جنيه لإتمام التصالح، ولكن محكمة استئناف الإسكندرية خرجت في بيان رسمي لها، كشفت صحة وملابسات الموقف وما تم تداوله بهذا الشأن، مؤكدة أن والد المجني عليها –وهو وليها- طلب التأجيل لإتمام ما عرضه محامي المتهم، وقد قررت المحكمة تأجيل الجلسة إلى 18 يونيو كطلب الدفاع للتصالح وللمرافعة مع استمرار حبس المتهم. والحقيقة يا عزيزي القارئ، لا أعلم لم عدنا إلى سماع مثل هذه الحلول؟! هل سنتخذ من التصالح مع المغتصب مهربا لحل القضية؟! فهل هذا الحل من أجل حياة الفتاة المغتصبة التي تدمرت؟! أم من أجل إيجاد مخرج للمغتصب من الحكم الذي ينتظره؟! فالذي أريد أن أؤكد عليه أن القانون يا سادة لا يتضمن بشيء من قريب أو من بعيد عن وجود مبدأ للتصالح مع المغتصب، حتى أن المادة 18 مكررًا من قانون الإجراءات الجنائية بخصوص الجرائم التي يجوز فيها الصلح، لم تتضمن أن الاغتصاب من بين هذه الجرائم، وبالتالي لا ينص القانون أبدًا على التصالح في قضية الاغتصاب! فكيف يتم طرحه من الأساس؟!



 

 

وهذه المادة السابقة عزيزي القارئ تجعلنا نفكر لماذا لم يتضمن القانون ويقر بإمكانية التصالح مع المغتصب، رغم أن هذه الواقعة حدثت لفتاة ومن رجل؟ فهي بين طرفين فقط، فقد يستنكر الكثيرون ويتساءلون لماذا لا يتم التصالح إذًا وهي بين طرفين؟!، والحقيقة عزيزي القارئ أن من يسأل هذا السؤال ويطرحه هو محدود التفكير بالتأكيد، لأنه ببساطة يا سادة قضية الاغتصاب هي ليست قضايا شخصية تسقط عقوبتها بموافقة المجني عليها من الزواج من الجاني، ولكنها قضية مجتمعية وأخلاقية تمسنا جميعا، ولو أن القانون كان يبيح هذا كحل للقضية، لكنا أصبحنا أمام المزيد والمزيد من وقائع الاغتصاب لأن الجاني يرى حل ومهرب له مما ارتكبه، وتصبح هؤلاء الفتيات دوما أمام وجه المغتصب لتتدمر حياتهنّ أكثر. وأتمنى حقيقة لو أن يتم محو مفاهيم مثل "قضية شرف" ومفهوم "غسل العار"، وغيرهما من المفاهيم المغلوطة التي نسمعها دومًا في قضايا الاغتصاب، فالحقيقة أن الاغتصاب هو قضية قاسية جدًا وبالغة الأثر في نفوس المجني عليهم، فهي قضية إهانة ومذلة لجسد المرأة وإهدار لكرامتها وهدم لكونها إنسانة، فهذه الحادثة الشنيعة التي تعرضت لها الفتاة لم ولن تنقص من حقوقها كإنسانة طبيعية لها الحق في اختيار شريك حياتها، والقانون يعي ذلك ويفهمه، لذا لم ينص على زواج المجني عليها من الجاني؛ لأن بتزويجها منه فنحن نعطيه الحق أن يغتصبها وينتهكها يوميا طيلة حياتها. والآن ونحن أمام هذه القضية نجد أنفسنا أمام جناية خطف أنثى لم تبلغ الثامنة عشر عاما واغتصابها بغير رضاها، فكيف يتم عرض مسألة زواجها من الجاني وطرحها من الأساس!، أو ليست هذه الفتاة قاصرًا؟!، ألم يعد ذلك تشجيعًا لزواج القاصرات؟!، فالمادة رقم 267 من قانون العقوبات تؤكد أن من واقع أنثي بغير رضاها يعاقب بالسجن المشدد. لذا فنحن في انتظار حكم الحكمة في الجلسة المقررة يوم 18 يونيو 2022، لهذه القضية، وأنا على ثقة في القضاء المصري العادل والمنصف بأنه لن تتم الموافقة على ما أثاره محامي المتهم من زواجه بالمجني عليها القاصر، حيث إن هذا لم ينص عليه القانون، فالقضاء المصري لا يمكن أن يوافق على هذا الفعل أبدًا. ويا سيادة الرئيس، نحن نثق بأن هذا الظلم الواقع على المرأة لا يمكن أن يحدث في عهدك أبدًا، فنحن الآن في العصر الذهبي للمرأة، فأنت حقًا والد لجميع الفتيات في مصر، ونحن معك سوف نقف ونتصدى لنشر مثل هذه الأفكار الهدامة لحياة الفتيات وللمجتمع، فبفضلك أصبحت الفتيات في موقف قوة ولا تهاب من مواجهة التحرش أو الاغتصاب.   

خبيرة دولية في قضايا النوع الاجتماعي والتنمية الاجتماعية

وخبيرة في تطبيق التنمية المستدامة في المناطق العشوائية

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز